مقالات

منى أبوزيد تكتب: ..هناك فرق .. دورة الخوف..!

منى أبوزيد تكتب: ..هناك فرق .. دورة الخوف..!

 

 

” الخوف عاصمة الشجعان في زمنٍ لا آمِنٌ فيه إلا غير مؤتمن”.. الشاعر أحمد بخيت..!*

 

 

أعلم أننا بعد قراءة هذا المقال سوف نتفق على أن لا نتفق، ولكن دعنا نتوافق – مبدئياً – على أنك قد تكون الاستثناء الذي قد يؤكد القاعدة إن وجدت..!

الخوف في مؤسسة الزواج السودانية رفيق دائم برتبة ظل، وملازم أول “من قولة تيت”، بدءاً بحكايات الشروع في الخطبة التي تبدأ في الغالب الأعم على طريقة “بخاف يا إنت لو جيتك”..!

ثم يتحول الشعور بالخوف بعد تأطيرها إلى منهج تعبير عن الحب وسلوك عاطفي ينوء بحمله الطرفان “هسه خايف من فراقك لما يحصل بَبقى كيف” ..!

في باكورة عهده يعبر السوداني عن حرصه على أنثاه بإظهار خوفه الشديد من فقدانها، خوفه من غضباتها المضرية، خوفه عليها من المرض، من “الهواء الطاير” .. إلخ ..

ثم يأتي الزواج الذي لا تخلو أيامه الأولى من التعبير عن خوفه على عروسه – التي دقت الصاجة وزحزحت الرملة فبشر الرجال وزغردت النساء – من مختلف الأخطار المُحدقة أو المُحتملة، بدءاً بالحسد والعين، وليس انتهاء “بالترتعتة” والوقوع في “واطاة الله” ..!

هذا ما كان من أمره هو، أما هي – أي العروس النمطية – فتحاول من جهتها أن “تستحلب” نقطة ضعفه تلك قدر الإمكان، فتُمعن في التمنُّع والدلال، وتتحول في أيام ارتفاع أسهمها إلى طفلة “زعولة” بإيعاز من خوف عريسها الدائم الذي يشعرها بأنها الطرف الأقوى في العلاقة..!

ثم، وبعد مرور ما يلزم من الوقت – بتحول الهمس إلى شخير وتَمدُّد الملل على أريكة الشغف – لا يلبث الزوج الذي اعتاد على رؤية وجه عروس الأمس خالياً من مساحيق التجميل وغارقاً في النعاس كل صباح، – والذي بات يرى معظم التفاصيل التي كانت تخلب لبه مكررة حد الاعتياد – أن يعلن طائعاً مختاراً عن زهده في بطولة مسرحية الخوف ..!

مع تشعب العلاقة وامتداداها واستقبال قادمين جدد يحظون بالنصيب الوافر من اهتمامها، تصبح الزوجة جزءاً من قفص الذهب الأبدي المسمى “أسرة”، ويربكها القفز بين مقعد الزوجة الأم وعرش الزوجة الحبيبة، فتتمدد مساحات الخوف من تسلل بعض الأخريات إلى مكانها الشاغر على وسادة “الأنثى الحلم” ..!

وما أن يكبر العيال وتقف الزوجة على تخوم اليأس الإكلينيكي حتى تلتقط حبل الخوف الذي يتحول بقدرة قادر – في هذه المرحلة العمرية – إلى “أنشوطة”..!

هنا – وهنا فقط – تبدأ “الحاجة” في اتباع سياسة التخويف باعتبار أن الهجوم هو خير وسيلة للدفاع عن مملكتها، في مواجهة الهجمات السافرة الغاشمة التي تشنها بعض “بنات الزمن ده” على بعض الكهول من أمثال زوجها ..!

سياسة الهجوم تلك تترواح عادة بين حيلتين نمطيتين، الأولى تهديد “الحاج” بخسارة أولاده الذين تضمن هي ولاءهم المطلق ووقوفهم غير المشروط في صفها إن حاول هو أن “يُفرفر”، والثانية إيهامه بأنه قد أصبح خرقة بالية مع الإكثار من الحديث عن أمراض الكبر والموت وعذاب القبر وحساب الآخرة ..!

وهكذا يعود الرجل “الزوج” إلى مربع الخوف الأول بعد سيطرة المرأة “الزوجة” على زمام الأمور وتسلمها مقاليد الحكم، مُتكئةً في ذلك على حظوتها الملكية عند سَريَّة الأبناء وكتيبة الأحفاد، فيسجل الخوف أعلى مؤشرات ارتفاعه على سياج مؤسسة الزواج من جديد..!

وهكذا ترجع كرة الخوف إلى مرمى الرجل، ليس على طريقة “بخاف عليك” – هذه المرة – بل على طريقة الخوف “العديل”، الخوف الواحد..!

أعلم أنك استثناء، ولكن تذكر أن المستثنى ما هو إلا شاهد إثبات على وجود القاعدة!.
 

munaabuzaid2@gmail.com

 

 

 

المصدر : صحيفة الكرامة

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى