.عبدالسلام محمد خير يكتب : والآن سلامة النظر أولوية.. رمضان يفعلها

د.عبدالسلام محمد خير يكتب : والآن سلامة النظر أولوية.. رمضان يفعلها
رمضان كريم..(تصوموا وتفطروا في بيوتكم)..المشهد على الشاشة مشجع..ملامح العائدين عنوان للقادم..فى كسلا ضجة فرح مباغت حير الكاميرا..مهرجان قومي عنوانه (صنع في السودان)!.. شعاره(بمواردنا نبني مجدك يا
وطن)..فكأنك في معرض الخرطوم الدولي ذاك!.. قبل مشهد كسلا وبعده هناك مزاج عام مسيطر بسبب تزاحم الناس فرحا بعودتهم لبيوتهم وفى البال إفطار(قدام البيت)!..إن تراكمات الحرب تباغتها بشائر السلام التي تلوح مع سباق تحرى رؤية هلال رمضان المبارك وكأنه
يحدث لأول مرة.. تحري الهلال هو الحدث..الناس أعينها على السلام والهلال – معا.. أولوية سلامة النظر للبعيد تتعاظم، الهلال والكون..والسلام.. إن إشاعة ثقافة (الرؤية عن بعد) بين أولويات ما بعد الحرب..فلا شاردة تفوت ولا واردة..(بعد كدا).. بعد السلام.
مسالة (الرؤية عن بعد) تتصدر منظومة المقاييس المسعفة لحال بلاد خارجة من حرب..تتراءى مع هلال هذه المرة بين أولويات أستراتيجية منها (سلامة النظر) حتى لا تتكبد البلاد تضحيات أخرى جسيمة..هناك حاجة لان تلازم
سلامة النظر والمقايس خطى السلام، تخطيطا وأداء..كم نسبة الحرب المتبقية وما مساحة السلام المأمول على الأرض والأفئدة؟!..لو صح النظر فان الحرب تتراءى في شكل(حالة) عابرة في بلاد السودان الآمن أصلا
وحضارة..لكنها الحرب، لا أمان إلا بنهاية حتمية زاجرة لجزورها وللصورة الذهنية المدمرة التي خلفتها..آثار الحرب حرب اخرى، لا سلطان عليها إلا بالأوبة لله تعالى..أوبة يعين عليها هذا الشهر المجدد للروح، المستلهم للقيم، المحفز للعزائم..كم من معضلات مؤجلة، تستدعي روح رمضان بدء من النية وتحري رؤية الهلال وحسن التبصر في الافاق، صدقا وعدلا.. مارثون الحلول
يتوثب..رمضان يفعلها، التاريخ يقول بذلك..السر كامن فى حكمة الصوم، التجرد، رد الاعتبار للغير، للقوانين والأعراف والمواثيق المضمدة للجراح.. رمضان يفعل ذلك، بالتجرد، الانفاق، الجماعية، بسمو الانفس عن الضغائن، بكسب ثقة الاخر، بإشاعة ثقافة(سلامة النظر)..ضد الغفلة..رمضان كريم، وكل عام وانتم بخير..مستبصرين فيما يجري وفق(رؤية)- تتفاءل ولا تفرط.
*0.. السلام مدار حديث الإفطار:*
نشاهد غدا، بإذن الله، مظاهر لطريقة تفكير مختلفة بعيدة النظر..ما كان عاديا قبل الحرب يصبح استثنائي الإيقاع والمردود.. الخطط تنفذ على طريقة (هات من الآخر).. الافطارات امام البيوت تتحول لمشاهد مؤججة لفكرة الإنتصار على النفس وذكريات الانتصار على المعتدي..كلاهما دليل لسلامة النظر، للنفس
وللغير..الإنتصار على النفس أنشودة من صام إيمانا وإحتسابا موعودا(إنَهٌ لي وأنَا أجزِ بِه).. شهر رمضان يأتي بالفرق بإذن الله، متكفلين بالتجرد والدعاء..الكل يدعو للكل..(اللهم آمين) صاحة.. تتجمل الدواخل بفضيلة الدعاء الجماعي والناس صائمة (اللهم احفظ البلاد والعباد)..
سرت دعوة للتعلم من الحرب على أنها (أوبة) تعين على تحري الحلال، الإنفاق، وحسن الإستبصار في الأسباب والمآلات، والإزعان للهجرة ..يتشكل مدار حديث منتج عبر الإفطارات الجماعية ووسائل الإعلام والتواصل ..الكل يبشر بالقادم، بإذن الله..سلام لا تشقى بعده البلاد.
*0.. وتحري رؤية (المريخ):*
هل نتعلم من الحرب أيضا كيف نهتم بالبعيد؟.. لقد اصبح البعد طابع أيام الحرب..الإهتمام بالبعيد يبدو من علامات السلام..الان تلوح بوادر ومبادرات سخية لعودة آمنة..
أفواج العائدين تتلاحق بفرح خرافي.. ينهال الشكر على المستضيفين.. الكون اتضح انه يسع الجميع..التعلق بالكون يتعاظم ..الحكمة تقول بان الانسان خلق ليحب الكون كله
.. الوطن مكان كانموذج للكون.. الشاعر إسماعيل حسن يوم أعلن عن مشاعره نحو غيره قال إنها (قدر الكون دا كلو وأكثر بي كثير)!..شخصية ارتبطت بالكون عرفتها من خلال التلفزيون، بروفسور معاوية شداد، من علماء جامعة الخرطوم.. يأتي في الموعد نهاية كل شعبان ليشرح للناس تفاصيل تحري شهر رمضان فلكيا، ليصوموا (صاح) ..
وهناك صاحب البرنامج التلفزيوني الشهير(الكون ذلك المجهول)- بروفسور أنور احمد عثمان.. يريد الكون سكنا بديلا..صادفته فكشف لي عن مفاجأة!..جاهرني بأنه (ماشي المريخ)!..وأضاف دون أن أساله (بحثا عن إمكانية العيش فيه)!..وكان ذلك قبيل إندلاع حرب أخرجت الناس من بيوتهم..هاجس (سلامة النظر) يبلغ مداه تحريا لرؤية البدائل المتاحة، ولو فى المريخ!.
*0..(من أجل أبنائي)..والتكايا:*
من باب(سلامة النظر) تتجلى مكانة الأم..أم الشهداء، أم الإيتام، أم النوابغ، أم الكل.. مقطع جاذب يذكرنا بها.. فلم أسطوري (من أجل أبنائي) على خلفية المشهد السوداني الرائع(التكايا) معقل تلاقي الأمهات والأسر..أكرمني مشرف على تكية بأم درمان بكلمات تفيض في مكارم(سلاح) التكية..قال معلقا على ما قرأ لي(إنك تلامس بأناملك
أطراف قيمنا العظيمة بقولك (نحن كرماء) ليجد الحديث نفسه متجها نحو فلسفة العطاء بالطعام منسجما مع فضائل التكايا التي هي في زمان الحرب كمن حمل السلاح وسد الثغور..كذلك،هناك أقلام كالسهام تشارك في المعارك وتحقق النصر..ويظل القوس الجامع عنوان كتب بالخط العريض وبلا مقدمات(أنا سوداني أنا)..التوقيع
سوداني(ود بلد) أخو إخوان (أحيد محمود).. ومشهد لتكية تحتشد بالأمهات والأطفال يرددون مع عازف كمان (أنا أم درمان تأمل في وجودي..أنا السودان تمثل في ربوعي)..مقطع بعنوان (لؤي والكمان وتكية..أصالة السودان).. ورمضان كريم.
د.عبدالسلام محمد خير