محمد احمد مبروك يكتب : صلاة الصغار

محمد احمد مبروك يكتب : صلاة الصغار
سطور ملونة
صلاة الصغار
هل رأيت الصغار يصلون .. مؤكد ان اغلب الناس رأوهم وهم يمثلون البراءة والطهر . لكنهم للاسف يتعرضون للزجر والانتهار وربما الصفع والضرب من الجهلة والمتزمتين بدون علم أو وعي لأنهم لم يؤدوا الصلاة بالطريقة الصحيحة بينما هم المكلفين لا يؤدونها بالطريقة الصحيحة ..
لننظر الى بعض الصور من صلاتهم لكن قبلها نورد موجز القصة المشهورة لسيد الاولين والاخرين مع سبطيه في الصلاة حتي تكون هاديا لنا في الفهم الصحيح لعلاقة الصغار بالصلاة . حيث ان احد سبطيه رضى الله عنهما جاء ودخل المسجد وهو غير مميز ووجد جده افضل البشر يؤدي افضل الاعمال الصلاة ووصله في أشرف موضع يكون فيه البشر السجود واعتلى عنقه الشريف اكرم مكان خلقه الله فأطال النبي صلى الله عليه وسلم السجود حتي ظن أصحابه انه نزل عليه أمر من طول سجوده . ولما سألوه في ذلك بعد الصلاة قال لهم ( إن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن أعجله ) فإبنه الشريف ركب عنقه الشريف كالراحلة فلم يزجره أو يصفعه أو يعتبر فعله سوء تربية وقلة أدب إنما كره أن يستعجله مجرد استعجال للنزول .
صحيح أننا يجب أن نبدأ تعليم الصغار الصلاة في أنسب عمر يفهمون فيه الأحكام ويستطيعون تنفيذ التتابع المطلوب . لكن حري بنا تشجيعهم على أداء الصلاة وفق طاقتهم حيث أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها .. وهذا الصغير نفس وهذا وسعها ..
وقف الصغير للصلاة كما تفعل أمه ووضع يديه على صدره ثم سجد وفي سجوده عن له أن ينبطح على بطنه ففعل .. ثم نسى انه في الصلاة فنهض ليحضر الكرة وركلها عدة مرات لكنه عاد إلى سجوده وجلس كالمصلى في التشهد يحرك أصابعه على ركبتيه الصغيرتين .. ما أجمل وما أروع هذه الصلاة لابن السنتين فهل يعقل أن يحب الصلاة إذا زجرناه وصفعناه لأنه لم يؤد صلاة صحيحة وهو لا يعرف من الأمر إلا أن أمه تفعل ذلك وهو يقلدها .
الصغيرة ذات السنوات الثلاث وابن خالتها ذي السنتين حضرا للصلاة . ولبست الصغيرة طرحة وفرشا السجادة لكنهما فرشاها عكس الاتجاه الصحيح . ولاحظت ذلك البنت فهي أكبر وحاولت تعديل وضعها لكنه رفض أن يتنحى فما كان منها إلا أن صلت هي في اتجاه السجادة الصحيح عكس القبلة حتى لا تصلي ( بالقلبة ) كما قالت وصلى هو عكسها فكانا متقابلين .
يصلون احيانا ولم ينالوا في وضوئهم أكثر من غسل الوجه وأجزاء من القدمين وأحيانا لا يكون ملبوسهم ساترا حتى للعورة رغم أن أجسامهم لا تحسب عورة لصحيح العقل .
أحيانا يتشاجرون ويبكي أحدهم فتهدئه أمه ويعود من ثم للصلاة .
كلهم يعرفون ( الله أكبر ) ويقولونها في كل الصلاة بل ويسمون الصلاة في بعض مراحل عمرهم الاولى ( الله اكبر ) فهل يعتبر فعلهم هذا خروجا على احكام الدين وقواعد الصلاة في هذا العمر . ومن قال ان الله لا يقبل صلاتهم تلك وإسلامهم المبكر ..
المؤلم جدا أن بعض الصبية ممن تجاوزوا العاشرة يحضرون للصلاة في المساجد فينبري لهم المتفيقهون المتشدقون يخرجونهم من الصفوف ويرجعونهم خلف المصلين رغم أنهم يحفظون من القرٱن الكريم أضعاف الحفظ الركيك الذي يحفظه هؤلاء الذين يطردونهم .ويعرفون من احكام الصلاة وقواعد الدين أكثر منهم بكثير . ترى هل يجعل ذلك الاذلال والتمييز الصبية يحبون المسجد وصلاة الجماعة أم ينفرون منها حيث يشعرونهم أنهم في درجة أدنى في دينهم .
إننا في حاجة شديدة لنتأمل مواقفنا من صلاة الصغار وعباداتهم وحتى صيامهم عندما يبدأوا تعلم الصيام بأن نتأسى بنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سماحته ورفقه ولطف مخاطبته وأخذه للناس حسب عقولهم وفهمهم وتحبيب الصلاة والذكر وسائر العبادات لصغارنا حتى يحبونها ويحبوننا ويؤدوا الصلاة من منبر الحب لا من مقعد الاكراه .
محمد أحمد مبروك