أفريقياالأخبار

فاطماتا بينتا أفضل طاهية في 2021.. سفيرة “المطبخ الفولاني” إلى العالم

فاطماتا بينتا أفضل طاهية في 2021.. سفيرة “المطبخ الفولاني” إلى العالم

تصف فاطماتا نفسها بأنها الطاهية الفولانية البدوية الكلاسيكية

كثير من الصحف والمواقع الإلكترونية تهتم بتسليط الضوء على نماذج من النساء الأفريقيات المُلهمات والرائدات، من بينها صفحة “وومن باور أفريكا” (Women Power Africa) على فيسبوك. لكن موقع مجلة “فوربس” (Forbes) اختار أن يختتم عام 2021 بتعريفنا بشخصية فاطماتا بينتا، تلك الطاهية التي استطاعت أن تكون سفيرة لثقافة “الطهي الفولاني” من غرب أفريقيا إلى العالم.

و”الفولان” قبيلة تضم حوالي 20 مليون شخص، معظمهم من الرعاة المنتشرين في غرب أفريقيا، ويعتبرون أكبر مجموعة بدوية في كوكبنا تعشق الترحال والتكيف.

عملت فاطماتا مقدمة برنامج تلفزيوني، ثم مسؤولة مبيعات في مجال تكنولوجيا المعلومات، ومدرسة للغة الإنجليزية، وباعت الساندويشات لطلاب جامعة ييل، ودرست العلاقات الدولية، حتى تابعت دراساتها لفنون الطهي في نيروبي.

وقد نجحت في أن تترجم جمال غرب أفريقيا إلى نكهات مشهورة عالميا، تقترن بقصص شعبها وبإيقاع النغمات الأفريقية، ومطبخها الفولاني الذي يقوم على الاستدامة. فالأيدي هي أدوات المائدة، والطعام يعتمد بالدرجة الأولى على النباتات، ويأتي من الأرض بحسب الفصول والظروف، ويتم تناوله جلوسا على حصائر مشتركة دون أحذية، وغير مسموح بإهدار ولو حبة أرز واحدة.

رحلة التأسيس الفولاني

بينتا التي وُلدت لأبوين من الشعب الفولاني، انتقلا من كوناكري عاصمة غينيا إلى فريتاون عاصمة سيراليون ضمن عائلة كبيرة، كان الطعام يحتل مركز الصدارة في ثقافتهم دائما، مما جعلها تندمج في عملية الطهي مبكرا، حتى أصيبت بحروق من الدرجة الثالثة بسبب الزيت الساخن عندما كانت طفلة في السادسة من عمرها؛ لا تزال تحمل ندوبها حتى الآن، وتقول عنها إنه “على الرغم من ألم تلك الإصابة، فإنها جعلت حبي للطعام يزداد قوة”.

تتذكر بينتا نشأتها في مكان تتمتع فيه الثقافة والتقاليد بقدر كبير من الأهمية والعمق، وبقدر ما يُعد الطعام مصدرا للرفاهية فإنه أيضا لا بد أن يتسم بالاستدامة؛ حيث “يعود الناس إلى منازلهم بكل المكونات الملونة كأنها قوس قزح، يحملونها في سلة واحدة، دون أن يستخدموا البلاستيك مطلقا”.

وبين سن الثامنة والعاشرة، عاشت بينتا مع جدتها التي كانت تمتلك مطعما علمتها فيه المهنة، وغرست فيها قوانين الطهي الفولانية، وفي مقدمتها تقليل الهدر؛ قائلة “إذا أسقطت حبة أرز على الأرض، فإن الأرز سيبكي”.

سفيرة الطهي الفولاني

عندما اندلعت الحرب الأهلية في سيراليون (1991-2002)، انضمت بينتا البالغة من العمر 11 عاما إلى والدتها، حيث لم تكن الحياة سهلة في منطقة فيها حرب، وأصبح الطعام يتخذ شكلا جماعيا.

فأحد الجيران يأتي بحفنة أرز، والآخر يقدم الذرة، وثالث يأتي بالبصل، ومن هذه المكونات البسيطة، تعلمت بينتا أن تصنع وجبات جماعية، تصفها بأنها “كانت التجربة الأفضل على الإطلاق”.

فقد علمتها “أن الطعام يجب ألا يكون معقدا ليكون مذاقه جيدا، وأنه قادر على إنشاء جسر بين الناس والمجتمعات”.

وفي سن 12، وتحت وطأة الحرب، اضطرت بينتا للعودة إلى قرية صغيرة جدا في غينيا، بصحبة والدتها وعائلتها المكونة من 300 إلى 400 شخص، مما زاد من حماس الصغيرة لتفعل كل شيء من الصفر، بدءا من الذهاب إلى الغابة وجمع الحطب لطهي الطعام، ثم السير مسافة ميل تقريبا للحصول على الماء، لأنه كان هناك الكثير من الناس يجب إطعامهم.

ومع ذلك، “كان كل شيء طبيعيا وعضويا، يأتي من حديقة الفناء الخلفية” كما تقول بينتا، وتضيف “إذا أردنا بطاطا حلوة، نذهب ونقطفها لتحضير وجبة طازجة”. ومن هنا ترسخ لديها طموح مبكر لتكون سفيرة لثقافة قبيلتها، تستخدم الطهي للتأثير على حياة الآخرين.

“الفونيو” الطعام الفولاني المُستدام

الفونيو هي حبوب مغذية عالية الإنتاجية، تُزرع في غرب أفريقيا، وتُعد من أسرع الحبوب نموا في العالم، حيث تنضج خلال 6 إلى 8 أسابيع، مما يجعلها طعاما مستداما لكثير من الأفواه.

وتُجيد بينتا صنع الفونيو بعدة طرق، فأول عمل كانت تقوم به هو حلب الماشية كل صباح، واستخدام الحليب في صنع الزبدة لإعداد عصيدة الفونيو الكريمية الأساسية لوجبتي الغداء والعشاء.

وبعد أن التحقت بالجامعة لدراسة العلاقات الدولية، بدأت في إحياء ونشر تقاليد عائلتها في الطهي؛ بإعداد وجبات في المنزل، وتقديمها لزملائها. ثم اتجهت إلى إسبانيا، وعملت بالطهي لتغطية نفقاتها؛ لكنها لم تسمح للقيود الوظيفية الصارمة أن تسرق روحها البدوية، وتجعل الثقافة الأفريقية والفولانية تتلاشى منها تدريجيا.

وكرّست فاطماتا نفسها لفهم المزيد عن الثقافة الواسعة والمتنوعة لشعبها الفولاني، حتى تتمكن من نقلها للعالم أجمع، وقالت “أعرف مدى جمال هؤلاء الناس، إنهم شعب مضياف، يستحقون أن أروي قصصهم”. لتظل لمدة 4 سنوات تتنقل بين التجمعات، وتطبخ للناس طعاما من الحبوب القديمة والتوابل الأصلية والمكونات الإقليمية لغرب أفريقيا، يتناولونه على حصيرة مستوحاة من تقاليد فولانيي غانا وغينيا ومالي ونيجيريا.

 

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى