مقالات

محمد طلب يكتب : (القوالات) في الأغنية السودانية(3)

محمد طلب يكتب : (القوالات) في الأغنية السودانية(3)

 

 

كما ذكرت في أول مقال من هذه السلسلة ربما تكون هذه السلسلة من المقالات عن (القوالات) في الأغنية السودانية باباً للولوج في تحليل سمات الشخصية السودانية مع محاولات الإصلاح… أيضاً سوف نتعرض

لصفات آخري متعلقة بالشخصية السودانية وقد تعرضنا في مقالات سابقة لموضوع (الخيانة) ومفهومها في بعض الأغنيات ومن أهم السمات التي تتسم بها هذه الشخصية

حسب وجهة نظري (غير العلمية) أنها شخصية( اجتماعية محلية منغلقة) بمعني أنها اجتماعية في حدودها المحلية وتجد صعوبة في الاندياح خارج هذا

الإطار والشواهد كثيرة علي هذا الأمر تضييق بها هذه المساحة الخفيفة الساخرة نوع ما…لذلك يظل موضوع (القوالات) هو السائد لعدم وجود معارف اجتماعية ثقافية منفتحة وجاذبة و لذلك وجدت (القوالات) حظاً وافراً تملأ به هذا الفراغ

هناك قاعدة يتجاهلها الجميع في مجتمعنا لأن الفراغ عريض جداً ولا ينتبه لذلك عدا شديدي الحرص والاتقياء الانقياء لهذه القاعدة وهي:-
*(من قال لك قال عنك فاحذره)*
يعني بالدارجة ( البجيب ليك كلام يشيل منك كلام برضو فاعمل حسابك )

ولو كنا ننتبه لهذه القاعدة لما ظهر هذا الكم من الأغنيات التي تحكي عن مواضيع (قوالة) مخربة ومدمرة للغاية….

هناك اغنية خفيفة ظريفة لطيفة راقصة رغم أن محتواها ثقيل ونتن أظنها لإسحاق الحلنقي يغنيها المرحوم الفنان حمد الريح عنوانها:-
*(شالوا الكلام)*

وكما يقولون الجواب يكفيك عنوانه فهي أغنية تشبه بدرجة كبيرة أفلام الكرتون والقصص المصورة التي تكون بدايتها هي النتيجة أو النهاية التي تقودك للتفاصيل

*شالو الكلام زادوه حبه جابوه ليك*
*ظاهر عليك صدقتهم ما الجوه قلبك في عينيك*

فظهور بطلة القصة وفي عيونها الم وحسرة بائنة جعل البطل يعرف أن( الكلام اتشال و حبتين زيادة) و اخذ يستنكر:-

*بائن عليك صدقتهم!!!!!؟*

ثم بدأ البطل يسرد في تفاصيل الحكاية ومبرراته…(اصلاً في داعي الخِفة دي ) فالكلام المنقول شفاهة عرضة للزيادة والتحريف وربما تفريغه من معناه علي حسب

نوايا الناقل فمن المفترض في مثل هذه المجتمعات الضيقة المحدودة أن تكون حريصاً خصوصاً في العلاقات بين الجنسين بالذات مع الأطراف التي تتبع أساليب (الدردقة) …تعالوا شوفوا الدردقة الجاية دي:-

*كل الحصل سألونا مره عشان يعرفو ظروفنا كيف*

هكذا دائماً يبدأ (خبراء القوالات الاستراتيجيين) و كبار (الدرداقين) يسألون عن الأحوال والظروف والأجواء و يُبدون اهتماماً زائداً ثم ينطلقون نحو أهدافهم عندما يجدوا منفذاً ولا يفوتون الفرصة اطلاقاً…تعالوا نشوف الحصل :-
*جات سيره للريد الزمان ثم الولف جاب الوليف*

*غايتو الكلام جاب الكلام وغلبنا من سيرتك نقيف*

*و رمينا حبه لوم عليك شالو الكلام جابوة ليك*

وهنا يجد (الخبير الاستراتيجي في القوالات) فرصته ليصنع القنبلة من (حبة اللوم) التي فرط فيها البطل بحسن نية لتصبح (الحبة قبة) كما يقولون وهنا يكتشف البطل الحفرة التي وقع فيها فيبرر كالاتي:-

*كان قصدهم يحصل فراق بينا وقلوبهم يسعدو*

*جوك بالكلام صدقتهم سبت الضلوع يتنهدو*

أنه الغباء ممن يفترض أنه يعلم طبيعة المجتمع الضيق جداً و(القوالات) فيه قد تؤدي للخراب كما أن المبررات لن تنفع في مجتمع يغني بنشوة
*(بعد ما فات الآوان الليلة جاي تعتذر وترجع ايامنا الزمان من وين نجيب ليك العذر)*

فتعالوا لنري ما هو ما أورده لتخفيف العقوبة الغرامية عليه :-

*خليتنا في مُرة و شقا ما تبقي الا علي العدو*

*لو نحنا غاليين في عينيك ماتصدق الجابوه ليك*

ولكنا دائماً أعداء أنفسنا و لا نتعظ من تجاربنا ولا نتعلم من الدروس أو من تجارب الآخرين…..بل نقع في ذات الخطأ بتكرار عبيط….

وهكذا (القوالات) في كل مناحي حياتنا توصلنا للمهالك ولا نحذر (الدردقة) وأيضاً (تدويرتنا) ساااااهلة وهي أن :-
*(الكلام بجيب الكلام )*
ويحدث الخصام هذا تحديداً هو مطلب( الحُساد ) فالزموا الصبر مع الصمت قليلاً وتاملوا الكلام قبل قوله….

سلام
محمد طلب

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى