مولانا : الصديق عثمان القاسم يكتب : دراسة حول قانون تشجيع الإستثمار لسنة 2021م
مولانا : الصديق عثمان القاسم يكتب : دراسة حول قانون تشجيع الإستثمار لسنة 2021م
مولانا : الصديق عثمان القاسم
تعتبر قوانين الاستثمار من أهم القوانين في الدول النامية لذلك تعمل هذه الدول علي توفير ظروف مواتية ومشجعة لجذب الإستثمارات الوطنية والأجنبية علي السواء، وتحرص هذه الدول علي تحسين نظامها القانوني من خلال اصدار قانون للإستثمار يوفر الحماية لتلك الاستثمارات ويمنحها الضمانات والمزايا المختلفة التي من شانها بث الثقة والطمأنينة وتشجيع المستثمرين علي الاستثمار في اراضيها.
لذلك كان من المتوقع ان يعمل قانون الاستثمار لسنه2021 علي تهيئة مناخ الاستثمار وان يستفيد من كل الأخطاء التي صاحبت قوانين الاستثمار السابقه, خاصة وان البعض يري ان
هذا القانون يأتي في ظروف انفتحت فيها البلاد علي كل دول العالم مما يدعو للتفاؤل بسعى رؤوس الاموال الوطنية والأجنبية علي الاستثمار بالبلاد .
لذا رأينا إعداد هذه الدراسة الهامة حول القانون مساهمة منا في تجويده باعتباره من أهم القوانين التي تساهم في التنمية الاقتصادية بصورة عامة وتشجيع الاستثمار بصورة خاصة .
وسوف تكون دراستنا حول هذا القانون مقسمة علي النحو الاتي:-
ملاحظات حول بعض مواد القانون.
ملاحظات عامة حول القانون .
اولأ:ـــ الملاحظات حول بعض مواد القانون :–
1-الماده
تفسير:في هذه الماده لدينا عدد من الملاحظات حول بعض الكلمات والعبارات التي وردت فيها وهي:_
(أ)-عبارتي الجهة المختصة والجهات ذات الصلة
حيث عرف القانون عبارة الجهة المختصة بانها الوزارت القوميه او الاقاليم التي لها علاقة بالاستثمار بينما عرف الجهات ذات الصلة بانها الوحدات الحكومية التي لها علاقة بالاستثمار.
يتضح من خلال هذين التعريفين انه لا فرق بينهما فتعريف الجهة المختصة يشمل تعريف الجهات ذات الصلة فالوحدات الحكومية تعتبر جزءأ من الوزارات القومية .
لذا نرى انه كان من الاصوب ان يدمج التعرفين في تعريف واحد ، فكان يمكن ان يأتي التعريف علي النحو الاتي :
الجهات المختصة :- يقصد بها الوزارت القومية لوحدات الحكومية او الاقاليم التى لها علاقة بالاستثمار.
(ب) عبارة الخارطة الاستثماريه القومية: حيث عرفتها المادة 3 بانها (الوثيقة التي تحدد خطة الاستثمار والخارطة الاستثمارية.
المأخذ علي هذا التفسير انه لم يعرف الخارطة الاستثمارية وانما بين انها تعني الوثيقة التي تحددها، ولو نظرنا لقانون تشجيع الاستثمار القومي لسنه 2013 (الملغي) لوجدناه يعرف الخارطة الاستثمارية القومية بانها( الوثيقه التي تحدد السياسات والموجهات العامة والموارد المتاحة للاستثمار) فهذا تفسير واضح وجامع وشامل
(ج) عبارة غرفة عمليات الارض الاستثمارية
عرف القانون هذه العبارة بانها (وحدة الارض الاستثمارية للتنسيق مع الولاية لتحديد الارض الاستثمارية).
يؤخذ علي هذا التفسير ان تسمية المصطلح في الماده 3 تختلف عن تسميتها في المادة 13 فالتسمية في المادة 3 (غرفة عمليات الارض الاستثمارية ) بينما التسمية في المادة 13(غرفة عمليات الأراضي الإستثمارية )
(د) عبارة المال المستثمر:
جاء تعريف هذه العبارة قاصر فهو لايشمل حقوق الملكية الفكرية والحقوق العينية التي تتضمن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة والعلامات التجارية وبراءت الاختراع، والنماذج الصناعية وكل هذه الحقوق قد تستخدم في إنشاء المشروعات وكان يجب ان يصبغ عليها المشرع صفة المال المستثمر حتي لاتفقد ميزة التمتع بالإمتيازات والضمانات الممنوحة للمال المستثمر .
(هـ) الشركة :-
عرف القانون الشركة بانها شركة التأمين علي الاستثمار الوطني والأجنبي المنصوص عليها باحكام الماده27 (2)
الملاحظات حول هذه التعريف هي :-
1- الشركة المعنية سماها القانون(شركة الضمان التأميني للاستثمار) وذلك حسب عنوان الماده27 ، وسماها شركة(ضمان التأمين) وذلك حسب نص الماده 27(1) فكان يتوجب علي المشرع توحيد التسمية .
الاشارة الى الماده 27(2) في تعريف الشركة غير صحيح وذلك لان الشركة انشئت بموجب الماده27 (1)وليس 27(2).
2- جرى العمل في الصياغة التشريعية في السودان ان تتم الصياغة في مثل هذه الحالات كالاتى:-
الشركة : يقصد بها شركة الضمان التأميني للاستثمار المنشأة بموجب الماده 27(1) من هذا القانون
(و) مفوض الاستثمار :ـــ
عرفه القانون بانه الشخص المسؤول عن شؤون الاستثمار ويتبع فنيا للوزارة.
المنسق:ــ عرفه القانون بانه ممثل الجهة الفنية المختصة بالاستثمار بالنافذة الواحدة.
من خلال تتبع النصوص التي وردت بها عبارة (مفوض الاستثمار) وكلمة المنسق يتضح ان القانون خلط بين هذين المصطلحين، فالقانون نص في الماده11 (1) على ان يعتبر منسقو الاستثمار مفوضين تفويضأ كاملأ من الجهات التي يمثلونها
كما اننا نجد القانون ينص في الماده 11(2) علي ان يتبع المنسقون فنيا للوزارة وإداريا للجهات التي يمثلونها مع العلم بانه جعل مفوض الإستثمار يتبع ايضأ فنياً للوزارة.
عبارة مفوض الاستثمار وردت مرة واحدة بالقانون بالماده14(1) التي نصت علي أن (ينشأ بقرار من الوزير المختص غرفة عمليات الاستثمارات الولائية برئاسته وعضوية مفوض الاستثمار بالولايات) والسؤال الذي يفرض نفسه اذا كان مفوض الاستثمار يعمل مع الوزير المختص بالولاية المعنية فهل يتبع فنيا أيضا لوزارة الاستثمار والتعاون الدولي؟
نري ضرورة الغاء هذين المصطلحين وتوحيدهما في مصطلح واحد اما (مفوض الاستثمار)او (منسق الاستثمار).
2.الماده 6(1)
تنص هذه المادة علي الاتى:-
ينشأ جهاز يسمي (جهاز الاستثمار وتنمية القطاع الخاص والوحدات التي يشرف عليها)
الملاحظات بهذه المادة ان تنمية القطاع الخاص لم يرد بشأنها اي نص من النصوص التي تناولت اختصاصات الجهاز وانما وردت بعض الاشارات اليها في المبادئ العامه للقانون لذا فان عبارة (وتنمية القطاع الخاص)يجب الا تدخل في تسمية الجهاز.
ايضا نجد ان القانون ادخل الوحدات التى يشرف عليها الجهاز في اسم الجهاز وهذا امر مستغرب فالوحدات التي يشرف عليها الجهاز وردت في البند(2) من الماده 6 وبالتالي فانها لا تدخل في اسم الجهاز.
3.المادة (8) :-
نصت المادة (8) من قانون الاستثمار لسنه2021 علي إختصاصات الوكيل وسلطاته وهنالك عدة ملاحظات حول هذه المادة وهى:-
(1) اقحام الوكيل في هذا القانون تعتبر مسالة غير صحيحة فالوكلاء والامناء العامين للوزارت لهم إختصاصات معروفة نص عليها قرار رئيس مجلس الوزراء الانتقالي رقم (70) لسنه 2019(الجهاز التنفيذي الانتقالي – أهدافه وإختصاصاته وسلطاته ووحداته)
فقد نص هذا القرار بالملحق 4 علي مهام وإختصاصات الوزير ووزير الدولة والامين العام والوكيل.
ويبدو ان القانون اراد ان يكون الوكيل المسؤول التنفيذى للجهاز ولكن فات على المشرع إن الجهاز له شخصية إعتبارية، فاذا كان المقصود ان يكون الوكيل المسؤول التنفيذي للجهاز كان يجب النص علي تعيينه في القانون كما هو الحال في قانون تشجيع الإستثمار القومي لسنة2013(الملغي) حيث نص على تعيين الأمين العام للجهاز بمادة في القانون .
(ب) صياغه الماده 8 جاءت مبهمة وغير واضحه فقد نصت الماده 8 على الاتي:-
يكون الوكيل هو التنفيذي الأول المسؤول عن اداء اعماله.
فما المقصود بعبارة ( اداء اعماله) في هذا النص؟
هل المقصود اعمال الوكيل نفسه؟ اذا كان الامر كذلك فهذه لا شأن لها بقانون الاستثمار فالوكيل له مسؤوليات اخرى تتعلق بالتعاون الدولى والأسواق الحرة
اما اذا كان المقصود ان الوكيل هو التنفيذي الاول المسؤول عن اداء اعمال الجهاز المنشأ بموجب الماده 6 (1) من القانون فكما قلنا فان الجهاز له شخصية اعتبارية والوكيل لم يعين في هذا الجهاز وبالتالي لايجوز ان يكون هو المسؤول التنفيذي الاول عن اعماله.
(ج)نصت الماده 8 (ب) من ضمن اختصاصات وسلطات الوكيل (اتخاذ الاجراءات الادارية اللازمه الخاصة باداء المجلس)
يبدو ان المقصود اداء الجهاز لان قانون الاستثمار لسنه 2021 لم ينشئ اي مجلس كما كان الحال في قانون تشجيع الإستثمار لسنة 2013 (الملغي)
4.المادة 14 :-
لدينا ملاحظتين حول هذه المادة:-
الاولى:-
ان الماده 14 نصت على إنشاء غرفة عمليات الاستثمارات الولائية برئاسة الوزير المختص وعضوية مفوض الاستثمار بالولايات.
كان يجب ان ينص القانون على (الولاية المعنية) بدلأ من(الولايات) لان النص
بوضعه الراهن يفهم منه أن مفوض الاستثمار شخص واحد لكل الولايات وهذا ليس صحيحا لان الوزير المختص هو الوزير المعني للاستثمار في الولاية المعنية وبالتالي يكون مفوض الاستثمار بالولاية المعنية وليس بكل الولايات.
الثانية
ينص البند 2 من المادة 14 على إختصاص الغرفة بضبط وتطوير وتنسيق العلاقة بين (الوزارة)والولايات تحقيقأ للأهداف القومية للاستثمار واذا رجعنا الى تعريف غرفة الاستثمار الولائية الوارد بالماده 3 نجده كالاتي:-
يقصد بها غرفة عمليات توثيق وتنسيق العلاقة بين(الجهاز) والولايات.
لا ندري ماذا تفعل هذه الغرفة هل تنسق مع (الوزارة) إنصياعا للماده 14 (2) ام تنسق مع الجهاز عملأ باحكام الماده 3
5.المادة 15(1) :-
نصت هذه المادة على الاتي:-
(تعد الوزارة الاستراتجية القومية للاستثمار بعد كل خمس سنوات بالتنسيق مع الوزارات بالتشاور مع الجهات المختصة بالاستثمار واصحاب المصلحة وتجيزها الهيئة التشريعية.
الملاحظات حول هذه المادة تتمثل في الاتي:-
1- كلمة (بعد) التى جاءت قبل عبارة (خمس سنوات) تزيد لامعنى له فالاستراتجية القومية للاستثمار تعد كل خمس سنوات وليس بعد كل خمس سنوات
2- (عبارة بالتشاور مع الجهات المختصة) صياغتها غير محكمة فالاصوب القول (والتشاور مع الجهات المختصة)
5- اذا كانت خطة الإستثمار السنوية تعدها الوزارة ويجيزها مجلس الوزراء حسب نص المادة 16(1) اليس من باب اولي ان تجاز الاستراتجية القومية للإستثمار من قبل مجلس الوزراء قبل عرضها علي (الهيئة التشريعية)
د. اكبر مخالفة وردت في هذا القانون وهي مخالفة دستورية ما نصت عليه هذه المادة بان تجيز الهيئة التشريعية (الإستراتجية القومية للإستثمار)
فالمعلوم ان الوثيقة الدستورية هي القانون الأعلي بالبلاد وتسود أحكامها علي جميع القوانين فيجب الا تخالف هذه القوانين الوثيقة والا اصبحت غير دستورية، فالماده 15(1)
خالفت الوثيقة الدستورية عند إشتراطها إجازة الإستراتجية القومية للإستثمار من ( الهيئة التشريعية) فالوثيقة الدستورية سمت السلطة التشريعية (المجلس التشريعي الإنتقالي )وليس الهيئة التشريعية التي تعني وجود برلمان يتكون من مجلسين او أكثر، ففي دساتير السودان للأعوام 1953 و1956 نجد الهيئة التشريعية تتكون من مجلس السيادة ومجلسي الشيوخ والنواب، وفي دستور 1964 نجد الهيئة التشريعة تتكون من الجمعية التأسيسية ومجلس السيادة، وفي دستور 1985 تتكون الهيئة التشريعية من رأس الدولة والجمعية التأسيسية، وأخيرا نجد الهيئة التشريعية في دستور 2005 تتكون من المجلس الوطني ومجلس الولايات
وحقيقة استغربت اشد الاستغراب ان يرد مثل هذا الخطأ الفادح في هذا القانون خاصة
وان صياغته تمت بوزارة العدل .
6- الماده 16 (الخطه السنوية للاستثمارات)
تنص هذه المادة على الاتي :-
1- .تعد الوزارة خطة للإستثمار السنوية بالتشاور مع الجهات المختصة وتجاز بواسطة مجلس الوزراء .
2- .تتضمن خطة الاستثمار السنوية المنصوص عليها في البند( 1…
3.تلتزم كل الجهات بتوفير المعلومات اللازمة لإعداد الخطة الاستثمارية السنوية
نلاحظ من خلال هذا النصوص أن عبارة الخطة السنوية للإستثمار جاءت بصيغ مختلفة وذلك على النحوالتالى :-
في عنوان المادة جاءت (الخطة السنوية للاستثمار)
في البند 1 جاءت ( خطة الاستثمار السنوية)
في البند 2 جاءت (خطة الاستثمار السنوية)
في البند 3 جاءت (الخطة الاستثمارية السنوية)
وهذا الامر يخالف قواعد الصياغة التشريعية السليمة التى توجب (على الصائغ الالتزام بالثبات فى استخدام المصطلحات والكلمات فى مواد التشريع كافة)
7-المادة 17(3):
ينص البند (3) من الماده 17 على ان تتم اجازة الخارطة الاستثمارية القومية بوساطة الهيئة التشريعية
ماسبق ان قلناه في تعليقنا على الماده (15) ينطبق على هذا البند ونضيف بأن تكرار الهيئة التشريعية يدل على انها لم تكن خطأً عارضاً
كما نرى ايضاً ضرورة ان يجيز مجلس الوزراء الخارطة قبل اجازتها من قبل (الهيئه التشريعية)
8-المادة 20 :
هنالك ملاحظتان في هذه المادة الاولي تتعلق بالبند (د )والثانية بالبند (هـ)
اولاً : ينص البند (د) من الماده 20 على ميزة منح الارض حيث نصت الشريحة
(اولاً) على الاتى :
تؤول ملكية جميع الاراضي المملوكة لحكومة السودان ما عدا الاراضي المملوكة ملك حر.
لا ادرى أن كان هذا النص غير مكتمل ام أن الصياغة غير صحيحة.
فهنالك افتراضين في هذا النص :
الاول : أن النص غير مكتمل لانه نص على أن تؤول ملكية جميع الاراضى المملوكة لحكومة السودان ولم يكمل النص
الثانى : أن النص يقصد ان تؤول ملكية جميع الاراضى المملوكة تؤول لحكومة السودان عدا الاراضى المملوكة ملك حر ، مما يعني ان تؤول ملكية جميع الاراضى المملوكة ملكية منفعة لحكومة السودان
فاذا كان النص حسب الافتراض الاول غير مكتمل فلا يمكننا معرفه المقصود منه الا بعد اكماله
اما اذا كان النص يقصد الافتراض الثانى فلنا في ذلك عدة ملاحظات نوجزها في الاتى:
1- هذا القانون هو قانون للاستثمار ولا علاقة له بملكية الاراضى الا بما اتصل بالاستثمار، اما تحديد ملكية الاراضى فهو شأن من اختصاص قوانين اخرى مثل قانون تسوية الاراضى وتسجيلها لسنه 1925 وقانون التخطيط العمرانى والتصرف في الاراضى لسنه 1994 وقانون المعاملات المدنية لسنه 1984
2- ملكية الحكومة للاراضى بالنسبة لملكية المنفعة امر معلوم وهى مسألة نصت عليها القوانين الخاصة بالاراضى والتى ذكرناها في البند السابق.
(ثانيأ) الماده 20 (هـ)(ثانيا) :
نصت هذه الشريحة على ان يكون منح الميزات التفضيلية مشروط وملزم للمستثمر
باستثناء البرنامج الزمنى لتنفيذ المشروع وذلك للمساعدة في متابعة التنفيذ .
