منى أبو زيد تكتب : في فقه السؤال وفنون الإجابة..!
منى أبو زيد تكتب : في فقه السؤال وفنون الإجابة..!
(1)
يحكى أن امرأة جاءت إلى أحد الفقهاء، فقالت له: لقد مات أخي، وترك ستمائة درهم، ولما قسّموا المال لم يعطوني إلا درهماً واحداً. فكّر الفقيه لحظات، ثم قال لها ربما كان لأخيك زوجة وأم وابنتان واثنا عشر أخاً. فتعجّبت المرأة، وقالت: نعم، هو كذلك. فقال: إن هذا الدرهم حقك، وهم لم يظلموك: فلزوجته ثمن ما ترك، وهو يساوي (75 درهماً)، ولابنتيه الثلثين، وهو يساوى (400 درهم)، ولأمه سُدس المُبلغ، وهو يساوي (100 درهم)، ويتبقى (25 درهماً) توزع على إخوته الاثني عشر وعلى أخته، ويأخذ الرجل ضعف ما تأخذه المرأة، فلكل أخ درهمان، ويتبقى للأخت – التي هي أنت – درهم واحد!.
(2)
يروى أن رجلاً جاء إلى الإمام أبي حنيفة ذات ليلة، وقال له: يا إمام، منذ مدة طويلة دفنت مالاً في مكان ما، ولكني نسيت هذا المكان، فهل تساعدني في حل هذه المشكلة؟. فقال له الإمام: ليس هذا من عمل الفقيه؛ حتى أجد لك حلاً. ثم فكّر لحظة وقال له: اذهب، فصل حتى يطلع الصبح، فإنك ستذكر مكان المال إن شاء الله تعالى. فذهب الرجل، وأخذ يصلي. وفجأةً، وبعد وقتٍ قصيرٍ، وأثناء الصلاة، تذكّر المكان الذي دفن المال فيه، فأسرع وذهب إليه وأحضره. وفي الصباح جاء الرجل إلى الإمام أبي حنيفة، وأخبره أنه عثر على المال، وشكره، ثم سأله: كيف عرفت أني سأتذكر مكان المال؟!. فقال الإمام: لأني علمت أن الشيطان لن يتركك تصلي، وسيشغلك بتذكر المال عن صلاتك!.
(3)
طلب أحد الخلفاء من رجاله أن يحضروا له الفقيه إياس بن معاوية، فلما حضر الفقيه قال له الخليفة: إني أريد منك أن تتولّى منصب القضاء. فرفض الفقيه هذا المنصب، وقال: إنّي لا أصلح للقضاء. وكان هذا الجواب مُفاجأة للخليفة، فقال له غَاضباً: أنت غير صادقٍ. فَردّ الفقيه على الفور: إذن فقد حكمت عليّ بأنِّي لا أصلح. فسأله الخليفة: كيف ذلك؟ فأجاب الفقيه: لأني لو كنت كاذباً – كما تقول – فأنا لا أصلح للقضاء، وإن كنت صادقاً فقد أخبرتك أني لا أصلح للقضاء!.
(4)
تزوّجت امرأة، وبعد ستة أشهر ولدت طفلاً، والمعروف أن المرأة غالباً ما تلد بعد تسعة أشهر أو سبعة أشهر من الحمل، فظن الناس أنها لم تكن مخلصة لزوجها، وأنها حملت من غيره قبل زواجها منه. فأخذوها إلى الخليفة ليعاقبها، وكان الخليفة حينئذ هو عثمان بن عفان – رضي الله عنه – فلما ذهبوا إليه، وجدوا الإمام علياً موجوداً عنده، فقال لهم: ليس لكم أن تعاقبوها لهذا السبب. فتعجّبوا وسألوه: وكيف ذلك؟ فقال لهم: لقد قال الله تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) (أي أن الحمل وفترة الرضاعة ثلاثون شهرا). وقال تعالى: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) (أي أن مدة الرضاعة سنتين. إذن فالرضاعة أربعة وعشرون شهراً، والحمل يمكن أن يكون ستة أشهر فقط!.
munaabuzaid2@Gmail.com
المصدر : الصيحة