كيف تؤثر ساعات ما قبل النوم على مزاج طفلك وسلوكه؟
يحتاج الطفل إلى النوم الهادئ حتى ينمو عقليا وجسديا ويطور مهاراته الحركية والسلوكية. وتحاول الأم استخدام تقنيات وأساليب مختلفة لمساعدة طفلها على النوم، لكن وجد العلماء أن بعض الأساليب التقليدية التي تستخدمها الأم قبل النوم، كالمشي وركوب السيارة واللعب، تؤثر سلبا على مزاج الطفل ونموه السلوكي. ونصحوا باستخدام تقنيات أخرى لها تأثير إيجابي على سلوك الطفل ومزاجه.
لماذا النوم الجيد مهم للطفل؟
يعد النوم جزءا أساسيا في أسلوب الحياة الصحي لكل طفل. وبحسب “مؤسسة جونز هوبكنز الطبية للأطفال” Hopkinsallchildrens، فإن الأطفال الذين يحصلون على قسط كاف من النوم بانتظام لديهم تحسن كبير في الانتباه والسلوك والتعلم والذاكرة والصحة العقلية والبدنية عموما، مقارنة بالأطفال الذين لا يحصلون على مقدار كاف من النوم وقد يصل بهم المطاف إلى ارتفاع ضغط الدم والسمنة وحتى الاكتئاب.
يختلف مقدار النوم الذي يجب أن يحصل عليه الطفل بحسب العمر:
- فيحتاج الرضع الذين تبلغ أعمارهم أقل من عام واحد بين 12 و16 ساعة من النوم.
- أما الأطفال من سن عام إلى عامين، فيحتاجون من 11 إلى 14 ساعة.
- بالنسبة إلى الأطفال من عمر 3 إلى 5 سنوات، يكفيهم ما بين 10 إلى 13 ساعة،.
- بينما الأطفال من سن 6 إلى 12 سنة لا بد أن يحصلوا على 9 إلى 12 ساعة من النوم يوميا.
- في حين يوصى بأن ينام المراهقون من 13 إلى 18 عاما نحو 8 إلى 10 ساعات يوميا.
قسط غير كاف من النوم يعني مزاج حاد
يعاني الطفل الذي لا يحصل على مقدار كاف من النوم من مزاج حاد ومتأرجح ما بين الغضب وفرط النشاط. ووفقا لمنظمة “سليب فاونديشن” Sleepfoundation يمكن أن يؤثر النوم أيضا في قدرة الطفل على الانتباه والتركيز، مع تداعيات سلبية على أدائه في المدرسة وتأثيرات غير إيجابية على حياة الطفل اليومية.
وترتبط قلة النوم في مرحلة الطفولة المبكرة بمشكلات في جهاز المناعة، بجانب القلق والاكتئاب.
النوم والمزاج
لا يتحكم مقدار النوم بمزاج الطفل وسلوكه فقط، إذ وجدت دراسة حديثة أن الطرق والأساليب التي تستخدمها الأم لمساعدة طفلها على النوم ترتبط بتطوّر مزاج الطفل ونموه السلوكي.
ويعبر المزاج هنا عن الطريقة التي ينظم بها الأطفال سلوكهم ويتعاملون مع عواطفهم. ويمكن أن يكون لأمزجة الطفل المختلفة تأثيرات على صحته العقلية والبدنية.
في الدراسة التي نشرت على منصة المؤسسة البحثية العلمية “فرونتيرس إن سيكولوجي” Frontiers in Psychology عمل الباحثون على قياس تأثير تقنيات دعم النوم المختلفة على مزاج الطفل عبر 14 ثقافة.
وتوصلوا إلى أن الطرق التقليدية لمساعدة الطفل على النوم، مثل الحضن والغناء والقراءة، مرتبطة بشكل إيجابي بمزاج الطفل، مقارنة بالأساليب الناشطة كالمشي وركوب السيارة واللعب.
وكشفت الدراسة -التي شملت 841 شخصا من مقدمي الرعاية وغالبيتهم من الأمهات في 14 دولة تضم بلجيكا والبرازيل وتشيلي والصين وفنلندا وإيطاليا والمكسيك وهولندا ورومانيا وروسيا وإسبانيا وكوريا الجنوبية وتركيا والولايات المتحدة- أن طرق النوم تساهم بشكل مستقل في اختلافات مزاج الطفل عبر الثقافات.
في الثقافات التي تعتمد بشكل أكبر على الإستراتيجيات التقليدية كالغناء والقراءة والحضن لمساعدة الأطفال على النوم، تخلق لديهم درجات أعلى في التواصل الاجتماعي والمزاج الجيد، فيكون الأطفال أكثر ميلا إلى الابتسام والضحك والنشاط والحماسة. بينما أظهر استخدام التقنيات الناشطة للنوم، كالمشي واللعب وأخذ الطفل في جولة في السيارة حتى ينام، ترتبط بمزاج سيئ للطفل، وتجعله يشعر عموما بالضيق، وتنمي لديه مشاعر الخوف والغضب والحزن وعدم الراحة.
التقنيات التقليدية للنوم:
القراءة: تعد القراءة وسرد قصص ما قبل النوم للطفل أمرا مفيدا جدا، فضلا عن أنه يحسن التفاعل بين الأم وطفلها ويحسن مزاجه عموما، إذ يعزز قدراته على التفكير الإبداعي منذ الصغر.
جعل القراءة جزءا من روتين الليل يساعد الطفل على الهدوء وفهم أن الوقت قد حان للنوم، وبحسب موقع “مام جانكشين” Momjunction، تعد القراءة طريقة جيدة لتهدئة عقل الطفل وجسده قبل النوم، إذ إن قراءة القصة ستساعده على الانخراط في عالم مختلف تماما والتخلّص من كل مخاوفه وقلقه، كما يمكنها تحسين مهارات الانتباه لديه وتساعده على تطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية من خلال القدرة على التعبير عن مشاعره وأفكاره.
الغناء: يعد إدراج الغناء، كجزء أساسي في الروتين اليومي، أمرا ضروريا وصحيا لتحسين مزاجه وصحته العامة. وفقا لـ “ليسون إن يور هوم” Lessonsinyourhome، فإن ممارسة الغناء للطفل ومن ثم إشراكه في الغناء مع الأم يساعد على تقليل التوتر لدى الطفل، لأنه يساعده على التنفس السليم، وتكون لديهم سعة رئوية أكبر لأنهم يتعلمون تقنيات التنفس المناسبة.
إلى جانب تقليل التوتر، يعد الغناء أيضا مهدئا للأطفال، إذ يتطلب غناء أغنية تركيزا ذهنيا لتذكر الكلمات واللحن الذي تم ضبطه عليه. ويمكن للأطفال الذين يعانون من نوبات الغضب أو الانزعاج بسهولة تغيير حالتهم المزاجية جذريا باستخدام أغنية مفضلة لتهدئتهم وتغيير موقفهم، ومن ثم النوم بهدوء وعمق.
العناق: للحضن تأثير سحري على الطفل ونموه وإدراكه. ويساعد حضن الأم على نمو الطفل وتوسيع مداركه.
وبحسب “بارينتينغ فور برين” Parentingforbrain، يساعد العناق على تنظيم عواطف الطفل وتهدئته وتحسين مزاجه عموما، كما يساعده على النمو وتطور الدماغ السليم.
ويساهم الحضن في جعل الأطفال أكثر مرونة من خلال تقليل التأثير السلبي للخلافات عليهم، كما يعزز لديهم التفاؤل والإتقان واحترام الذات.
أما حفاظ الأم على عناق طفلها دائما، وبشكل يومي، فيساعد على نموه النفسي والجسدي بشكل سليم، ويحسن الترابط بينهما ويعزز ثقة الطفل بالآخرين وتمكنه من بناء علاقات صحية وسليمة.