تتحدث هذه المادة عن منح الحوافز التفضيلية فتقرر منحها للمستثمر شريطة إستيفائه للبرنامج الزمنى لتنفيذ المشروع ولكن نلاحظ ان النص ادخل كلمة (ملزم) بعد كلمة مشروط فلا ندرى ماذا يقصد القانون من هذه الكلمة, هل منح الميزات التفضيلية ملزم للمستثمر؟
ام ان إستيفاء البرنامج الزمنى لتنفيذ المشروع هو الملزم؟ يبدو أن الفرض الاخير هو المقصود ولكن جاءت الصياغة بطريقة لا توضح قصد المشرع
9-المادة 24
لدينا عدة ملاحظات حول هذه المادة وهى
1- لم يوفق المشرع في عنوان هذه المادة الذى جاء كالاتي (حظر التصرف في المشروع الاستثمارى ) فقانون الاستثمار يجب ان يكون جاذبأ للمستثمر وان يتم اختيار الكلمات والعبارات الواردة بالقانون بعناية وحرص شديدين فكلمة (حظر) قد تكون مخيفة ومنفرة بل قد تكون غير صحيحة لان جميع الإتـفاقيات الدولية والإقليمية تنص علي وجوب منح المستثمر حرية التصرف في مشروعه الإستثماري وهذا العنوان قد يصادم هذا الحق, وحتي لو اراد القانون وضع ضوابط لتصرف المستثمر في المشروع الإستثماري فكان يجب اختيار كلمات اخف و تؤدي نفس الغرض
فمثلا نجد ان قانون تشجيع الإستثمار لسنه 1999 (الملغي) استخدم عنوان (ضوابط الاستثمار) عند معالجته للمسائل التى لايجوز للمستثمر القيام بها، وكذلك نجد قانون تشجيع الاستثمار القومى لسنه2013 (الملغى) استخدم عنوان ( شروط استمرارية التمتع بالترخيص)
2- جاءت صياغة الماده24 ركيكة ولا تليق بقانون يعتبر بوابة البلاد على العالم الخارجى فى مجال الاستثمار فقد نص البند (1) على انه ( لا يجوز للمستثمر بموجب احكام هذا القانون الا بعد الحصول على موافقة مكتوبة من الوزير ووفقأ للفترة الزمنية التى تحددها اللوائح من قيام المشروع اجراء اياً من التصرفات الاتية :
فلا ندرى لما هذا التعقيد فى الصياغة التشريعية التى من أهم سماتها صحة الاسلوب وسهولة العبارة، فمثلأ نجد أن قانون تشجيع الاستثمار لسنة 1999 جاء بالماده 24 بنص مشابه لنص المادة 24 من قانون تشجيع الإستثمار لسنة 2021 ولكنه افضل صياغة واوضح معني فقد نصت المادة 24 من قانون تشجيع الإستثمار لسنة 1999 علي الاتي :
(لايجوز للمستثمر إتخاذ اى من الاجراءت الاتية خلال مدة سريان الترخيص والمميزات الممنوحة بموجب احكام هذا القانون دون الحصول على موافقه مكتوبة من الوزير او الوزير الولائي حسبما يكون الحال
فمثل هذه الصياغة تساعد على فهم المقصود من الماده بسهولة ويسر.
ولو نظرنا ايضا لقانون تشجيع الإستثمار القومي لسنة 2013 (الملغي) نجده صاغ هذه المادة بالجواز وليس المنع فقد نصت المادة 27(1) علي الاتي :
يجوز للمستثمر بموافقة الجهاز، وتوصية من الوزارة المختصة, خلال مدة سريان الترخيص اتخاذ اي من الإجراءات الاتية :
فهذه الصياغة مبسطة وسهلة الفهم كما انها جوزت للمستثمر إتخاذ اي من الإجراءات التي نصت عليها ولكنها تطلبت موافقة الجهاز وتوصية الوزارة المختصة
3- ايضأ نجد خطأ في صياغه الفقرة( أ) البند (1) من المادة 24 ففى البند (1) منع القانون المستثمر من اجراء اي من التصرفات التي ذكرها، ومن ضمن هذه التصرفات ما ورد بالفقره (أ) :
( تعديل او تغيير في حجم المشروع او الغرض الذى من أجله منح الترخيص او نقل المشروع من مكانه المحدد في الترخيص بموافقة الجهة المختصة) فالخطأ فى صياغة هذه الفقرة تمثل في أنه كان يجب ان تأتى كلمتى(تعديل) و (تغي) معرفتين بالالف واللام وذلك تماشيأ مع صياغة بقية الفقرة.
4- نصت المادة 24 (أ) (ج) على انه (لا يجوز للمستثمر بموجب احكام هذا القانون الا بعد الحصول على موافقة مكتوبة من الوزير وفقأ للفترة الزمنية التى تحددها اللوائح من قيام المشروع اجراء اياً من التصرفات الاتية :
(ج) رهن المشروع او المعدات او الماكينات او وسائل النقل التى منحت له بغرض الحصول على التمويل اللازم لدعم المشروع فقط .
السؤال هو هل تمنح الدولة المستثمر معدات وماكينات ووسائل نقل من اجل ان يحصل على التمويل اللازم اما أن هنالك خطأ في الصياغة ادى الى فهم الفقرة على غير مقتضاها .
لا شك أن الفرضية الثانيه هي الارجح لانه لا يعقل أن تمنح الدولة المستثمرين معدات وماكينات ووسائل نقل، فالخطأ الذي وقع فيه المشرع انه بدلاً من النص على عبارة (التى منحت ميزات بشأنها) كما ورد في قانون تشجيع الاستثمار القومى لسنه 2013 (الملغى) نص على عبارة (التى منحت له بغرض الحصول على التمويل اللازم لدعم المشروع)
فبدلاً من ان يعود المنح للمزايا الاستثمارية اصبح يعود على المعدات والماكينات ووسائل النقل مما ادى الى اختلال المعنى.
10. الماده 25 (1) :-
نصت هذه المادة على أن تعد الوزارة السجل الاستثمارى وتسجل فيه كافه الكيانات الاستثمارية المرخص لها طبقأ لاحكام هذا القانون .
نرى انه كان من الاصوب ان ينص القانون على عبارة (المشروع الاستثمارى) بدلاً عن عبارة (الكيانات الاستثمارية) لان القانون استخدم مصطلح المشروع الاستثماري ووضع له تعريف بالماده 3 ولكنه لم يعرف الكيانات الاستثمارية.
11. المادة 27 :
لدينا ملاحظتين حول هذه المادة :
الأولي : تتعلق بانشاء شركة الضمان التأميني للاستثمار المنصوص عليها بالمادة 27(1) فنتسأل ما جدوي إنشاء هذه الشركة ؟ في ظل وجود ثلاثة إتفاقيات تحكم مسالة الضمان التأميني وهذه الإتفاقيات هي :
(أ) اتفاقية الوكالة الدولية لضمان الاستثمار وهي إتفاقية دولية صادق عليها السودان بتاريخ 7/11/1991
(ب) اتفاقية لتشجيع وحماية وضمان الاستثمارات بين الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي وقد صادق عليها السودان بتاريخ 30/5/2002
(ج) اتفاقية المؤسسة العربية لضمان الإستثمار وائتمان الصادرات وقد صادق عليها
السودان بتاريخ 1/4/ 1974
فجميع هذه الإتفاقيات تناولت ما نصت عليه المادة 27 (1) بل ان هذه المادة نقلت نصها من هذه الإتفاقيات، الامر الذي يدعونا لنقول ان هذه المادة لا حوجة لها ويتعين إلغائها فورا.
الثانية تتعلق بالماده 27 (2) :
نصت هذه المادة على انه (يجوز للمستثمر أن يؤمن على المشروع نظير اقساط سنوية تحدد فى النظام الاساسى للشركة ويجوز للوزارة المساهمة في اقساط وفق سلطته التقديرية على أن تكون مساهمة الدولة عبارة عن خصومات من الالتزامات للمشروع تجاه الدولة.
جاءت صياغة هذا النص ركيكة وغير مفهومة, فالنص لم يبين لمن تكون مساهمة الوزارة هل هى للمستثمر ام للشركه؟
كما لم يبين النص صاحب السلطه التقديرية فى المساهمة هل هى الوزارة التى ذكرها النص ام هو الوزير لان النص اورد عبارة (وفق سلطته التقديرية).
12. المادة 33 :
نصت هذه المادة علي الاتي :
يرفع الوكيل للوزير سنوياً في مدة لا تجاوز ستة أشهر من نهاية السنة المالية بيانا بالحساب الختامي مصحوباً بتقرير من ديوان المراجعة القومي للوزير ليقوم بدوره برفعه لمجلس الوزراء.
يلاحظ علي هذا النص انه إستخدم كلمة (للوزير) مرتين، وقد جاءت كلمة (للوزير) الثانية في غير موضعها فخلقت عيباً في الصياغة، فقد كان يجب ان تأتي الصياغة علي النحو الاتي
يرفع الوكيل للوزير سنوياً في مدة لا تجاوز ستة أشهر من نهاية السنة المالية بيانا بالحساب الختامي مصحوباً بتقرير من ديوان المراجعة القومي ليقوم الوزير برفعه لمجلس الوزراء.
13. المادة 34(2)
نصت هذه المادة علي الاتي :
تسري أحكام الإتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الاموال العربية في الدول العربية لسنة 1980 واتفاقية تسوية منازعات الإستثمار بين الدول العربية لسنة 1974م، واتفاقية تسوية منازعات الإستثمار بين الدول ومواطني الدول الاخري لسنة 1965م، والإتفاقية العامة للتعاون الاقتصادي والفني والتجاري بين الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي لسنة 1977م واي اتفاقية اخرى في هذا الشان يكون السودان طرفاً فيها وذلك على اي نزاع قانوني ينشأ مباشرة عن اي من تلك الاتفاقيات .
