مقالات

محمد عثمان الشيخ النبوي يكتب:.. بهدوء و تدبر..جبال السودان:غفلة عن كنوز هائلة

محمد عثمان الشيخ النبوي يكتب:.. بهدوء و تدبر..جبال السودان:غفلة عن كنوز هائلة

 

 

من العجائب أن نغفل عن واحد من كنوز الثروة السودانية الهائلة وهي الجبال التي تحيط ببلادنا وتنتشر فيها ..
فالجبال في السودان كنوز من ثروات معدنية وبيئية وسياحية وثروات ، تنتظر من يمدّ إليها يد الاستثمار الرشيد .
فمن جبال البحر الأحمر وسلاسل التاكا ، إلى جبل مرة وجبال النوبة ، تتوزع هذه التكوينات الجيولوجية الفريدة التي تختزن في جوفها وفوق سطحها فرصاً واسعة للاستثمار :

*تنوع مناخي وبيئي نادر، فهي تُشكّل بيئةً باردة نسبياً مقارنة بما حولها .
*تنوع نباتي وحيواني فريد ، ما يجعلها مؤهلة للسياحة البيئية والعلاجية على حد سواء .
*موارد ثمينة من الذهب والنحاس والكروم والحديد ، والمعادن النادرة التي لم تُستخرج بعد بطريقة علمية ومنظمة .

*تيارات الرياح التي تعبر الجبال وتتولد عن تكويناتها ، خاصة في سلاسل البحر الأحمر ومرتفعات الغرب ، حيث تسجل الرياح فيها معدلات مناسبة على مدار العام .
وهناك فرصة ثمينة لمجالات واسعة من الإستثمار يمكن أن ترفد اقتصادنا المتهالك . فإذا تهيأت البيئة العامة اللازمة للإستثمار باطلاق الاقتصاد من قيوده ، وانشاء منظومة رقمية تشمل دولتنا كلها ، مما يقضي على الفساد ، ويسرع وييسر الإجراءات ، ويطمئن المستثمرين ، فإنه يكون ميسوراً إقامة مشروعات ناجحة تقوي إقتصادنا ، وتجعل الجبال مركزاً تنموياً متكاملاً إذا ما أُحسن التخطيط وتشمل :

¶ استخراج المعادن حيث أن معظم الجبال السودانية تُعد مستودعات طبيعية للمعادن ومنها معادن ثمينة ومعادن نادرة ، كالذهب والنحاس والكروم والحديد ، ومعادن نادرة لم تستخرج بعد بطريقة علمية منظمة . وتُشير دراسات جيولوجية إلى أن مناطق كجبل الراهب وأطراف جبال البحر الأحمر تحتوي على تراكيز مشجعة للاستثمار المنظم . وتباين ألوان الجبال يشير إلى انواع التركيز المعدني فيها وقد قال الله تعالى :
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ۦ ثَمَرَٰتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَٰنُهَا ۚ وَمِنَ ٱلْجِبَالِ جُدَدٌۢ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَٰنُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ) .

¶ إقامة منتجعات صحية ومراكز استشفاء تستفيد من المناخ النقي ، والطين البركاني والعلاجي في بعض المناطق ، خاصة جبال النوبة وجبل مرة . ويمكن تصنيع كريمات طبيعية ومنتجات طبية مستخلصة من هذا الطين ، كما تفعل دول العالم المتقدمة في جبالها .
الاستثمار في السياحة بنصيب كبير ، إذ يمكن استغلال الجبال لإقامة تلفريكات سياحية وعمرانية تُستخدم كمواصلات بديلة في المناطق الجبلية ، وكمصدر جذب للسياح والمغامرين والمصوّرين ، مما يفتح باباً واسعاً أمام أنشطة اقتصادية داعمة تشمل الإيواء والمطاعم والأسواق التراثية.

¶ إنشاء سدود صغيرة وخزانات تنموية تغذّي القرى المجاورة وتدعم الأنشطة الزراعية من مياه الامطار التي تتجمع في الأودية والخيران إضافة إلى مياه ينابيع الجبال .
¶ الاستفادة من الغطاء النباتي في كثير من الجبال في إنتاج الزيوت العطرية والنباتات الطبية .
¶ انتاج العسل الجبلي عالي الجودة .
¶ تربية الماشية في بيئة مرتفعة خالية من الأمراض .
¶ انتاج الكهرباء من طاقة الرياح ، إذ تُعد المناطق الجبلية بطبيعتها مواقع مثالية لتوليد الكهرباء من الرياح ، ويمكن دمجها مع الطاقة الشمسية في أنظمة هجين تُغذي المجتمعات المحلية وتدعم الشبكة القومية للطاقة ، وتُستخدم كذلك في تشغيل مرافق السياحة الجبلية والمزارع والمراكز الصحية .

¶ وتبرز أهمية الجبال أيضًا في دورها البيئي ، إذ تُسهم في حفظ التنوع الحيوي ، وتشكيل الغطاء النباتي ، وتغذية المياه الجوفية ، ما يجعلها عنصراً حاسماً في التكيف مع آثار التغير المناخي ، ومكافحة التصحر ، واستدامة النظم البيئية .

وقد استفادت معظم دول العالم لا سيما الدول الأوروبية والصين وشرق آسيا من جبالها في كل هذه المجالات ، ونجد أن دولاً مثل المغرب وتركيا ورواندا قد حوّلت جبالها إلى مراكز إنتاج واستقطاب اقتصادي ، من خلال السياحة والتعدين والزراعة الجبلية . ويمكن للسودان أن يحذو هذه النماذج بما لديه من مقومات طبيعية خام لم تُمس .

الجبال في السودان لها شان عظيم بما تتيحه من فرص واسعة ، وهي بحاجة فقط إلى رؤية استراتيجية ، تبدأ من المسح البيئي والاقتصادي ، وتنتهي بخطط جذب الاستثمارات الوطنية والعالمية ، في ظل بيئة قانونية مشجعة، واقتصاد محرر ورقمي، يضمن الشفافية وسرعة الإجراءات وحرية الحركة.

إنها جبالٌ شامخة في الطبيعة، ويجب أن تكون شامخة في أفق التنمية، إذا أردنا نهضة لا تعتمد فقط على السهول ، بل تمتد لتشمل القمم .

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى