مني ابوزيد تكتب : شَرقاً باتجَاه الغَرب..!
مني ابوزيد تكتب : شَرقاً باتجَاه الغَرب..!
“الرجال والشُعوب يتَصرَّفون بحكمة بعد أن يَستنفِذوا جميع الخيَارات الأُخرى”.. أبا أيبان..!
اختيار أحد المارَّة في شوارع الخرطوم – على نحوٍ عشوائي – لسؤاله عن “وصف” بيتٍ أو مِرفقٍ عام، هو من أخطاء العمر التي لا بد أنك قد قُمت بارتكابها، ذات ظهيرةِ حارقة أو أمسيةٍ ماطرة، وأنت تقود أو تركب عربةً باتجاه مكانٍ كنت تقصده لأول مرَّة، أو لعلك زُرتَه غير مَرَّةٍ، قبل أن تُصاب في ذلك اليوم – وعلى نحوٍ مفاجئ – بحالة “مينتال بلوك”، كما يقول “الخواجات”..!
المُهم أن الله قد قدَّر لك أن “يَروح مِنك الوَصف”، كما يقول أهلنا. هنا يتكرّر ذات الموقف الأزلي، تسأل أول شخصٍ تراه عن “الوصف”، وما أدراك ما “الوصف” في شوارع السودان. في الغالب الأعم سوف يتلفت محدثك قليلاً، وقد يضع إحدى يديه أو كلتاهما على خصره – دلالةً على تركيزه وإمعاناً في تقديره لخطورة الموقف – قبل أن ينصحك بأن تتّجه نحو الجنوب الجُغرافي، ثم تمشي “طوالي”، قبل أن تنعطف إلى أول شارع على اليمين. أو أن تتّجه نحو الشمال الجغرافي، قبل أن تنعطف إلى ثاني شارعٍ على اليسار. لا فارق يذكر، فالمهم أن يجيب صاحبنا على سؤالك، بما يؤكد أنه “يدري”..!
فالناس في شوارع السودان تتلبسهم “حالة تَحدٍّ” حينما يطلب منهم أن يصفوا لك موقعاً، وشبه الجملة “لا أدري” هي عندهم جنحةٌ كبرى، وهي ثامنة الموبقات. وإن فتح الله على أحدهم ببعض الحكمة، فهو لن يُفلتَك من بين يديه، قبل أن يُتحفك بفترة صمتٍ قد تطول أو تقصر – الأمر مرهون بتفاعلاته الداخلية – ثم يعترف..!
والاعتراف نفسه لا بد أن يأتي مقروناً بيمينٍ غموس، “ما عارف والله”.. “أنا ما ساكن هنا والله.. ما عندي فكرة والله ..إلخ..”، وغالياً ما ينكِّس رأسه بعدها في خجل، وكأنه قد اطلعك على عيبٍ خطير مفاده أنه “لا يدري”..!
خلاصة القول، ليس أمامك سوى أن تُعوِّل على دقَّة بعض البرامج الحديثة في هاتفك الذكي، فإن لم تُسعفك فدونك رقم هاتف صاحب المكان الذي تَهُمُّ بزيارته. أما إن كنت أيضاً “تخجل” من قول أنك “لا تدري”، فلتقف على جانب الطريق، ولتسأل أحد المَارّة، لتبدأ الحكاية من جديد. وأغلب ظني أنك في معظم الأحيان تفعل ذلك.. أليس كذلك..؟!
munaabuzaid2@gmail.com
المصدر : الصيحة