لقد اوردت هذه المادة اربع اتفاقيات هي :
1. الإتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الاموال العربية في الدول العربية لسنة 1980م.
2. اتفاقية تسوية منازعات الإستثمار بين الدول العربية لسنة 1974م
3. اتفاقية تسوية منازعات الإستثمار بين الدول ومواطني الدول الاخري لسنة 1965م
4. الإتفاقية العامة للتعاون الاقتصادي والفني والتجاري بين الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي لسنة 1977م
وملاحظاتنا في اتفاقيتين هما
اتفاقية تسوية منازعات الإستثمار بين الدول العربية لسنة 1974م :
لقد اخطأ المشرع في عنوان هذه الإتفاقية وفي تاريخ ابرامها، فالإتفاقية عنوانها الصحيح (اتفاقية تسوية منازعات الإستثمار في الدول العربية، وتاريخ ابرامها ليس 1974م وانما ابرمت في القاهرة في اليوم العاشر من شهر رمضان لسنة 1401هـ الموافق السادس من ديسمبر لسنة 2000 وبالتالي تكون الإتفاقية لسنة 2000 وليس سنة 1974م (راجع موقع الشبكة القانونية العربية – الإتفاقيات والمعاهدات)
الإتفاقية العامة للتعاون الاقتصادي والفني والتجاري بين الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي لسنة 1977م :
ولدينا حولها ملاحظتين هما :
1. هذه الإتفاقية ليست هي المعنية بفض منازعات الإستثمار وإنما هي معنية بالتعاون الاقتصادي بمعناه الواسع الذي يعتبر الإستثمار جزءاً منه.
فالإتفاقية المعنية بفض المنازعات هي إتفاقية تشجيع وحماية وضمان الإستثمارات بين الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي ، فهذه الأخيرة هي التي نصت على وسائل فض المنازعات بالمادة (17) والتي تقرأ:
والي أن يتم إنشاء جهاز لتسوية المنازعات الناشئة عن هذه الإتفاقية يحل ما يكون من المنازعات عن طريق التوفيق او التحكيم وفقاً لقواعد الاجراءات الاتية :
2. حتي على افتراض ان الإتفاقية العامة للتعاون الاقتصادي والفني والتجاري بين الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي لسنة 1977م هي المقصودة فان السودان لم يصادق عليها وإنما وقع عليها فقط بتاريخ 14/1/1978م راجع موقع منظمة التعاون الاسلامي – المعاهدات (والاتفاقيات) وبالتالي لا تكون ملزمة .
ملاحظات عامة حول القانون :
اولاً : سلطات وإختصاصات جهاز الإستثمار :-
من خلال الاطلاع على القانون نجد انه انشأ جهاز الإستثمار وجعل له شخصية اعتبارية وجعل الوزير رئيساً للجهاز .
وقد نص القانون علي ان الجهاز هو السلطة العليا المسئولة عن شئون الإستثمار، ومنحه سلطات وإختصاصات واسعة، ولكن رغما عن ذلك اعطى وزارة الإستثمار والتعاون الدولي سلطات وإختصاصات اوسع من الجهاز
وسوف اتناول المواد التي أعطت الوزارة هذه السلطات والإختصاصات ومقارنتها مع السلطات والإختصاصات الممنوحة للجهاز :
1. المادة (9/1) ينشأ بالوزارة نظام النافذة الواحدة.
وحسب نص المادة 12 فان كل الاجراءات المتعلقة بالترخيص وتقديم خدمات للمستثمر تتم عبر النافذة الواحدة، مما يعني ان الجهاز لا علاقة له بالنافذة الواحدة على الرغم من انه السلطة العليا والمسئولة عن الإستثمار .
2. المادة (15/1) تعد الوزارة الاستراتيجية القومية بالإستثمار بعد كل خمس سنوات بالتنسيق مع الولايات بالتشاور مع الجهات المختصة بالإستثمار واصحاب المصلحة وتجيزها الهئية التشريعية .
فالاستراتيجية القومية للاستثمار تعدها الوزارة ويجيزها المجلس التشريعي الانتقالي ولا علاقة للجهاز بها رغم ان من سلطات الجهاز حسب نص المادة (7/أ)
اجازة السياسات العامة والاستراتيجيات والخطط والبرامج الازمة لتحقيق اهداف الإستثمار
3. المادة (16) تعد الوزارة خطة للإستثمار السنوية بالتشاور مع الجهات المختصة وتجاز بواسطة مجلس الوزراء.
وفقا لهذه المادة نجد ان الجهاز لاشان له بخطة الإستثمار التي تعدها الوزارة ويجيزها مجلس الوزراء رغم انه صاحب السلطة العليا المسئولة عن شئون الإستثمار المراد وضع خطته السنوية .
4. المادة 17 (2) و(3) تعد الوزارة والولايات والوزارات القطاعية الخارطة الإستثمارية القومية بالتشاور مع الجهات المختصة واصحاب المصلحة وتحدث كل ثلاثة سنوات .
(3) تتم اجازة الخارطة الإستثمارية القومية بواسطة الهئية التشريعية.
وكما هو الحال في الاستراتيجية القومية للإستثمار فان الوزارة هي التي تعد الخارطة الإستثمارية القومية والمجلس التشريعي هو الذي يجيزها وذلك رغماً عن نص المادة 7(1) (أ) والذي منح الجهاز سلطة إجازة السياسات العامة والاستراتيجيات والخطط والبرامج الازمة لتحقيق أهداف الإستثمار ومتابعة التنفيذ.
5. المادة 25(1) تعد الوزارة السجل الإستثماري وتسجل فيه كافة الكيانات الإستثمارية المرخص لها طبقاً لاحكام هذا القانون.
لاشك ان اعداد سجل استثماري يعد من قبل تهيئة المناخ الجاذب وازالة المعوقات وتسهيل لادارة الاعمال وهذا الامر من صميم إختصاص الجهاز حسب نص المادة 7(1) (ب)
6-المادة 26(2)و(3)
تنشر الوزارة الدليل الاجرائي للإستثمار ومطبوعاته مع الجهات ذات الصلة من خلال الموقع الالكتروني للجهاز
هذا النص أكبر شاهد علي إختصاص الجهاز باعداد الدليل الاجرائي للاستثمار والا لماذا تقوم الوزارة بنشر هذا الدليل بموقع الجهاز الالكتروني أليس لانه هو صاحب الإختصاص ؟
اما البند (3) من المادة 26 فقد ألزم الوزارة بمراجعة الدليل الإجرائي وطالما توصلنا الى ان نشر هذا الدليل من إختصاص الجهاز فان مراجعته تكون من إختصاصه ايضاً وليس من إختصاص الوزارة .
ثانيا : لما كان قانون الإستثمار يتقاطع مع الكثير من نصوص القوانين الأخري والتي منها علي سبيل المثال:
قوانين التصرف في الأراضي
قوانين الضرائب
قوانين الجمارك
قوانين الهجرة
القوانين المتعلقة بالتعامل في النقد الأجنبي وغيرها من القوانين .
فان هذا التقاطع واحياناً التعارض قد يؤثر على تطبيق قانون الإستثمار ويشكل عقبة أمامه، لذا فان هذا القانون يحتاج الى النص علي سيادته على بقية القوانين في حالة تعارضه معها وذلك بالقدر الذي يزيل التعارض، وهذا النص ورد في كل من قانوني الإستثمار لسنة 1999م ولسنة 2013م ونرى ضرورة تضمينه هذا القانون ايضاً.
ثالثا : وردت بالقانون بعض الأخطـأ التي قد تكون مطبعية ، ولكن نري أنه كان يجب مراجعة القانون بعد الطباعة لتصحيح اي أخطاء قد تحدث، وتتمثل هذه الأخطاء في الاتي :
عبارة (إعادة التأهيل) التي وردت في المادة 3 (تفسير) كتبت همزة القطع في كلمة (إعادة) مفتوحة والصحيح إنها مكسورة.
نصت المادة 8(و) من ضمن سلطات الوكيل
إعداد الموازنة السنوية للجهاز و(رفع )اليه للموافقة عليها، وبالطبع الصحيح (رفعها )لان الضمير يعود علي الموازنة.
نصت المادة 20 علي الاتي
(تمنح المشروعات اللإستثمارية التي تحقق المنفعة الإقتصادية وتلتزم بالمبادئ والأهداف الإستثمار)
فكلمتي (بالمبادئ) و(الأهداف) وردتا في النص بالالف واللام والصحيح ان تكتبا بدونهما تماشيا مع سياق النص (بمبادئ و أهداف الإستثمار)
نصت المادة 28 (7) علي الاتي:
(تحدد اللوائح ضوابط و(الأسس) تطبيق المسؤولية المجتمعية )
فكلمة (الأسس) وردت بالنص بالالف واللام والصحيح ان تكتب بدونهما (أسس) تماشيا مع السياق.
وبعد
هذه دراستنا حول هذا القانون الهام جدا فإن اصبنا فمن الله وان اخطانا فمنا ومن الشيطان
ونتمني ان نري نقاشا جادا حول هذا القانون .