الأخبارالعالمية

لن يكون البشر موجودين.. كيف ومتى تموت شمسنا؟

لن يكون البشر موجودين.. كيف ومتى تموت شمسنا؟

الآن ليس لدينا طريقة لقياس وجود النجوم على مسافة عدة مليارات من السنين في المجرات البعيدة فقط، بل اكتشفنا أيضا ما ستفعله الشمس عندما تموت.

عمرو شكر

كيف ستبدو شمسنا بعد أن تموت؟ وضع العلماء تنبؤات حول الشكل الذي ستبدو عليه نهاية نظامنا الشمسي، ومتى سيحدث ذلك، لكن البشر لن يكونوا موجودين حينها لحضور مشهد النهاية.

اعتقد علماء الفلك في السابق أن الشمس ستتحول إلى سديم كوكبي (غيمة مضيئة من الغاز والغبار) بعد موتها، حتى أشارت الأدلة إلى أنها يجب أن تكون أكبر حجما ليحدث ذلك. وقد عاد فريق دولي من علماء الفلك للاعتقاد القديم مرة أخرى عام 2018، حيث وجدوا أن السديم الكوكبي هو بالفعل ما سيتبقى من الشمس على الأرجح، حسب التقرير الذي نشرته “ساينس ألرت” Science Alert في الخامس من سبتمبر/أيلول الجاري.

موت الشمس والحياة على الأرض

يبلغ عمر الشمس حوالي 4.6 مليار سنة بناء على عمر الأجسام الأخرى في النظام الشمسي التي تشكلت في نفس الوقت تقريبا، وبناءً على ملاحظة النجوم الأخرى، يتوقع علماء الفلك أنها ستصل إلى نهاية عمرها خلال 10 مليارات سنة أخرى.

هناك أشياء أخرى ستحدث حتى ذلك الحين بالطبع، ففي غضون حوالي 5 مليارات سنة، من المرجح أن تتحول الشمس إلى عملاق أحمر، وسيتقلص لبها، لكن طبقاتها الخارجية ستمتد إلى مدار المريخ، مبتلعة كوكبنا في هذه العملية، إذا ما كانت الأرض لا تزال موجودة حتى ذلك الوقت.

هناك شيء واحد مؤكد: بحلول ذلك الوقت، من المؤكد أننا لن نكون موجودين، ففي الواقع لم يتبق للبشرية سوى مليار سنة ما لم نجد طريقة للابتعاد عن هذا الكوكب، وذلك لأن سطوع الشمس يزداد بنحو 10% كل مليار سنة.

هذه النسبة قد لا تبدو كبيرة، لكن الزيادة في السطوع ستنهي الحياة على الأرض، حيث ستتبخر محيطاتنا وسيصبح سطح الأرض ساخنا جدا بحيث يتعذر تكوين الماء، ولن يكون لدينا شيء (سنصبح مفلسين تماما).

مراحل نهاية حياة الشمس

ما بعد العملاق الأحمر هو شيء من الصعب تحديده، فقد وجدت العديد من الدراسات السابقة أنه من أجل تكوين سديم كوكبي لامع، يجب أن يكون النجم الأولي ضعف كتلة الشمس، ومع ذلك فقد استخدمت دراسة 2018 المنشورة في دورية “نيتشر أسترونومي”
Nature Astronomy النمذجة الحاسوبية لتحديد ذلك، ومثل 90% من النجوم الأخرى، فإنه من المرجح أن تتقلص شمسنا من عملاق أحمر لتصبح قزما أبيض ثم تنتهي كسديم كوكبي.

يشرح عالم الفيزياء الفلكية “ألبرت زلسترا” (Albert Zijlstra) من جامعة مانشستر University of Manchester بالمملكة المتحدة، أحد مؤلفي الورقة البحثية في بيان صحفي نشر على موقع جامعة مانشستر “عندما يموت نجم، فإنه يقذف كتلة من الغاز والغبار -تُعرف باسم غلاف النجم- في الفضاء، ويمكن أن يصل الغلاف إلى نصف كتلة النجم، وهذا يكشف عن لب النجم والذي يكون في هذه المرحلة من حياة النجم قد نفد وقوده، وينطفئ في النهاية قبل أن يموت أخيرا”.

ويستطرد زلسترا “عندها فقط سيلمع هذا الغلاف المقذوف بشكل ساطع بفضل اللب الساخن لمدة حوالي 10 آلاف عام، وهي فترة وجيزة في علم الفلك، وهذا ما يجعل السديم الكوكبي مرئيا، فبعضها شديد السطوع بحيث يمكن رؤيته من مسافات كبيرة للغاية تصل لعشرات الملايين من السنين الضوئية، في حين أن النجم نفسه سيكون أضعف من أن يرى”.

السدم الكوكبية وبعد النجم

يتنبأ نموذج البيانات الذي أنشأه الفريق في الواقع بدورة حياة أنواع مختلفة من النجوم، لمعرفة مدى سطوع السديم الكوكبي المرتبط بكتل النجوم المختلفة، فالسدم الكوكبية شائعة نسبيا في جميع أنحاء الكون المرئي، ومن أشهرها سديم هيليكس، سديم عين القط، السديم الحلقي، سديم الفقاعة.

تمت تسميتها بالسدم الكوكبية ليس لأن لها علاقة بالكواكب، ولكن لأنها عندما اكتشفها من قبل “وليام هيرشل” William Herschel أواخر القرن 18، كانت مشابهة في مظهرها للكواكب عند رؤيتها من خلال التلسكوبات في ذلك الوقت.

منذ ما يقرب من 30 عاما، لاحظ علماء الفلك شيئا غريبا: السدم الكوكبية الأكثر سطوعا في المجرات الأخرى تتمتع جميعها بنفس مستوى السطوع، وهذا يعني أنه -من الناحية النظرية على الأقل- من خلال النظر إلى السدم الكوكبية في المجرات الأخرى، يمكن لعلماء الفلك حساب بعدهم.

وقد أظهرت البيانات أن هذا كان صحيحا، لكن النماذج ناقضته، الأمر الذي أثار حفيظة العلماء منذ اكتشاف هذا، يقول زلسترا “النجوم القديمة ذات الكتلة الأقل يجب أن تصنع سدما كوكبية أكثر خفوتا من النجوم الشابة والأكثر ضخامة. لقد أصبح هذا مصدرا للخلاف على مدار 25 عاما الماضية”.

ويكمل “تشير البيانات إلى أنه يمكنك الحصول على سديم كوكبي لامع من نجوم قليلة الكتلة مثل الشمس، ولكن النماذج أشارت إلى أن ذلك غير ممكن، فأي شيء أقل من ضعف كتلة الشمس سيعطي سديما كوكبيا باهتا للغاية بحيث لا يمكن رؤيته”.

وقد نجحت نماذج 2018 في حل هذه المشكلة من خلال إظهار أن الشمس تقترب من الحد الأدنى لكتلة نجم يمكنه إنتاج سديم مرئي، فحتى النجم الذي تقل كتلته عن 1.1 مرة كتلة الشمس لن ينتج سديما مرئيا، ومن ناحية أخرى فإن النجوم الأكبر التي تصل كتلتها إلى 3 أضعاف كتلة الشمس ستنتج السدم الأكثر إشراقا، وبالنسبة لجميع النجوم الأخرى الواقعة بينهما، فإن السطوع المتوقع قريب جدًا مما تم رصده.

يقول زلسترا “هذه نتيجة جيدة. فالآن ليس لدينا طريقة لقياس وجود النجوم على مسافة عدة مليارات من السنين في المجرات البعيدة فقط -وهو نطاق يصعب قياسه بشكل ملحوظ- بل اكتشفنا أيضا ما ستفعله الشمس عندما تموت!”.

المصدر : ساينس ألرت

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى