عن سر الإعجاب والمشاركة.. لماذا لا نشعر بالوقت على فيسبوك؟
حاولت كثير من الدراسات اكتشاف ما يحدث بالضبط في أدمغتنا وعقولنا عندما نضغط على زر المشاركة أو الإعجاب في موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي، لتكشف تلك الدراسات عن وجود علاقة قوية بين تقنيات فيسبوك ومركز المكافأة في الدماغ الذي تحفزه أشياء مثل الطعام، والمال، والقبول الاجتماعي، والمتع المختلفة الأخرى.
لذلك، تشبه التعليقات الإيجابية على فيسبوك تلك المحفزات التي تضيء هذا الجزء من العقل، وكلما زادت كثافة استخدامنا لفيسبوك زادت المكافأة التي نشعر بأننا نتلقاها.
فيسبوك مكافأة إيجابية
أظهرت نتائج الدراسات أن ردود الفعل الإيجابية من الأصدقاء على فيسبوك تزيد من رغبة الأشخاص في التفاعل وكثافة الاستخدام، لأننا بشر نهتم بالانطباعات التي نتركها لدى الآخرين، وتعدّ وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما فيسبوك من أهم الطرق الحالية لتعزيز انطباع جيد عنا، حتى إن تصفح فيسبوك في بعض الأوقات يثير مشاعر الانغماس في مشروع أو تعلم مهارة جديدة. إذن، ما الذي يجعلنا نحب أو لا نحب حالة أو صورة أو صفحة معينة؟
رغم أنها إيماءة سريعة وسهلة أو مجرد ضغطة بسيطة، فيمكن معرفة تأثيرها إذا توقفنا عن استخدامها، إذ يمكن عدّ الإعجاب إيماءة دعم صامتة في غرفة صاخبة، ويقول علماء النفس إنه يشبه الموافقة على أمر ما حتى إن بعض الناس يشعرون بالذنب أحيانا بسبب عدم الإعجاب بحالات أو صور معينة لأصدقائهم كما لو أن التوقف عن الإعجاب يترجم على أنه رفض أو حجب للعواطف، كذلك إيماءة “أعجبني” تغني أحيانا عن التعليقات، بخاصة بعدما أصبحت تضم أكثر من اختيار، ليصبح كل شخص بحاجة إلى تحديد مشاعره بدقة أكثر قبل أن يختار الإيماءة المناسبة.
لنؤكد شيئا ما عن أنفسنا
هناك شيء ما لا ندركه أحيانا بعقلنا الواعي؛ هو أننا عندما نختار ما نعجب به نؤكد شيئا ما عن أنفسنا، نقول من خلال الإعجاب المعلن إننا ندعم هذه القضية أو هذا السلوك أو هذه السياسة، كما أن توقفنا المتعمد عن الإعجاب هو أيضا إعلان مبطن لرفض ما لا نرغب بدعمه، سواء أكانوا أشخاصا أم قضايا أو أي شيء آخر، لأن الإعجاب أصبح أكثر من مجرد رد فعل إيجابي على منشور أو موقف، فإذا كنت تقرّ وضعا ما وتوافق عليه فأنت تظهر ذلك وتقول “هذا أنا”، ومن هنا تظهر لك الإعلانات التي تناسب شخصيتك.
وعند ظهور زر “أعجبني” أول مرة في عام 2009 سمح للمستخدمين بتأييد أجزاء معينة من المحتوى لأول مرة، وقد ساعد ذلك في تحسين الأخبار والقصص التي تهمّ كل شخص بالفعل، مثل مدى قربك من شخص ما، ونوع النشاطات التي تمارسها، أو المحتوى الذي تفضله بشكل عام، وبمرور الوقت أصبح المحتوى مناسبا أكثر لكل شخص نتيجة خوارزميات فيسبوك التي تحلل الإعجابات وتظهر ما يقاربها.
ردود فعل نفسية إيجابية
إذا أحببنا منشورا أو حالة أو صورة لشخص ما في قائمة الأصدقاء، فنحن نطلب منه أيضًا الإعجاب ضمنيا، يحب الجميع الإعجاب ويبحث عن الاعتراف من الآخرين، وكلما زادت الإعجابات تعززت الثقة بداخلنا أكثر، ولم يعد الأمر افتراضيا، بل أصبح ذا تأثير واقعي كبير على مشاعرنا نحن المستخدمين وعلى نظرتنا إلى أنفسنا، وعندما لا تحصل على الإعجابات المتوقعة تشعر بالتجاهل الشخصي و بالإهمال، وهو ما يمثل جحيم فيسبوك الأكبر، لأنه موقع للتواصل الاجتماعي، ويشبه الأمر أن نكون وحيدين في تجمع كبير من الأصدقاء.
الإعجاب بديلا لمستويات أعمق من التفاعل
ربما كان للإعجاب كثير من الإيجابيات، لكن في الوقت نفسه له بعض السلبيات، ومن هذه السلبيات تآكل مستويات التفاعل الأعمق، من حوار ومحادثة وتواصل بصري ولفظي، وتحويلها إلى مستوى سطحي من التواصل غير الملزم والخالي من المخاطر، بخاصة مع زيادة عدد الأصدقاء في قائمة الأصدقاء على نحو يجعل من الصعب تخصيص وقت لكل هذه العلاقات والصداقات.
التواصل الافتراضي بديلا والشعور بالانتماء
هناك علاقة كبيرة بين نوع الشخصية وطريقة تواصلها على فيسبوك، فقد أظهرت نتائج الدراسات أن المستخدمين الذين يتمتعون بشخصيات انبساطية استخدموا فيسبوك أداة للتواصل الاجتماعي وليس بديلا عن الأنشطة الاجتماعية الواقعية؛ مقارنة بأولئك الأشخاص الانطوائيين الذين تحولوا إلى التواصل عبر فيسبوك بنسبة كبيرة وتخلّوا عن الأنشطة الواقعية، كما أنهم نقلوا مواقفهم المثبطة من العالم الواقعي إلى عالم الإنترنت، ورغم ذلك عدّوه وسيلة تواصل مثالية لأنه يحررهم من الالتزامات الاجتماعية الواقعية التي تشكل عبئا كبيرا على الشخصيات الانطوائية وفي الوقت نفسه يشعرهم بالانتماء إلى عالم كامل غير ملزم.
النرجسية والترويج الذاتي
أظهرت نتائج الدراسات ارتباطا بين بين النرجسية واستخدام خصائص معينة في فيسبوك مثل الصور أو اللقطات الشخصية التي تسمح بالترويج الذاتي وتزيد من المتابعين، وأشارت أيضا إلى أن الأشخاص الذين لديهم مستويات مرتفعة من النرجسية كانوا أكثر نشرا لصورهم الشخصية المحسنة بواسطة الفلاتر المختلفة للحصول على أكبر قدر من الإعجابات على المظهر؛ فذلك يولد شعورا بتقدير الذات والتفوق على الآخرين.