علي سلطان يكتب : العاصمة تحتضر.. الجلود ومخلفات الذبيح.. تخنق الخرطوم
*وطن النجوم*
*علي سلطان*
*العاصمة تحتضر.. الجلود ومخلفات الذبيح.. تخنق الخرطوم*
عند كل مكب للقمامة اكوام نتنة من جلود الاضحية وبواقي عفشة ومخلفات الخراف .. منظر مقرف ورائحة نتنة تزكم الانوف زادها المطر سوء.. وكذلك الرطوبة.. فاصبحت الاحياء وطرقاتها وميادينها وخيرانها تُعاني ما تُعاني من الروائح الكريهة والذباب والباعوض وكل الحشرات الناقلة للأمراض والوباء.
هذه الجلود التي تتكدس في اماكن القمامة والاوساخ هي ثروة قومية باعتراف الجميع دون استثناء الصغير والكبير والمراة والطفل.. وهناك سبحان الله إجماع تام على الخطورة الصحية والبيئية من رمي الجلود ومخلفات الخراف بعد الذبح في الميادين والاماكن العامة.. ولكن المدهش ان هناك من يفعل ذلك عن قصد.. وللاسف تكتشف ان من يستنكر هذه الفعلة الشنيعة هو الذي يبادر برمي بالجلد ومخلفات خروفه في مكب النفايات إن وجد او في افرب ميدان اَو خور دون وازع من ضمير!!! ثم في جلسات الونسة والمؤانسة يجعل من نفسه مصلحا اجتماعيا وحادبا على نظافة المدينة ورقيها فيصب جام غضبه على من يفعل تلك الجريمة النكراء؟!.
وكان بعض الناس منا لديهم حالات شيزوفرنيا..!! والبعض يستحي في العلن ويفعل مايريد في الخفاء دون وازع من ضمير..!!
قبل سنوات اعتدنا على عربة البوكس التي تجوب الاحياء يوم وقفة عيد الاضحى ويعلن المعلن بالمايكرَفون ان على الأخوة أن يسلموا جلود اضاحيهم عند لجنة المسجد.. وهناك من يذكر باهمية سلخ الجلد بطريقة سليمة حتى يستفاد من جلد الخروف..وظللنا لعقود نسلم جلود الاضحية للمسجد او للمناديب الذين يجوبون الاحياء ويستلمون الاضحية بالدفارات عبر مكبرات الصوت.. عادة ظلت زمنا طويلا.. ولكن خلال العامين الماضيين اختفت تلك العادة او اندثرت او ربما قلت!!! فشهدنا في العام الماضي اتلاف آلاف الجلود ورميها في الطرقات والميادين مخلفة كثيرا من الأمراض ومحدثة تردٍ للبيئة فظيعا.. دون ادني اهتمام من اي حهة صحية او بيئية ولائية كانت ام اتحادية..!!
سبحان الله.. والله إنه لأمر محزن حقا ان تضيع ملايين الدولارات التي كان يمكن جنيها ببساطة من جلود الاضاحي.. عملية بسيطة غير معقدة تتم عادة في هدوء.. َولا تكلف الكثير ولكنها تحقق للبلد الكثير من الفائدة.
قضية جلود الاضاحي وعدم الاستفادة منها ورميها خارج البيوت مع مخلفات الخروف الأخرى مع هطول الأمطار كان مثار نقاش واسع ومستفيض في كثير في التجمعات في البيوت.. وقد هاتفني الاخ العزيز صلاح عبدالله غاضبا ومستنكرا من هذه التصرفات التي لا تليق بشعب محتضر وبشعب يعرف دينه وان النظافة من الإيمان وإماطة الاذى من الطريق صدقة.. وقال إنه حمل معه ثلاثة جلود اضاحي ولم يجد جهة تستلمها منه.. واخيرا رجع بها الى تجمع لبائعي الخراف في احد الشوارع وقال لهم إن لديه جلود يمكنكم الاستفادة فاعتذروا عن تسلمها وقالوا له إنها لا تفيدهم بشئ وبعد طول نقاش اخذها أحدهم منه ثم أسرع بها الى اقرب كوشة فرماها هناك مع مثيلاتها من الجلود..!!!
الطريف ان المجلس السيادي عقد اجتماعا قبل عيدالاضحى بأيام لبحث كيفية الاستفادة من جلود الاضاحي..!!
وعاصمة السودان تحتضر و ولايات السودان..واضحى حالنا في السودان كحال الشاعر طرفة ابن العبد..
فامر ما لاقيت من الم الجوى.. قرب الحبيب وما اليه وصول
كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول.
لقد أصبحنا كالمنبت لا ارضا قطع ولا ظهرا ابقى.
نتجرع خيباتنا وهزائمنا وتردي حالنا.. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.