صلاح الدين عووضة يكتب : من الواقع!
صلاح الدين عووضة يكتب : من الواقع!
حكاية أولى:
شاعرة وسياسي!
اسمه الحاج..
ولديه عشقان في حياته:
عشقٌ للمؤتمر الشعبي بزعامة الترابي..
وعشقٌ لشاعرة رقيقة لم يُكتب له أن يُتوج بالزواج..
اقترن بأخرى – ذات شَعَرٍ دون شِعْر – فتمنى أن يبكر ببنت…
فلما سُئل عن أسباب أمنيته المُخالفة لمعهود الثقافة الشائعة أجاب إجابة عجيبة..
قال إنه يرد أن تكون هنالك شاعرة رابعة اسمها فلانة الحاج..
إلى جانب روضة الحاج… ونضال الحاج… وآمنة الحاج..
فشاءت إرادة الله أن يبكر بولد عوضاً عن البنت..
فسماه علي..
فأضحى اسمه علي الحاج!
حكاية ثانية:
ذاكرة شعب!
كان معارضاً معروفاً..
عارض الحكومة من الداخل بكل ما أُوتي من حماس..
بعد عامين أصبح معارضاً لها من الخارج بشراسة أعنف..
بعد خمسة أعوام أضحى مساهماً بالجهاد المعنوي في العمل المسلح..
بعد عشرين عاماً أمسى متوالياً ذا امتيازات… وفارهات… سفريات..
وصار يهاجم المعارضة بمثل عبارات نافع ويقول إنها تفتقر إلى النضج..
بعد عام ونصف العام رُكل؛ فبات معارضاً مرة أخرى..
ولكن الطيبين – من أبناء الشعب – لم يركلوه..
وعندما رُكل النظام الذي توالى فيه صار – بقدرة قادر – ثورياً..
ورمزاً عبقرياً!.
حكاية ثالثة:
صباح وفلق
عشق من اسمها صباح..
وقال إنها أنارت له عتمة الحاضر الكئيب..
ومن شدة حبه لها صار يردد – صباح مساء – مقاطع من أغنية فلق الصباح..
عمل المستحيل ليتزوجها زواجاً يليق بوجهها الصبوح..
بعد انقضاء شهر العسل – وعودتهما – دلّلها فوق ما كانت تجده في أبيها..
صباح يوم انتبه الجيران إلى صراخ استغاثة من بيت العروسين..
عندما اقتحموا الدار فوجئوا برأس صباح مضرجاً بالدماء وهي على الأرض..
وزوجها واقف عند رأسها؛ يرغي… ويزبد..
وبيده ورقة عليها قائمة مطالب..
فقد هزمت ظروف زماننا هذا قصة حب شهيرة..
ذاع خبرها وعمّ كلاً من حيي الدرجة بمدني وامتداد الدرجة في الخرطوم..
وفُلِقت من كانت تُسمى فلق الصباح بحجر دُغُش..
عند الصباح!
حكاية رابعة:
غدر الوسيط!
هو صديقه منذ الطفولة..
ترجاه أن يكون واسطة خير بينه وخطيبته إثر وشايةٍ ما..
هاتفه بعد يومين مستفسراً؛ فطالبه بالصبر جرّاء شدة غضبها منه..
أعاد المهاتفة بعد مرور يومين آخرين..
فأجابه الإجابة السابقة ذاتها..
بعد يومين – من اليومين هذين – سمع بعقد قِرانه على فتاته..
لم يصدق أن يغدر به صديق عمره..
هاتفه فرد عليه صوت أنثوي عوضاً عنه..
وكان صوتاً آلياً يعرفه جيداً..
وفحواه: هذا المشترك لا يمكن الوصول إليه..
فمسح ذكراهما من ذاكرته..
ورقميهما من هاتفه!.
حكاية خامسة:
إغلاق!
كان تلميذه..
انغلقا على مهنة واحدة؛ وانفتحا على حلمٍ واحد..
حلم الثورة… والديمقراطية..
وتحقق الحلم الأول؛ فشغل منصباً رفيعاً في حصة قحت..
وتنكّر للحلم الثاني..
فصار يتكلّم عن ضرورة مد الفترة الانتقالية لسنوات… وسنوات..
وربما إلى ما لا نهاية..
ولم تأت على لسانه – قط – كلمة ديمقراطية؛ ولا سيرة انتخابات..
هاتفه من كان يسميه أستاذي ليهنئه..
رد عليه بفرح؛ وترجاه دوام التواصل بينهما ليستفيد من خبرته..
وليصوبه إن أخطأ؛ أو كما قال..
اختصره في المهاتفة الثانية بعد نحو شهرٍ من تقلده المنصب الرفيع..
ثم صار لا يرد عليه..
ثم أغلق الهاتف في وجهه عند الاتصال الأخير..
فكان آخر عهده به..
صبيحة قرارات الخامس من أكتوبر هاتفه؛ هاتف التلميذ أستاذه..
فأغلق الهاتف في وجهه فوراً..
ومسح رقمه!.
المصدر : الصيحة