محمد طلب يكتب : القوالات في الأغنية السودانية (9)
محمد طلب يكتب : القوالات في الأغنية السودانية (9)
اثناء تناولنا هذه السلسلة من المقالات و بعد كل مقال منها ترد الي بريدي مجموعة من الرسائل التي تنبهني الي (قول ما ) في اغنية ما نسيته أو تناسيته و لم اذكره ….لذا اود هنا الإشارة إلي أنه ليس كل مفردة (قال أو قالت أو قالوا أو قلنا ) أو ما يماثلها بالضرورة أن تكون معبرة عن (القوالات) فالقول منه الحسُن غير (القوالات) فمثلاً عندما يغني المغني :-
*تاني ما تقول إنتهينا*
*بتنهي جيل بينظر الينا*
*باني آمالو وطموحو ومعتمد ابداً علينا*
فهذا (القول) قول بين المحب وحبيبه بعيداً عن اي (طرف ثالث) وفيه الحبيب يوضح فكرة ويدفع اليها بقوة فهو (قول) محمود وليس (قوالات ) أو اساءة مثل الأغنية التي يقول مطلعها:-
*قالوا قالوا علي شقي ومجنون…. صحيح مجنون وانتو جنوني يا حلوين*
و ايضاً هناك نوع آخر من (الاقوال) يمكن تصنيفه تصنيفاً مغايراً مثل:-
*بتقولي لا من غير دلال*
فنجد ( لا) هنا أتت حاسمة مانعة وقوية فوق أنها نافية و ناهية و ما احوجنا لمثلها
فهي ( لا) لصاحبة قرارها وهي المسئولة عنه مسئولية تامة ..و هذا يقودنا لماذا رفض الشاعر هذه (اللا) فهل هي انانية؟؟؟
و دلالة علي اننا غالباً نبحث عن الاجابة (بنعم) الدائمة لصالحنا مما يتيح الفرصة لكل متطفل و صاحب غرض لإقتحام حياتنا و ربما تخريبها عبر طلب أو رجاء لأننا نخشي ان نُحرج الطالب
عموماً السودانيين غالباً لا يعرفون قول( لا)…رغم لاءتهم الثلاثة الشهيرة
التي غنينا بعدها لمن رحل اليهود الفلاشا لإسرائيل :-
*نقولها نعم والف نعم ليك يا القائد الملهم نقولها نعم من الضمير والفم نقولها نعم عشان اولادنا تتعلم*
ولا ادري ان كنا بقولنا (نعم) و بالملايين (قلناها) نعم قد (قلنا) الصدق و اصبنا (النصيحة) ام غيرها فتعالوا لنري ماذا كان قول (النصيحة) في أحدي الأغنيات :-
*قول النصيحة كلمني*. *مالك بالهجر مألمني*
*قوووووول يا حبيب*
و هي مطالبة واضحة وقوية صريحة لتوضيح أسباب الهجر (قول النصيحة) اي لا تكذب وقل الحقيقة التي لاشك عندي علي المستوي الشخصي ان من اسبابها ( القوالات).. ….
*كما اننا بحاجة ماسة جداً لتوضيح أسباب كل ما يدور أو يُصنع في حياتنا السودانية في كل مجالاتها بشفافية و ان نصدق القول مع انفسنا ومع الاخرين من اجل حياة افضل ومستقبل اجمل*
و لعل لسان حالنا في مثل هذه الأحوال و الظروف يُطالب بمن (يتكلم) إليه و يوضح له بصدق و يحدثه بما يحدث فدعونا نغني :-
*كلمني حاول حس بيّ* *عاتبني وارمي اللوم عليّ*
*كلمني و الكائن يكون*
*(كلمني يا بلد الظنون)*
والحياة أجمل ما تكون عندما يكون الصدق هو السائد والاعتراف بالاخطاء هو المعتاد و محاولات المعالجة الدائمة التي لا تتوقف لتلك الاخطاء هو المنهج لأن اول خطوات تصحيح الاخطاء هو الاعتراف بوجود الخطأ ودعونا من :-
*ياما قال حكاوي ما خطرت ببالي*
لانها قطعاً ستكون ناتجة عن (قوالات) و لا توجد دواعي مطلقاً للاخذ بما يقال علي علاته مثل :-
*يا ما قال كلام ما لي دخل بيهو*
*اني بروح لغيرو و بهواهو و بصطفيهو*
فهذه من (القوالات)و المنقولات الضارة و المخربة التي وجدت اذن صاغية وبالتالي تضر بالعلاقات وتؤثر علي استمراريتها
وقد كان مصطفي سيد احمد مختلفاً في اختياراته لانه قبِل تجربة دخول مفردات غير السائدة في (الكلام) ولحن مفردات مختلفة (فقال) بلسان الظلال للبنية بغير (القوالات) القديمة والاليمة
*يا ضلنا المرسوم على رمل المسافة وشاكي من طول الطريق*
*قول للبنيه الخائفة من نار الحروف*
*تحرق بيوتات الفريق*
*قول ليها ما تتخوفى*
*دي النسمة بتجيب الامل*
*والامل بصبح رفيق*
مع تمنياتنا ان يصبح الامل رفيقاً لنا في حياتنا السودانية رغم كل البؤس الذي يخيم علينا و كل الظلم و الظلام
سلام
محمد طلب