مقالات

لواء شرطة م دكتور نجم الدين عبدالرحيم خلف الله يكتب :العلاقات الأمريكية السودانية.. لماذا لا يتجه السودان للتطبيع ( 1_2)

لواء شرطة م دكتور نجم الدين عبدالرحيم خلف الله يكتب :العلاقات الأمريكية السودانية.. لماذا لا يتجه السودان للتطبيع ( 1_2)

 

 

إن القيادة الرشيدة لأى دولة هى من تعرف كيف تحافظ على الأمن و السلام و الإستقرار فى حدود دولتها و ان تقود شعبها ألى التطور و النماء و الرفاهية و عليها ان تطرق كل الأبواب الممكنة لفعل ذلك دون تردد .
و القيادة الفاشلة لأى دولة هى من تقود شعبها الى الهلاك و التشرد و التخلف نتيجة انها تتبع سياسات لا تضع

مصلحة البلد كأولوية ، أو أن تتخذ قرارات ضارة بشعبها و بجيرانها و بمحيطها الإقليمى و الدولى .
السودان من الدول التى ابتلاها الله بقيادات سياسية فاشلة على مر تاريخها سواء كانت عسكرية ام مدنية ، حيث لم تستطع هذه القيادات المحافظة على استقرار الدولة و أمنها و لم تشهد البلاد سلاما” حقيقيا” لأسباب تتعلق بأطماع السياسيين المدنيين فى الإنفراد بالحكم و

إقصاء الآخرين فى اسوأ انواع الديكتاتوريات فى العالم ، حيث أن الأحزاب تمارس الديكتاتورية و هى ترفع لواء و شعار الديمقراطية بل لم تستطع ممارسة الديمقراطية حتى فى داخل مؤسساتها الحزبية ، كما أن معظم هذه الاحزاب رهنت قرارها فيما يتعلق ببناء السياسات و العلاقات الخارجية بموافقة دول أخرى إتخذت السودان

الحديقة الخلفية لها و البقرة الحلوب التى يجب ان تبعث خيرها إلى هذه الدول دون مقابل ، و مصدر للمواد الخام التى تعمل هذه الدول على إدخالها دائرة التصنيع و التعبئة ثم التصدير و الاستفادة من العائد الدولارى ، استغلت هذه الدول موارد السودان أسوأ استغلال ، و حجبت عن السودان الأسواق الخارجية للتوزيع ، و حجبت عنه مصادر التمويل الدولية بإختلاق العقوبات المستمرة ، و أغلقت على السودان ابواب الشركات الاستثمارية الكبرى و تعاملت معها هى بمواردنا و بمنتجاتنا .

اما العسكر فقد اساءوا الحكم بالإستيلاء على الحكم ثم الإصرار على عدم التنازل عن السلطة للمدنيين بعد الإستيلاء عليها بحجج تتعلق بالمحافظة على الأمن و السلام الذى يختل فى العهود الديمقراطية دائما” بسبب الصراعات العبثية ، كل ذلك هيأ الملعب للطامعين فى الثروات و الخيرات التى انعم الله بها على السودان فى

تأليب المجتمع الدولى لوضع السودان فى عزلة دولية مقصودة لتعطيل الانتاج و الاستثمار و تضييق فرص التسويق فى الأسواق الدولية ، و خلق الفوضى و النزاعات و الحروب بغرض إقعاد الدولة عن أداء دورها فى حماية ارضها و مواردها مما يسهل عمليات تهريب الموارد الاستراتيجية .

تفرض العقوبات على دولة السودان بحجة الانقلاب على النظم الديمقراطية او اسباب اخرى تتعلق بإنتهاكات إنسانية او سياسية ، و فى الحقيقة أن هذه الأسباب ليست هى الاسباب الحقيقية لهذه العقوبات و لا شكل الحكم فى الدولة مدنيا” كان او عسكريا” هو السبب الحقيقى وراء هذه العقوبات التى تفرضها الولايات المتحدة منفردة او عبر المنظمات الأممية ، لان هناك انظمة عسكرية و ديكتاتورية عديدة تحيط بالسودان تجد حظها من الدعم الأميركى ، كما ان هناك أنظمة ديمقراطية لم تجد التأييد الدولى برغم التأييد الداخلى من الشعب ،

يعود ذلك التباين فى المواقف لأن الأنظمة التى وجدت التأييد عرفت كيف تدير علاقتها مع الولايات المتحدة كدولة عظمى لها وضعها و مكانتها الدولية و عرفت كيف تحافظ على المصالح الأمريكية فى المنطقة او فى العالم عبر سياسات دولية و اقليمية متوازنة تؤسس إلى حماية المصالح الداخلية للدولة و استقرارها و السعى للتطور و النماء و العيش بسلام .

