مقالات

منى ابوزيد تكتب:..هناك فرق .. قُطْر الدَّائِرة..!

منى ابوزيد تكتب:..هناك فرق .. قُطْر الدَّائِرة..!

 

“حكايات الحب الواقعية لا تنمو بمتواليةٍ هادئةٍ كالأزهار، لا تتواطأ مع مناخات الزمان وتضاريس المكان، بل تَتخلَّق على وجوه وتَتحوَّر من طَورٍ إلى طَور، حكايات الحب الغائرة مثل قصائد الحرير التي تبدأ بتخلُّق دُودة قزٍّ وتنتهي بوشاح باهظ الثمن”.. الكاتبة..!*

 

روحك نصف دائرة هائمة تبحث عن نصفها الآخر الذي تشبع بلقائه الروح ويمتلئ القلب، فتكتمل الدائرة، تشد على يديه فتصافح ذاتك، تبحر في عينيه فتصل إلى جذورك..!

تحاول أن تحلل ما يفعله بك، كيف تبعثرك ابتسامته،  كيف تجمع نبرة صوته شتاتك، فتجد عقلك أمام معادلة حسابية هندسية فريدة لم يخلص إليها “جابر بن حيان”، لم يحللها “ديكارت“، لم يضع رموزها “فيثاغورس”، معادلة طرفاها هو وأنت، معادلة دونها “الكل هين” وبعدها “كل الذي فوق التراب تراب”..!

تحاول أن تصل إلى حل المعادلة بحسابات المنطق فتجدها “ما لافقة”، تحاول ثانية بفوضى الحواس وصخب العاطفة فتخلص إلى أن قلبك دون نصفك هذا يساوي” فاي”، فراغ، عدم، يرعبك الشعور بالعدمية بعيداً عن وجوده فتختار الحيرة في فك الشفرة كمصير، أن تضيع باختيارك، بين صوته وعينيه وقلبه ويديه ..!

يتدخل عقلك واضعاً تناقضات الحال وتوقعات المآل، يرغمك على الجلوس إلى طاولة الواقع، ترى محاذير العقل أمام عينيك فيركل قلبك ضلوعك كطفل عنيد أخرق يقلب الطاولة عليك ويقلب لعقلك ظهر المجن، طفل أفسده انهمار الوجد فما عاد يأبه لأي اعتبار ..!

قلبك واقعٌ إذن تحت احتلال الحب، ذلك الكائن الشرس العنيد الجميل الذي لا يأبه بنوع الدماء، يقاوم رفض الفصيلة، ينبت حيث يشاء، يورق ويخضر ويزهر متى شاء، وأينما شاء، مثل أزهار الدفلى..!

يهزم قلبك عقلك، يتوارى المنطق، تذعن الروح وينصاع الجسد لسطوة الاحتلال، يهاجر النصف إلى النصف وتكتمل الدائرة، ثم ينتقل الجسدان والروح الواحدة إلى مربع الزواج المثير للكلام فالنقاش فالجدال، فالمشكلات فالخصام فالوقوف على شفا هاوية العودة، عودة الدائرة إلى نصفين وحيدين ..!

في خانة الزواج تنحشر الدائرة المنتصرة، يطيش صوابها بين اختلاف نصفيها على قضايا وجدليات ومسلمات الواقع الحلو المر المسمى زواج، وخلافهما على الرؤى الآليات التي سوف تجابه بها دائرتهما المشتركة تعقيدات واقع شراكتهما المادي ذو المناخ المتطرف المُغاير لأجواء وطقوس الأمس الحالم ..!

عندها يدرك قلبك الوثاب ما عناه عقلك الحَسَّاب، فتدرك أن الزواج – أي زواج – هو لوحة السلم والثعبان، هو أرض الواقع التي تختبر صلابة دوائر الشركاء، وتظهر مدى تماسكها من هشاشتها، وعلى تلك الأرض كم انقسمت دوائر وكم انفصلت أرواح ..!

وعليها أيضاً كم توحدت أنصاف وقفت يوماً على أعتاب حدودها وحيدة متشككة، ثم أسعدها الحظ باكتمال دوائرها داخل الحدود ..!

 

 

munaabuzaid2@gmail.com

 

 

 

المصدر: صحيفة الكرامة

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى