في البلدان التي تملك أسلحة نووية.. من المخول بالضغط على الزر؟
لا شك أن استخدام الأسلحة النووية ضدّ العدو قرار له عواقب وخيمة، لذا فإن مسألة معرفة من يقرر هذا الأمر في الدول التي توجد بها أسلحة نووية أمر بالغ الأهمية، بحسب ما جاء في تقرير لمجلة فرنسية.
التقرير الذي كانت مجلة لوبوان (lepoint) قد نشرته قبل مدة وأعادت نشره اليوم، اعتمدت فيه على دراسة أعدها خبيران في الجغرافيا السياسية، ميّزا فيها بين “مدرستين” أساسيتين فيما يتعلق بالسلطة في المسائل النووية: فهناك أنظمة من النوع البرلماني، حيث لا يخضع قرار استخدام الأسلحة النووية لسلطة فرد واحد، وهناك المدرسة الرئاسية، حيث يعود القرار في الأساس إلى الرئيس، وهناك الصين وكوريا الشمالية اللتان تتبع كل منهما أسلوبا خاصا بها.
لوبوان استقت معلوماتها من مقال مشترك للخبيرين جيفري لويس وبرونو ترتري، “الإصبع على الزر: سلطة استخدام الأسلحة النووية في الدول المسلحة نوويا”، أوضحا فيه كيف يتخذ القرار بشأن استخدام الأسلحة النووية في 9 بلدان، هي: الولايات المتحدة، وروسيا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، والصين، وإسرائيل، والهند، وباكستان، وكوريا الشمالية.
وقد لاحظ المؤلفان أنه باستثناء الحالة القصوى لكوريا الشمالية، فإن استخدام الأسلحة النووية يعتمد على سلطة جماعية، مما يحدّ من إمكانية اتخاذ قرار غير معقول من قبل فرد واحد.
الولايات المتحدة
في الولايات المتحدة، من المعروف أن الشرعية التي يحصل عليها الرئيس بمجرد انتخابه تمنحه سلطة مباشرة وفورية على القضايا النووية. ومع ذلك، وعلى الرغم من أنه يتمتع بسلطة إصدار أوامر باستخدام الأسلحة النووية باعتباره رئيسا للقوات المسلحة، فإن لويس وترتري يؤكدان أن الضغط على الزر النووي يتطلب سلسلة من الأوامر التي يجب أن تتم المصادقة عليها من قبل شخصين في نهاية المطاف.
روسيا
وفي روسيا، حيث يعتبر الرئيس قائدا للقوات المسلحة، يتم منح الإذن باستخدام الأسلحة النووية من قبل الثلاثي: الرئيس، ووزير الدفاع، ورئيس الأركان العامة. ويمكن منح هذا الإذن بطريقتين: إما عبر شبكة القيادة والسيطرة الإلكترونية الروسية “كازبيك” (Kazbek)، أو من خلال نظام مراقبة الأسلحة النووية الأوتوماتيكي الذي كان معروفا في حقبة الحرب الباردة باسم “بريميتر” (Perimeter).
المملكة المتحدة
وتعهد المملكة المتحدة بقرار استخدام الأسلحة النووية إلى رئيس الوزراء، لكن من غير المرجح أن يتم ذلك دون استشارة مسبقة للملكة أو الملك (حتى لو لم يكن هناك نص بذلك)، كما يُظهر تاريخ البلاد أن استخدام الأسلحة النووية سيكون “قرارا وزاريا جماعيا”، تماشيا مع التقاليد البريطانية، وفقا للمجلة.
فرنسا
وفي فرنسا، ينص الدستور أيضًا على أن الرئيس هو رئيس للقوات المسلحة، مما يخوله استخدام الأسلحة النووية.
وعلى الرغم من عدم وجود التزام بالتشاور مع المسؤولين الآخرين بشأن هذه المسألة، فإن قرار استخدام الأسلحة النووية يتم التحقق منه من خلال “سلسلة أمنية”، بالإضافة إلى “سلسلة تنفيذ” من قبل رئيس الوزراء ومفتش الأسلحة النووية، وربما رئيس الأركان الخاصة، و”يشارك شخصان في كل مستوى من مستويات السلسلة”.
الصين
في هذا البلد تتبع القوات النووية الصينية للجنة العسكرية المركزية للحزب الشيوعي، وهي تحت قيادة الرئيس، وتتكون هذه اللجنة اليوم من 7 أعضاء، بمن فيهم وزير الدفاع ورئيس الأركان وممثلون عن كل فيلق من القوات المسلحة.
ونظرا إلى أن الرئيس هو المدني الوحيد في اللجنة العسكرية المركزية، فإن القرار متروك له بلا شك، لكن الكاتبين يعتقدان أن “أهم سلطة سياسية في البلاد -وهي اللجنة الدائمة للمكتب السياسي- لا بد أن تتم استشارتها، بحسب الوقت المتاح وإذا سمحت الظروف بذلك”.
إسرائيل
لا يملك رئيس الوزراء الإسرائيلي أي سلطة على جيش بلاده وفق الدستور، وتتخذ قرارات الدفاع من قبل اللجنة الوزارية المكلفة بالأمن القومي المؤلفة من 7 إلى 10 أعضاء في الحكومة.
الهند
في الهند، وعلى الرغم من أن الرئيس هو قائد القوات المسلحة، فإن المجلس السياسي برئاسة رئيس الوزراء، هو الوحيد المخول بالسماح باستخدام الأسلحة النووية. وبالتالي، فإن القرار يعود لرئيس الوزراء، لكن أحد الكاتبين يشير إلى أنه لا يمكن لرئيس الوزراء الأمر بالضغط على الزر النووي دون موافقة مستشار الأمن القومي.
وبعد ذلك يتم إرسال الأمر إلى قيادة القوات الإستراتيجية التي تسيطر على “جميع الرؤوس الحربية النووية الهندية”، ومن المحتمل أن تتطلب “إذنا من قبل اثنين من المسؤولين في كل مستوى” من التسلسل القيادي.
باكستان
تخضع القوات النووية الباكستانية لسيطرة هيئة القيادة الوطنية (NCA) منذ عام 2007، وقد تم تسليم قيادة هذه الهيئة -التي عُهد بها سابقا إلى الرئيس- إلى رئيس الوزراء في عام 2009.
ويطبق المجلس الوطني التأسيسي مبدأ الإجماع، حيث يتطلب أي قرار باستخدام الأسلحة النووية إجماعا (أو -في حالة فشل ذلك- تصويت الأغلبية)، ويكون لرئيس المجلس الوطني التأسيسي القول الفصل. ويعتقد أنه يجب على كل من رئيس الوزراء ورئيس الدولة الإذن بتفعيل الرموز اللازمة لفك شفرة الأسلحة النووية.
كوريا الشمالية
وعلى الرغم من قلة المعلومات المتوفرة عن برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، يبدو أنه “لا يمكن استخدامها إلا بأمر من القائد الأعلى للجيش الشعبي الكوري”، وذلك بموجب قانون يرجع تاريخه إلى عام 2013، وتقع هذه المسؤولية على عاتق رئيس لجنة شؤون الدولة، وهو الزعيم كيم جونغ أون نفسه، وفقا للمجلة.