إن الدول التى تعانى من العزلة الدولية و الاضطرابات الداخلية المستمرة مثل السودان نموذجا”
نجدها تتميز بالاتى :

١/ غياب الرؤية الواضحة لمصالح الدولة لغياب المؤسسية و حتى إن وجدت فعادة ما تكون مؤسسات هلامية صورية تتبنى قرارات الجهاز التنفيذى و لا تستقل بقراراتها .
٢/ عدم الالتزام برؤية و بموجهات و قرارات الانظمة الاقليمية التى تنتمى لها الدولة مثل الجامعة العربية و الاتحاد الافريقى ، و كثيرا” ما نجد الدولة تنفرد بقرارات لا تتفق و رؤية المنظمات التى تنتمى لها .

٣ / عدم الوعى بمقدرات و تأثير الدول العظمى كالولايات المتحدة على النظام السياسى و المالى العالمى .

٤/ التشبع بنظرية المؤامرة ، و التردد فى الانفتاح نحو دولة كأميركا مع انها يمكن ان تقدم الكثير للسودان مقابل ان تتعاون دولة السودان للمحافظة على المصالح الأميريكية و منع التعرض لها ، و تجد السياسى السودانى يقدم خطوة و يرجع عشرة خطوات فى هذا الجانب بدون اى مبرر معقول .

٥/ الفهم الخاطئ الموروث عند الانسان السودانى ان اميركا هى عدو للأمة السودانية او الاسلامية مع ان الولايات المتحدة لاتتخذ عدوا” او صديقا” ثابتا” فى علاقاتها الخارجية و إنما يعتمد مقدار الصداقة و العداوة على مقدار مدى قدرة الدولة على تبادل المصالح المشتركة معها ، و هذه النقطة من النقاط الجوهرية التى يجب أن نقف عندها و نغير من مفهومنا إذا اردنا تحسين العلاقات مع اميركا .

٦/ عدم وعى السياسى السودانى بقيمة اميركا فى ميزان القوى العالمية و تأثيرها على كل المنظمات الدولية الأمنية و السياسية و العدلية و المالية ، و عدم الوعى بمقدار حوجتنا للدعم الاميركى فى المحافل الدولية .
٧/ عدم التقدير السليم لمدى قدرة الدولة على الدخول فى نزاع مع الدول ذات الاوزان الثقيلة مثل اميركا ، علينا

ان نعلم ان حلبات النزال تختلف حسب الموازين فهناك حلبات خاصة بنزال الاوزان الثقيلة و حلبات أخرى خاصة بنزال الاوزان الخفيفة و اوزان الريشة ، فعلينا ألا نخلط الاوراق ، لأن الجهل بالتقدير السليم يجعلك تفقد المعارك و تظل تخسر بإستمرار .

فى ختام هذا المقال نريد ان نوضح بعض المبادئ التى يجب ان نضعها نصب أعيننا و التى قد تساعدنا ان نستبين الطريق فى علافتنا مع الولايات المتحدة و هى كالاتى :

١ / لم ينهنا الله سبحانه و تعالى عن التعامل مع اميركا او اى دولة و إنما جعلنا شعوبا” و قبائل لنتعارف و نحسن التعامل و المعاملة .

٢ / اميركا دولة كبرى بها عدد كبير من المسلمين و المسيحيين و اليهود و اللادينيين من مختلف دول العالم بما فيها السودان فلذلك لا يمكن ان نصنفها كدولة يهودية

٣ / نحن نتعامل مع الصين و روسيا و الهند و عدد كبير من دول العالم فلماذا العداء مع اميركا .

٤/ القاعدة الفقهية ان درء المخاطر و المفاسد مقدم على جلب الصالح ، و درء المخاطر يحتم علينا الان التطبيع مع اميركا ذات التأثير الاكبر على النظام الدولى .

٥/ إعادة التجارب الفاشلة لا ينتج إلا للفشل و يعنى مزيد من الغرق ، و نحن ظللنا نكرر ذات الأسلوب فى التعامل مع اميركا بإعتبارها عدوا” دون أى مبرر معقول ، من اراد النجاح فعليه الاستفادة من تجارب الاخرين و التفكير فى البدائل الناجحة .

على القيادة السودانية الان تقع مسؤولية تاريخية فى المحافظة على السودان و ترابه و وحدته و أمنه ، لذا نتصحها بالتقدم بخطى واثقة نحو إغلاق منافذ الخطر و التهديد من خلال تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة ، و عليها الا تلتفت لأصوات المخذلين و أصحاب الأجندة و المصالح الخاصة .

سيدى البرهان توكل على الله و استعن به و افعل كل ما ينفع شعبك فأميركا ليست هى العدو الحقيقى للسودان ، و سنوضح فى المقال القادم بمشيئة الله من هو العدو الحقيقى للسودان و شعبه .

*و الله من وراء القصد .*

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى