الأخبارمنوعات

متلازمة الفتاة المحظوظة.. هل حققت مراهقات تيك توك أحلامهن دون جهد؟

زهراء أحمد

متلازمة الفتاة المحظوظة.. هل حققت مراهقات تيك توك أحلامهن دون جهد؟

في الأيام القليلة الماضية، دارت بين النساء دعوات لتخيل أمنياتهن كأنها واقع يعشنه، بعدما أعلنت فتاة على تطبيق “تيك توك” أنها تعيش حياة مرفهة بسبب “متلازمة الفتاة المحظوظة“.

منشئة المحتوى على “تيك توك” لورا غالبي نشرت فيديو قصيرا، قالت فيه إن تخيلها لما تريده يكفي لتحقق أحلامها، وإن نجاحها في العامين الماضيين كان نتيجة تظاهرها بأنها ناجحة.

القوة الوهمية

يعد “التظاهر” أحدث “تقليعات” الإنترنت في مجال الصحة النفسية والعناية بالذات، ويمثل اعتقادًا بأن الأحداث الإيجابية ستتحقق لك إذا اعتقدت أن الخيال كافٍ لتحققها.

يعتمد ذلك الاعتقاد على ما يسمى بـ”قانون الجذب”، وتدّعي تلك الفلسفة أن لأفكارنا طاقة يمكنها جذب وتحديد كل ما نمر به في الحياة.

أسست المنتجة الأسترالية روندا بيرن في عام 2006 للتظاهر ليكون فكرا جديدا، عندما نشرت كتابًا بعنوان “السر” (The Secret) كان أحد أكثر كتب تطوير الذات مبيعًا في ذلك العام.

قدمت بيرن في كتابها صورة مغرية للتعامل مع العالم، حيث تكمن العقبة الوحيدة أمام تحقق أي حلم في كثرة تخيلنا له، كما لو أن ادعاء أننا بشر رائعون وناجحون وسعداء سينسج واقعًا حقيقيا.

أحلام اليقظة يمكنها تعزيز المزاج وإرضاء النفس للحظات قليلة لكنها لا تمنحنا طاقة لتحقيق الأهداف (بيكسلز)

مر عقد حتى اكتشف جيل من المراهقات قوة الادعاء والتظاهر بما لا يملكن، بعد انتشار فيروس “كوفيد-19” تحديدًا، فاعتبرنها وسيلة للتحايل على قسوة التدابير الاحترازية، وكأنها آلية لإنجاز الأشياء، في وقت نعجز فيه عن الخروج من المنزل.

دفع الملل المؤثرات على “تيك توك” إلى نشر مقاطع فيديو تعليمية تشرح طريقة تحقيق الأحلام، بينما نشرت أخريات فيديوهات بأمنيات، مثل هبوط 20 ألف دولار من السماء، وعلى المتابعات التصديق على كلامهن، بتعليقات مثل “هذا يحدث حقا”، و”ها هي أمامي على الطاولة”.

واختلفت الفتيات حول الطريقة الصحيحة لاستخدام “قوة التظاهر”، فزعم بعضهن أن كتابة الأمنية ذاتها 33 مرة لمدة 3 أيام أمرٌ كافٍ، بينما أحبطت أخريات متابعاتهن حينما اتهمنهن بالفشل في الاتصال بالعالم الروحي، في حين برر بعضهن عدم تحقق الأمنيات بأن الأمنية تحققت بالفعل في المستقبل، وأن نفسك المستقبلية تمتلك اليوم سيارة الأحلام.

هل ينفعنا الوهم؟

يُصَنَّف كثيرٌ من المؤمنين بـ”قوة التظاهر” مع المجموعات التي تؤمن بالطاقة، والروحانية، والتنجيم، والبلورات، وجميعها أفكار وثنية أخذت منحى حداثيا في الستينيات والسبعينيات.

وتؤمن النساء بتلك الأفكار أكثر من الرجال، وفق دراسة أجراها مركز “بيو” للأبحاث، لاختبار مدى شيوع الإيمان بالطاقة وعلم التنجيم بين البالغين الأميركيين، في عام 2018.

