منظمة لبنانية و4 شخصيات عالمية يفوزون بجائزة أبطال الأرض لعام 2022
هشام بومجوط
منظمة لبنانية و4 شخصيات عالمية يفوزون بجائزة أبطال الأرض لعام 2022
توّجت المنظمة اللبنانية للبيئة “أركانسيال” (Arcenciel) مع 4 شخصيات بيئية دولية بجائزة أبطال الأرض لعام 2022 التي ينظمها برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وذلك نظير اجتهادهم في ابتكار طرق جديدة لحماية كوكب الأرض وتميزهم في هذا المجال.
وكان برنامج الأمم المتحدة للبيئة قد أنشأ جائزة أبطال الأرض السنوية عام 2005 لتكريم المؤسسات والأشخاص ومنظمات المجتمع المدني، وغيرهم من الفاعلين في مجال الحفاظ على البيئة في القطاعين العام والخاص في 3 فئات، هي: الإلهام والعمل، والعلوم والابتكار، والرؤية المؤسساتية.
end of list
وبحسب ما جاء في البيان الصحفي الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، فقد تم اختيار أركانسيال في فئة “الإلهام والعمل”، لعملها في مجال تدوير النفايات، خاصة تحويل الزجاج الذي خلفه انفجار ميناء بيروت عام 2020، حيث قامت ضمن حملات التنظيف في محيط الانفجار بجمع حوالي 12 ألف طن من الزجاج المهشّم، وإعادة تدويره ليصبح جاهزا للاستعمال من جديد.
“أركانسيال” تجربة بيئية عربية رائدة
وبحسب ما جاء على موقع المنظمة على الإنترنت، فقد تم إطلاق هذه المنظمة غير الربحية عام 1985 في خضمّ الحرب الأهلية، بقيادة 5 متطوعين، من أجل مساعدة المعطوبين والمحتاجين من السكان.
لكن سرعان ما تحول اهتمامها إلى المجالات البيئية والاقتصادية، حيث انطلقت عام 2003 في تنفيذ برامج لإعادة تدوير النفايات الطبية والملابس. ولأن لها تجربة طويلة في المجال، فقد ساهمت في إعداد أول قانون لإدارة النفايات في لبنان عام 2018، ووضع إستراتيجية وطنية للتعامل مع النفايات تتبعها الآن وزارة البيئة.
وبحسب ما جاء في البيان الصحفي لموقع جائزة أبطال الأرض، تعالج “أركانسيال” اليوم حوالي 90% من نفايات المستشفيات في لبنان، وقد زاد دورها أهمية في فترة فيروس كورونا التي ولدت عشرات الآلاف من أطنان النفايات الطبية، مثل المحاقن والقفازات والأقنعة وغيرها، وقد عالجت في عام 2020 وحده 996 طنا من النفايات الطبية.
كما ساهمت المؤسسة في تحسين إدارة النفايات في اثنين من أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين والسوريين في لبنان، ودرّبت السكان على كيفية جمع النفايات وفرزها وإعادة تدويرها وتوفير الدخل لهم، كما درّبت البلديات على ذلك ونشرت دليلا حول تدوير النفايات.
وامتدت تجربة “أركنسيال” إلى المجال الزراعي، حيث بنت في منطقة البقاع وعلى مساحة 2.3 كلم مربع مزرعة تعمل بالطاقة الشمسية، ولها كفاءة في التقليل من تآكل التربة واستهلاك المياه. والمزرعة هي أيضا المنتج الوحيد في هذه المنطقة لإنتاج المبيدات الحيوية التي لها ميزات بيئية مستديمة، لأنها ليست سامة، كما تحولت إلى قبلة للسياحة البيئية.
وقال روبن ريشا المدير العام لمنظمة أركانسيال -في البيان الصحفي للجائزة- “لقد قمنا بتحديد المشاكل البيئية التي يواجهها لبنان، ونعمل منذ عقود على تخطيها والاستفادة من بعضها، كتدوير النفايات التي بعدما كانت تعتبر من بين المشاكل أصبحت اليوم في خانة الحلول، لأن العملية تساهم في خلق ثروة”.
بورنيما بارمان وجيشها النسوي لحماية اللقلق
في فئة الرؤية المؤسساتية، توّجت الدكتورة بورنيما ديفي بارمان من الهند، وهي مختصة في التنوع الحيوي، لمساهمتها في الحفاظ على طائر “أبو سعن الكبير” (greater adjutant stork) المهدد بالانقراض، وهو ثاني أندر أنواع اللقلق في العالم. فقد جاء في بيان لبرنامج الأمم المتحدة على موقعه بالإنترنت: “يوجد اليوم أقل من 1200 طائر من طيور أبو سعن الكبير، أي أقل من 1% مما كان عليه قبل قرن من الزمن، وذلك لأسباب متعددة منها التوسع العمراني والتغيرات المناخية”.
وقد تمكّنت بارمان من حشد مجموعة من نساء قريتها -حوالي 10 آلاف امرأة- يقمن بحماية مواقع التعشيش وإعادة تأهيل الطيور المصابة والاهتمام بفراخها، وغيرها من النشاطات التي ساهمت في الحفاظ على هذا النوع. ومنذ أن بدأت بارمان هذا النشاط في مقاطعة كامروب عام 2017، ارتفع عدد الأعشاش من 28 إلى 250 عشا، مما جعلها أكبر مستعمرة لتكاثر طيور أبو سعن الكبير في العالم.
وحسبما جاء في البيان الصحفي، ما زالت طيور اللقلق “ملعونة” في الهند، لأنها تنبش الجثث وتجلب العظام والحيوانات الميتة إلى أعشاشها التي تبني الكثير منها في حدائق الناس، وتلقي فضلات كريهة، وهي بذاك تُعتبر فألا سيئا على السكان.
السير بارثا داسغوبتا: نظرة اقتصادية للموارد الطبيعية
وتوّج السير بارثا داسغوبتا من بنغلاديش بالجائزة في فئة العلوم والابتكار لجهوده في تطوير رؤى تربط بين الحفاظ على البيئة والتنمية المستديمة لموارد الأرض، وقد برزت أعماله من خلال التقرير الذي أصدره عام 2021 الذي أكد فيه بأن البشرية بحاجة إلى ما يعادل 1.6 من مساحة الأرض من أجل المحافظة على مستويات العيش الحالية.
وحسبما جاء في البيان الصحفي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن “اقتصاد التنوع البيولوجي هو أساس لمجال متزايد يُعرف باسم محاسبة رأس المال الطبيعي، حيث يحاول الباحثون تقدير قيمة الطبيعة.. ويمكن أن تساعد الأرقام الحكومات على فهم أفضل للتكاليف الاقتصادية المترتبة على قطع الأشجار مثلا، مما يعزز في النهاية قضية حماية العالم الطبيعي”.
وأضاف البيان موضحا أن داسغوبتا ساهم كثيرا في إثارة النقاش حول مفهوم التنمية المستدامة، والحفاظ على التنوع البيولوجي وموارد الأرض التي تعرف استغلالا مفرطا.
كونستانتينو أوكا تشوتاس وحماية جبال الأنديز
أمضى كونستانتينو أوكا تشوتاس -وهو من البيرو، ومؤسس جمعية النظم الإيكولوجية (Asociación Ecosistemas Andinos) في جبال الأنديز عام 2000- حوالي 30 سنة في حماية التنوع البيولوجي في جبال الأنديز، خاصة الأشجار التي كانت تواجه خطر الفقدان، فقام بزرع أكثر من 3 ملايين شجرة وحماية 30 ألف هكتار (أكثر من 74 ألف فدان) من التدهور وإصلاحها. وتقديرا لجهوده الكبيرة في حماية الطبيعة تم منح كونستانتينو جائزة بطل الأرض في فئة الإلهام والعمل.
حشد كونستانتينو الآلاف من السكان في جبال الأنديز العالية لحماية الأشجار التي تنمو على ارتفاع 5 آلاف متر فوق سطح البحر، أي أعلى من أي غابة في العالم، مما جعلها تسمى بالأشجار السحابية، وهي تلعب دورا كبيرا في التوازن البيئي حيث تمتص الضباب وتحافظ بذلك على كميات معتبرة من الماء.
وفقدان هذه الأشجار يتسبب في ندرة المياه، مما يؤثر على حياة الملايين من الناس هناك، لكن ما قامت به جمعية النظم الإيكولوجية ساهم كثيرا في وقف هذا الفقدان وإحياء الغابات، وهي تنظم كل عام مهرجانا لغرس الأشجار.
وقال كونستانتينو في البيان الصحفي “عندما نزرع شجرة نعطي شيئا لأمنا الأرض، نحن مقتنعون أنه كلما زاد عدد الأشجار التي نزرعها سيكون المزيد من الناس سعداء”.
سيسيل بيبيان ونضالها في 20 بلدا أفريقيا
ساهمت الكاميرونية سيسيل بيبيان نجيبات عبر منظمة “كاميرون للإيكولوجيا” التي أنشأتها عام 2001، في إعادة تأهيل حوالي 600 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة والحفاظ على التنوع البيولوجي.
كما قامت سيسيل منذ عام 2009 بالدفاع عن حقوق المرأة في امتلاك الأراضي الفلاحية في 20 بلدا أفريقيا، من خلال النشاط الذي تقوم به شبكة النساء الأفريقيات من أجل التسيير المشترك للغابات (REFACOF).
كما اقترحت هذه الشبكة على الكثير من الحكومات سياسات في مجال تسيير الغابات وحماية التنوع البيولوجي، والعمل على تأهيل النساء اللائي يشكلن قوة فعالة في ذلك والحفاظ على حقوقهن.
وقالت سيسيل المتوّجة في فئة الإلهام والعمل -في البيان الصحفي- إن “النساء هن حقا قوة ومحرك إعادة تأهيل الأراضي، حيث يقمن بغرس الأشجار في الأراضي المتدهورة ويعتنين بالمشاتل، وحتى اللواتي يشتغلن في تربية المواشي يعملن في الغراسة.. إنهن يعملن من أجل إحياء الأرض”.