محمد احمد مبروك يكتب : الرماد كالنا يا سعادة السفير
سطور ملونة
الرماد كالنا يا سعادة السفير
عجبا يا سعادة السفير والخبير الدبلوماسي والدكتور من تصريحك الخطير ان مبادرة فولكر لا تعتبر تدخلا في شأن السودان الداخلى .. لا نعجب إن صدر مثل هذا القول من عنقالى لا يفهم السياسة ومعنى السيادة الوطنية ولا علاقة له بالدبلوماسية وقواعدها وأعرافها التي لا تقرأ مجتزأة . لكن ان يصدر الحديث من علم أعلام الدبلوماسية مثل السفير د. علي يوسف أحمد فهذا عين ما يثير العجب ويثير التساؤل حول بواعثه ..
ولننظر في ما قاله سعادة السفير حيث ان ملخص حديثه هو أن مبادرة فولكر لا تعتبر تدخلا في شأن السودان الداخلى لانها لجمع الشمل ونتيجتها هي ما يتفق عليه السودانيون أضافة الى أن الزامية مواثيق الامم المتحدة ملزمة للسودان لأنه وقع عليها وانه بموجب طلب حمدوك لبعثة اممية يجعل البعثة مسئولة عن نجاح الفترة الانتقالية .وان الديمقراطية وحقوق الانسان واحترام الاديان والمرأة والطفل ليست شأنا داخليا. وختم حديثه المثير بتهديد صريح للسودانيين بأن المبادرة مسنودة بقوة اقليمية ودولية على رأسها امريكا التي ستطال عقوباتها من يعرقل هذه المبادرة !!!
لكن أذا سألنا أنفسنا عن معنى التدخل في الشأن الداخلي للدول ماذا يكون إن لم يكن هو ما يقوم به فولكر وعملاء مخابرات العالم الذين يصولون في بلادنا جهارا نهارا دون رادع ولا رقيب . ويقدمون مبادرة لا نملك أن نرفضها من أساسه او نرفض بعض مفرداتها .أليست هي بهذا المعنى قرارا ملزما .خاصة وان عرقلتها توجب العقوبات بالعصا الغليظة .
بل يحذرون السلطة السيادية من تعيين رئيس وزراء الا وفق شروط وضعوها .. وحددوا موجهات لشرطة السودان العريقة في كيف تمارس عملها ولا تتعرض لشخص حتى الذين يمثلون خطرا على حياة غيرهم وعلى حياة افراد الاجهزة الامنية ويخربون المنشٱت العامة والخاصة ويعتدون وينهبون بل ويقتلون والا فإن رجال الشرطة قتلة مجرمون ومتعسفون يعوقون حقوق حرية التعبير .
ونسي سعادة السفير ان هذه القواعد والمعايير إذا اقتصر تطبيقها على السودان دون كل دول العالم لا تكون معايير دولية محترمة . وببساطة ففي الازمة العنيفة التي اجتاحت الولايات المتحدة الامريكية وتشكيك الترامبيين في نزاهة الانتخابات وهجومهم على الكونقرس ومحاولتهم الاستيلاء على السلطة بالقوة لماذا لم يتدخل السودان او النيجر او قل الهند او حتي الدنمارك او بريطانيا لحل ازمة الفرقاء وتجنيبهم الفتنة وانجاح فترتهم الانتقالية .
وأين هي حقوق الانسان في سوريا ولبنان واليمن وجيران روسيا والعراق ولن نقول فلسطين او قطاع غزة او كوريا الشمالية . بل ماذا يحدث للمتظاهرين في اوروبا وامريكا الذين لم يخربوا الشوارع او ينزعوا اعمدة الاضاءة واشارات المرور ليترسوا بها ولم ينهبوا المحلات او يدمروا لافتات ومنشٱت عملاقة تخص شركات ورجال اعمال ولم يسيئوا الى جيوش بلادهم . انهم يعتقلون دون تردد ويضربون بالبمبان والهراوات والعصي المكهربة ويطلق الرصاص على من لا يستجيب لتوجيهات الشرطة او يتفلت أدنى تفلت .
اذا لم يكن الذي يجري في بلادنا تدخل سافر في شؤوننا الداخلية وأنه طبيعي وتفرضه المواثيق الدولية اذن نحن في حاجة لاستنساخ فولكر مائة مرة وتشتيته في معظم أرجاء المعمورة .
محمد أحمد مبروك