فائز الزاكي حسن يكتب: شركات الاتصالات السودانية وخدمات الدفع الإلكتروني: شريان حياة في زمن الحرب

فائز الزاكي حسن يكتب: شركات الاتصالات السودانية وخدمات الدفع الإلكتروني: شريان حياة في زمن الحرب
في خضم الأزمة التي يعيشها السودان بسبب الحرب، برزت شركات الاتصالات وخدمات الدفع الإلكتروني كأحد أهم الروافع التي ساعدت المواطنين على الصمود.
ومن خلال الخدمات المبتكرة، وخاصة تطبيق “بنكك” للتحويلات المالية والدفع الإلكتروني، أصبحت هذه الشركات شرياناً حيوياً يربط الأسر المشتتة، وينقذ الأعمال من الانهيار، ويوفر حلولاً مالية بديلة في ظل الصعوبات التي يواجهها النظام المصرفي التقليدي.
ومع بدايات الحرب وتدهور الوضع الأمني وتعطل العديد من فروع البنوك، تحولت خدمة “بنكك” إلى المنقذ المالي للملايين، الأسر النازحة، العالقين في مناطق النزاع، وحتى المغتربين الذين يرسلون تحويلاتهم لأهلهم، وجدوا في هذه الخدمة حلاً سريعاً وآمناً.
ومع نزوح ملايين السودانيين داخلياً وخارجياً، أصبحت خدمات الاتصالات والإنترنت هي الوسيلة الوحيدة للتواصل بين الأسر المشتتة، ووفرت شركات مثل (زين، MTN، وسوداني) باقات إنترنت واتصالات بأسعار معقولة نسبياً، مما ساعد الناس على الاطمئنان على أحبائهم في المناطق الخطرة.
وفي ظل توقف الكثير من الأسواق والمحال التجارية، تحولت منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات مثل “بنكك” و”ماي كاش ” إلى سوق بديل للتجار، ووجدت الأسر التي فقدت مصدر دخلها في البيع عبر الإنترنت وسيلة للاستمرار.
ومع شح السيولة النقدية وتعطل البنوك، أصبحت خدمات الدفع الإلكتروني ضرورية حتى في القطاع الصحي، وقبلت بعض المستشفيات والعيادات الدفع عبر “بنكك”، مما سهل على المرضى الحصول على العلاج دون الحاجة إلى النقود الورقية.
ورغم كل هذه الإيجابيات، فان شركات الاتصالات ما تزال تواجه تحديات جسيمة، تحديات من قبيل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، مما يعطل الخدمات، وحجم الدمار الذي لحق بالبني التحتية لهذه الشركات.
لكن رغم ذلك، تستمر هذه الشركات في تقديم الخدمات، لأنها تعلم أن أي انقطاع في الاتصالات يعني عزلة كاملة لملايين السودانيين.
لقد أثبتت شركات الاتصالات السودانية أنها أكثر من مجرد مزودي خدمة، بل أصبحت شريان حياة يساعد الناس على الصمود، تطبيقات مثل (بنكك) لم تقدم حلولاً مالية فقط، بل أعطت الأمل بأنه حتى في أحلك الظروف، يمكن للإبداع التكنولوجي أن يخفف من المعاناة.
في زمن الحرب، لم يعد الإنترنت رفاهية.. بل أصبح وسيلة للبقاء.”
فهل ندرك حقاً قيمة هذه الخدمات التي تحاول، رغم كل الصعوبات، أن تبقي السودانيين متصلين ببعضهم.. وبالحياة؟
في زمن فقد فيه الكثيرون منازلهم، أصبحت هواتفهم بيوتهم الجديدة – حيث يتسوقون، يتعلمون، يعملون، ويحصلون على الدعم، هذه الحقيقة تثبت أن روح الابتكار السودانية لا يمكن للحرب أن تقتلها، بل تجبرها على اختراع طرق جديدة للبقاء.
“هاتفي اليوم ليس مجرد جهاز، إنه بيتي، بنكي، عيادتي، وسوقي”، هذه الكلمات تلخص معنى التكنولوجيا في زمن الحرب، فهل ندرك أننا نشهد ميلاد نموذج جديد للصمود الرقمي، قد يغير وجه الاقتصاد السوداني إلى الأبد؟
فائز الزاكي حسن إعلامي سوداني