مقالات

محمد أحمد مبروك يكتب : من وراء الموت الأحمر ؟؟؟

محمد أحمد مبروك يكتب : من وراء الموت الأحمر ؟؟؟
سطور ملونة

من وراء الموت الأحمر ؟؟؟

قتلت الشهيد ميرغني الجيلي (جهة) وليس مجرد غوغائيين تجمعوا لينفذوا هذه الجريمةالبشعة .. وقتلت هذه (الجهة) الشباب الشهداء الذين تساقطوا وبلغ عددهم المئات ، وكذلك الشهيد بريمة ، وغيرهم من الذين قتلوا في الخرطوم أو مدن السودان الأخرى ، مدنيين وعسكريين ضمن المظاهرات والمسيرات المختلفة .
وكذلك مئات القتلى في حوادث النهب والسلب ، فكلها ليست حالات قتل عادية مما تستدعيه حاجات اللصوص العاديين . ولا الأدوات المستخدمة فيها ولا طريقة تنفيذها عادية .
وغير خفي أنه أصبحت هناك (عصابات) — عديل كدا — تعمل في النهب وتهريب المخدرات والخمور بل والبشر .. وهي مسلحة قاتلت الشرطة قتالا حقيقيا ، وقتلت جنودا وقتل بعض أفرادها في معارك غير متكافئة من حيث الهدف . فالعصابات تهدف لقتل الجنود ، وهم يتحاشون قتل المجرمين ويسعون فقط لكسر شوكتهم وإعتقالهم ، فالقتل عندهم ناتج عرضي وليس هدفا .
وتدرج الأمر حتى اعتاده الناس ، وأصبح شيئا عاديا يتلقون أخباره ببرود . وأثمر ذلك تطورا ليصبح (ظاهرة إجتماعية) بدأت تتخذ شكل (الثقافة الجديدة) ، وأصبحت أسلوبا لحسم الخلافات في كل الأمور ، بدل ثقافة النزاعات العادية التي تقف عند تبادل الشتائم او اللكمات أو الضرب الذي لا يفضي إلى الموت ، لأن الطرفين لا ينويان القتل ، ثم يتدخل الأجاويد أو يذهب المتظلم إلى الشرطة . لكن الٱن إختفت الشرطة من قاموس المتنازعين .. فالخلافات داخل الأسر بدأ القتل يدخل فيها في حسم الصراعات ، ولا يخلو أسبوع من خبر أو أكثر عن قتل أحد الزوجين للٱخر ، وقتل بين الأقربين والأصدقاء والجيران . وقتل بسبب خلافات حول مبالغ من المال أو غيره من نزاعات لم تكن تفضي إلى القتل قبل إستسهال القتل وانتشار ثقافته .
وزاد الأمر تفاقما أن كثيرا من هذه الجرائم سواء أكانت المرتبطة بالحراك السياسي ، أم ذات الطابع الإجتماعي ، لايحسم أمرها ، إما بعدم وضوح الرؤية حول الفاعل أو الجهة الفاعلة ، أو بعدم الإسراع بمحاكمتهم ، أو بعدم تنفيذ أحكام الإعدام في بعضهم . وألقى ذلك على الشرطة أعباء إضافية كثيرة .
انظر هذا القتل ليس تلقائيا أو حدث بالصدفة ، أو كان وليدا طبيعيا للإحتكاكات .. هذا قتل ممنهج ومنظم وتدل قرائن كثيرة على ذلك .
قد لا يتسنى أن نقول أن جهة بالإسم هي من تقوم بذلك ، لكن من الميسور إيراد مواصفاتها ، فهي كما يكني صديق لنا عن الشيء بالغ الوضوح بقوله شيء يذبح في عيد الأضحى ويغطيه الصوف ويقول باع !!
دعنا ننظر في مواصفات المقتولين والقتلة وطريقة القتل وأدواته :
★ مجموعة كبيرة قتلت في ساحة الإعتصام ، وكلهم شباب بضرب غير انتقائي لا يستهدف نوعا معينا ، أو إتجاها فكريا ، او من أتى فعلا بعينه . وفورا تم تبادل الإتهامات بين كل الجهات . وتطاول التحقيق والبحث وفحص الأدلة والتحري . ولم يمض الأمر بالشكل الطبيعي ، حيث من المفترض أن تقوم الشرطة والنيابة بهذا ، لكن شكلت له لجنة برئاسة محام ربما رأت الجهة التي شكلت اللجنة أن هذا المحامي أكثر كفاءة ونزاهة من الشرطة والنيابة !!
لكن حتى ذلك لم يفض إلى نتيجة ، وربما سيؤول أمر لجنته إلى ما ٱلت إليه لجنة أزالة التمكين ..
شباب يقتلون رميا بالرصاص من الأمام ومن الخلف بطريقة توحي بالتدرب الجيد على الإغتيال .. ويبدأ من جديد تبادل الإتهامات . فالأجهزة الأمنية تقول أنها لم تفعل ذلك ، لأن القتل وإطلاق الرصاص رغم أنه أمر مشروع يخوله القانون محكوما بضوابط دقيقة . ولو أنها فعلت ذلك لأعلنته ووضحت مبرراته القانونية . وتضيف أن معظم القتل يكون من الخلف ، مما يعني أن هذا طرف غير أجهزة الأمن التي تكون في مواجهة المتظاهرين وليس خلفهم ..
وقد رشح أكثر من مرة ضبط مدنيين من إتجاهات سياسية مسلحين بأسلحة نارية خلف المتظاهرين بل إن أسلحة ليست من أسلحة القوات النظامية استخدمت كالبندقية الخرطوش .
الأحزاب والكيانات المحرضة للشباب تتهم القوات النظامية بكل حالات القتل . وتبادر لجنة الأطباء إلى إلصاق التهمة بها دون أن تقول كيف وصلت إلى هذا ، او ماهو نوع المقذوف الذي قتل ، وهل هو من نوع أسلحة القوات النظامية ، والمسافة التي أطلقت منها الرصاصة .
العسكريون الذين قتلوا في الحراك السياسي ليسوا فقط العميد شرطة بريمة ، او الرقيب ميرغني الجيلي ، لكن طريقة القتل تؤكد أن المسألة ليست هي النزاع العادي بين متظاهرين وعسكريين ، إنما كان واضحا فيها أنه قتل مقصود ، والقتلة نظموا أمرهم . لأنهم في حالة العميد بريمة كانوا عددا كبيرا تغلب على أفراد الشرطة المصاحبين له ، وكانوا يحملون السكاكين التي قتلوه بها . وفي حالة الرقيب ميرغني ضربوه (بٱلة) حادة أولا ، ثم أجهزوا عليه بالضرب ، ومثلوا بجثته بطريقة تؤكد أن الهدف هو تحقيق أعلى درجات الإستفزاز للجيش .
كل هذا مع استبعاد أن يكون متظاهرون (سلميون) عاديون قد تجردوا من قيم الدين والأخلاق جميعا في لحظة واحدة ، وزالت عنهم الخشية من المسئولية عن إزهاق روح أمام الله ، والخوف من المسئولية الجنائية أمام القانون .
نكون في منتهى الغفلة إذا اعتبرنا هذا القتل عاديا ووليدا لظروف طبيعية .
نعم هناك قتل (عادي) يمكن أن يحدث في إشتباكات سياسية بين متظاهرين والقوى الأمنية وكذلك داخل المجتمع .. لكن … ليس بهذه الطريقة ولا هذه الكثافة وتصاعد الوتيرة ..
* ليس غريبا ان تطلق الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع فتصيب إحداها متظاهرا في مقتل او تتسبب له الإختناق ..
* وليس غريبا أن يحصب المتظاهرون جنودا فيصاب أحدهم ويقتل ..
* وليس غريبا أن تطلق الشرطة النار على متظاهر أصبح يمثل خطرا على السلامة العامة ، او كان يحمل سلاحا قاتلا من أي نوع ..
* وليس غريبا حوادث القتل التي كانت تحدث في المجتمع ولا تتعدى حالات محدودة في كل شهر أو شهرين ..
لكن مؤكد أن الدولة مسئولة في النهاية عن كل حالة قتل :
★ فهي مسئولة ومتهمة بالإهمال بوضع العسكريين في وضع يجعل قتلهم ميسورا ، ويجردهم من أدوات الدفاع عن أنفسهم والدفاع عن غيرهم .
★ والدولة مسئولة عن مواجهة الذين زجوا بالشباب في ظروف يقتلون فيها لمجرد أن يكونوا وقودا للثورة . ومسئولة عن وضع يدها عليهم وتقديم أدلة إدانتهم وكشفهم للرأي العام ثم محاكمتهم .
★ والدولة مسئولة عن ضبط القتلة لكل من قتل ، سواء أكان القاتل من أجهزتها وكان فعله قانونيا أم كان مخالفا للقانون ، وإعلان ذلك بوضوح .
★ والدولة مسئولة أن تسد منافذ التسليح أمام المجرمين ، وتفرض هيبتها ، وتعمل وفق قوانين السودان من القانون العام ، أو قانون القوات المسلحة ، أو قانون الشرطة التي تحدد من له الحق في حمل السلاح ، وعدم الخضوع لقانون الغاب .
إن من المؤكد أن أجهزة المخابرات وعملاءها هم وراء ذلك .
وللأسف فإن أصابع التخريب الإستخباراتية وعملاءها الذين هم وراء موجات القتل هذه .وأهدافها معروفة وهي شيطنة القوات النظامية وتشويه صورتها لدى الرأي العام تمهيدا لتفكيكها ليمكنهم إحداث الفتنة التي تفكك السودان.
ويسر لها الأمر التهاون بل التفريط في مواجهة نشاطاتها الهدامة
التي لم تعد خفية . وتحدث عنها جهرة رئيس مجلس السيادة ولم يفعل شيئا لمواجهتها .
هل يمكن القول أن (الجهة) التي تقتل الناس هي شيء يذبح في عيد الأضحى ويغطيه الصوف ويقول باع … لا أدري !!!

محمد أحمد مبروك

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى