قادة مجموعة السبع يجتمعون في ألمانيا للبحث عن حلول لأزمات العالم
بدأت قمة دول مجموعة السبع الصناعية في قصر إلماو بمقاطعة بافاريا في جنوب ألمانيا، وستبحث القمة إيجاد حلول لأزمة الطاقة والغذاء وارتفاع التضخم وحرب روسيا على أوكرانيا.
وتعقد القمة في جبال الألب البافارية، بمشاركة قادة الدول الصناعية السبع الكبرى (ألمانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة)، وقد نُشر آلاف من رجال الشرطة لضمان أمن القمة التي تستمر حتى الثلاثاء في مجمع فاخر عند سفوح الجبال.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن في افتتاح القمة إن الضربات الصاروخية الروسية على العاصمة الأوكرانية (كييف) في الليل وفي وقت مبكر من صباح اليوم الأحد مثال آخر على الهمجية الروسية.
وكان بايدن قد استبق انعقاد القمة بالإعلان أن دول مجموعة السبع “جي 7” تعتزم إعلان حظر استيراد الذهب الروسي خلال قمة المجموعة في بافاريا (جنوبي ألمانيا).
وذكر بايدن اليوم الأحد على تويتر أنه من الممكن بذلك حرمان روسيا من عشرات المليارات من الدولارات من عائدات هذه السلعة التصديرية المهمة.
وفي تصريح آخر خلال لقائه مع المستشار الألماني أولاف شولتز، قال بايدن إن بوتين كان يراهن على انقسام الغرب وتفكك الناتو ومجموعة السبع، ولكن ذلك لم يحدث ولن يحدث أبدا، مشددا على أن “هناك الكثير لنفعله لمواجهة التحديات الاقتصادية جراء الاعتداء الروسي على أوكرانيا”.
وكان الرئيس الأميركي وصل إلى ألمانيا يوم أمس السبت في أول زيارة له إليها منذ توليه منصبه.
ومن المقرر أن يجري بايدن محادثات ثنائية مع المستشار الألماني، كما يشارك في القمة أيضا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبر خاصية الفيديو لمطالبة القادة بمزيد من العقوبات على موسكو.
وبدوره، قال مسؤول كبير بالإدارة الأميركية -اليوم الأحد- إن مجموعة الدول السبع ستعلن حظرا على واردات الذهب الروسي يوم الثلاثاء، في إطار الجهود الجارية لمعاقبة روسيا على حربها في أوكرانيا وعرقلة محاولات التملص من العقوبات الغربية.
وقال المسؤول إن بريطانيا والولايات المتحدة ستعلنان هذه الخطوة اليوم الأحد، يليها إعلان رسمي يوم الثلاثاء.
وأضاف “الرئيس (الأميركي) وغيره من قادة مجموعة السبع سيواصلون العمل لمحاسبة (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين”.
ومن جهتها، قالت الحكومة البريطانية -اليوم الأحد- إنها ستحظر مع الولايات المتحدة واليابان وكندا أي واردات جديدة من الذهب الروسي في إطار إجراءات تهدف إلى معاقبة موسكو على غزوها أوكرانيا.
وأكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن ثمن السماح لبوتين بالانتصار في هذه الحرب سيكون أفدح بكثير مما ندفعه الآن.
كلفة انتصار روسيا
وفي حديث له قبيل بدء قمة مجموعة السبع اليوم الأحد، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنه لا بد لزعماء العالم أن يدركوا أن هناك ثمنا لدعم أوكرانيا، يشمل ارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء، لكن عليهم أيضا إدراك أن ثمن السماح لروسيا بالفوز سيكون أعلى بكثير، وأنه يتعين على الغرب الحفاظ على وحدته في مواجهة ما وصفه بعدوان موسكو.
وأضاف للصحفيين “من أجل حماية هذه الوحدة ومن أجل إنجاحها، يجب إجراء مناقشات صادقة حقا بشأن تداعيات ما يحدث والضغوط التي يشعر بها الأصدقاء والشركاء”.
ومضى يقول “لكن ثمن التراجع وثمن السماح (للرئيس الروسي فلاديمير) بوتين بالنجاح واقتطاع أجزاء كبيرة من أوكرانيا ومواصلة برنامجه للغزو سيكون أعلى بكثير، والجميع هنا يدرك ذلك”.
كما حذّر جونسون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من “أي محاولة” للتوصل إلى “حل تفاوضي” الآن في أوكرانيا، لأن ذلك سيؤدي إلى إطالة حالة “انعدام الاستقرار العالمي”، وفق ما أعلنت رئاسة الحكومة البريطانية.
وقال المتحدث باسم الحكومة إن الزعيمين توافقا أثناء لقاء على هامش قمة مجموعة السبع في ألمانيا، على أن الوقت الحالي هو “لحظة حساسة في تطوّر النزاع ومن الممكن قلب مسار الحرب”.
أما الرئاسة الفرنسية، فقالت إن جونسون أبدى اهتماما و”حماسا كبيرا” لفكرة إنشاء مجموعة سياسية أوروبية.
ومن جهته، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إن على الدول السبع الكبرى مساعدة أوكرانيا ودعم الاقتصاد الأوروبي وحلفائه.
وعبّر شارل ميشال عن رغبة المجلس في عزل روسيا وإقناع الدول بعدم بناء تحالفات معها، وأضاف أن على الجميع مواجهة تحديات ارتباط الاقتصاد بالطاقة الروسية.
واعتبر مستشار الرئيس الأوكراني أن قصف المدن الأوكرانية رسالة من بوتين إلى قمة الدول السبع.
ومن جانبه، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إن قمة مجموعة السبع المنعقدة في ألمانيا يجب أن ترد بفرض مزيد من العقوبات على روسيا، ومد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة الثقيلة لهزيمة الإمبريالية الروسية المريضة، وفق تعبيره.
كما اعتبر ميخايلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني، قصف المدن الأوكرانية رسالة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الدول السبع، مفادها أنه يرسل الصواريخ إلى وسط كييف وبجوار السفارات الغربية، فماذا ستفعلون؟
وأضاف بودولياك أن بوتين يسأل الغرب بازدراء: هل ترفضون دفع ثمن الغاز بالروبل أم أنكم لن تحتاجوا إلى الإنتاج الروسي من النفط والحبوب والمعادن؟ بحسب تعبيره.
“لا تتخلوا” عن أوكرانيا
وسيكون استمرار الدعم لأوكرانيا التي دخل الهجوم الروسي على أراضيها شهره الخامس في صلب اجتماع مجموعة السبع، وكذلك على رأس جدول أعمال قمة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ستُعقَد على مدى يومين في مدريد بدءا من 28 يونيو/حزيران.
وذكر المستشار الألماني أولاف شولتز الذي تستضيف بلاده قمة مجموعة السبع هذا الأسبوع أن دعم أوكرانيا سيتطلب “مثابرة لأننا ما زلنا بعيدين” عن حصول مفاوضات سلام بين كييف وموسكو.
من جهته، حذر الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ من أن الحرب في أوكرانيا قد تستمر “سنوات”.
أما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي يُخاطب قادة مجموعة السبع غدا الاثنين عبر الفيديو، فسيُطالب مجددا بإرسال أسلحة ثقيلة إلى بلاده بعد سيطرة الروس على سيفيرودونيتسك (شرق).
ويريد بايدن أن يُظهر لحلفائه أن مقارعة روسيا والتصدي للصين هدفان متكاملان وغير متعارضين، حسب ما قال منسق التواصل الإستراتيجي في البيت الأبيض جون كيربي.
من جهته، أكد مسؤول رفيع في البيت الأبيض أن قمة مجموعة السبع يجب أن تتوصل إلى “مجموعة مقترحات ملموسة لزيادة الضغط على روسيا وإظهار دعمنا الجماعي لأوكرانيا”.
ولم يُحدد المسؤول بالتفصيل هذه الإجراءات المحتملة، في حين اتخذت الدول الغربية من قبل قرارات بشأن جوانب عدة من العقوبات ضد نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وعشية القمة، دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قادة مجموعة السبع إلى عدم “التخلي عن أوكرانيا”، محذرا من أي “تراخ” في دعم كييف، وأعلن عن مساعدات اقتصادية إضافية لكييف.
غير أن البيت الأبيض نفى وجود أي تراخ غربي في هذا الإطار، وقال كيربي “لم نشهد تصدعات وشقوقا” داخل الحلف الأطلسي.
قادة يواجهون صعوبات في بلدانهم
ويتوقع أن يُدرج على رأس جدول أعمال المناقشات بدءا من اليوم الأحد الخفض الكبير في شحنات الغاز من قبل موسكو، الذي يهدف في رأي الغربيين إلى التسبّب بأزمة طاقة في أوروبا قبل فصل شتاء سيسوده التوتر على الأرجح.
وسيبدأ قادة الدول السبع محادثاتهم بجلسة حول الاقتصاد العالمي الذي يعاني من تضخم متسارع مرتبط خصوصا بارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.
وتهدف مشاركة إندونيسيا والهند والسنغال وجنوب أفريقيا والأرجنتين، وهي اقتصادات ناشئة معرضة بشكل خاص لخطر نقص الغذاء وأزمة المناخ، في القمة إلى صياغة ردود مشتركة على هذه التحديات.
وتتوقع الجهات الفاعلة في مجال المناخ أيضا تقدما ملموسا من مجموعة السبع، بما في ذلك “التخطيط” للتخلص الكامل من الوقود الأحفوري.
وستستكمل الجلسات بلقاءات ثنائية تبدأ صباح اليوم الأحد باجتماع بين الألماني أولاف شولتز وجو بايدن اللذين يواجه كل منهما مواقف صعبة في بلده.
وشهد المستشار الألماني انخفاضا في شعبيته في الأشهر الأخيرة بسبب عدم إظهاره دعما قويا لكييف، في حين يعوّل على مجموعة السبع هذه لتلميع صورته في ألمانيا وخارجها.
أما بايدن فيواجه أميركا أكثر انقساما بعد أن طعنت المحكمة العليا في حق الإجهاض، في بلد يعاني بشدة من ارتفاع معدلات التضخم.
وأخفق نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أسبوع في الحصول على الأغلبية المطلقة، وسيتعين عليه التعامل مع أطراف أخرى في التزام غير مسبوق له.
أما جونسون الذي أضعفته فضيحة الحفلات (بارتي غيت)، فقد شهد خسارة حزبه مقعدين في انتخابات فرعية ويبدو في مأزق.
وبعد قمة مجموعة السبع في ألمانيا، سيتوجه بايدن وزعماء آخرون إلى إسبانيا لحضور قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العاصمة مدريد، بين 28-30 يونيو/حزيران الجاري.
ويشارك في القمة زعماء دول وحكومات 30 دولة عضو، إلى جانب الدول الشريكة للحلف (أستراليا ونيوزيلندا واليابان وكوريا الجنوبية)، والدول المتقدمة بطلب العضوية (فنلندا والسويد).
وسيبحث قادة الحلف في القمة القضايا الملحّة التي تواجه الحلف، كما ستحدد القمة الاتجاه الإستراتيجي للناتو للعقد المقبل وما بعده، لضمان استمرار تكيف الحلف مع تغيرات العالم والحفاظ على أمن مواطنيه البالغ عددهم مليار شخص، وفق ما ذكر موقع الحلف على الإنترنت.