أبلغ 6 من كل 10 أميركيين عن إيمانهم بواحدة على الأقل من تلك الأفكار، وكان للنساء النصيب الأكبر، فتؤمن 7 من كل 10 نساء بها، كما انخرطت النساء في ممارسات روحانية وكن أقل عرضة لمراجعة أنفسهن.

ويعتقد الأطباء النفسيون أن “قوة التظاهر” ربما تكون مفيدة على المدى القصير، لكنها تجلب شعورًا قاسيًا بالفشل والعجز بعد ذلك، فيحتاج البشر أكثر من التفاؤل لحل مشاكلهم الحياتية، وإلا سممت “الروحانيات” معيشتهم.

أستاذة علم النفس في جامعة نيويورك غابرييل أوتينجن قالت لصحيفة “واشنطن بوست” (Washington post) إن أحلام اليقظة يمكنها تعزيز المزاج، وإرضاء النفس، للحظات قليلة، لكنها “لا تمنحنا طاقة لتحقيق الأهداف في نهاية المطاف، بل تستنزف طاقتنا، وتقلل احتمالات سعينا نحو أهدافنا”.

الملل دفع المؤثرات على “تيك توك” إلى نشر مقاطع فيديو تعليمية تشرح طريقة تحقيق الأحلام (بيكسلز)

كيف تسعدين نفسك؟

هناك ممارسات تجلب سعادة حقيقية، بخلاف قوة التظاهر هذه، حيث تعد تمارين الامتنان اليومية إحدى تلك الممارسات، وأثبتت فعاليتها في تخفيف أعراض الاكتئاب الشديد، واضطراب القلق العام، والإحباط، والإرهاق.

فهي وسيلة لتقدير ما لدينا، بدلًا من الاعتقاد بأننا لن نشعر بالرضا إلا إذا تغير الحال. ويمكن تطبيق الامتنان في حياتنا، من خلال تقدير الإنسان للخير والنعم حوله، سواء كانت ملموسة أو غير ملموسه، مثل: التنفس، والصحة، والاستمتاع بمذاق الطعام، ودفء الشمس.

وعرض تقرير، على موقع جامعة “هارفارد” الأميركية، نتائج أبحاث اختبرت آثار ممارسة الامتنان، فأكد باحثون من جامعة كاليفورنيا أن كتابة أشياء تمتنين لها أسبوعيا تزيد من تفاؤلكِ وإقدامكِ على ممارسة الرياضة، كما تخفف آلامكِ الجسدية.

وأثبت علماء النفس في جامعة بنسلفانيا أن الأشخاص الذين كتبوا خطاب شكر كل أسبوع وسلموه لأشخاص لطفاء شعروا بقدر هائل من السعادة، واستمر شعورهم لمدة شهر.

وهناك طرائق عدة لممارسة الامتنان؛ فيمكن تطبيقه على الماضي من خلال استعادة الذكريات الإيجابية، وشكر الله على نعم الطفولة، وشكر من قدم لكِ خدمة، ولم تتسنّ لكِ الفرصة لرد الجميل، أو تطبيقه على الحاضر من خلال الاعتراف بنعمة الله الحالية، وتجنب اعتبارها أمرًا مسلمًا به، أو تطبيق الامتنان على المستقبل من خلال حسن الظن بالله، والتفاؤل، وتمني الأفضل.

ستجدين الأمر صعبًا في البداية، لكن الممارسة ستجعله سهلًا، من خلال التركيز على ما تملكين، بدلًا من التركيز على ما تفتقرين إليه، وكتابة 3 نعم تجعل حياتكِ اليومية أجمل، أو كتابة رسالة شكر شهرية للتعبير عن تقديركِ لشخص، ولا تنسي كتابة رسالة شكر لنفسكِ على محاولاتها في الماضي، وصلابتها ونضوجها في الحاضر.

المصدر : مواقع إلكترونية

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى