صلاح التوم من الله يكتب: علاقات موسكو مع أبوظبي عقدت الحسابات
صلاح التوم من الله يكتب: علاقات موسكو مع أبوظبي عقدت الحسابات
نحن لسنا في حاجة إلى اقناع أمريكا بعلاقتنا مع روسيا لكننا في أشد الحاجة إلى اقناع روسيا بعلاقتنا مع روسيا وهذا لم يتحدث عنه احد ..
يعتقد كثيرون اننا في اي وقت وتحت اي ظرف نستطيع ان نؤشر باصبعنا تجاه موسكو لتجري روسيا نحونا متهافتة وغير مكترثة باي معادلات أخرى وهذا اعتقاد غير صحيح ..
روسيا دولة نووية عظمى ذات تاريخ سياسي وثقافي ضخم .. وخبرات في هذا الشأن عركت فيه الحياة وسارت في شتى دروبها في فترات السلام وفترات الحروب كبيرها وصغيرها .. ولها تجارب كثيرة مع شتى
دول العالم قديمها وحديثها وكونت إرث غني وواسع في العلاقات الدولية فيه نماذج ومناهج نافعة تدرس في الجامعات .. هذه واحدة ..
الثانية : السودان بلد عانى منذ الاستقلال ولا يزال يعاني من النزاعات المسلحة القبلية والجهوية والسياسية وعدم الاستقرار وعدم وجود حكومات رشيدة .. ويعاني من
عدم القدرة على السيطرة على موارده الغنية .. ويعاني من إهدار هذه الموارد والتفريط فيها .. ويعاني من تغير أنظمة الحكم .. عساكر ، ثورة ، أحزاب عساكر .. وهكذا وكل نظام له رأي مخالف ومزاج مخالف ينسف ما سبق
بما في ذلك المواثيق الدولية والعقود والاتفاقات وما تحقق من إنجازات ثنائية وتعود علاقاته الدولية من جديد من نقطة الصفر ..
الثالثة : السودان ليس وحده بل ضمن اكثر من مائتي دول في العالم تهتم روسيا لتطوير علاقات معها او انشاء هذه العلاقات .. لذلك لن تنظر إلينا روسيا باعتبارنا الوحيدين في هذا العالم بل نظرتها إلينا تمثل ١% تقريبا او اكثر قليلا قياسا بعلاقاتها مع الدول الاخرى في العالم ..
الرابعة : المواقع الاستراتيجية والذهب واليورانيوم وشتى المعادن والموارد الاخرى وفرص الاستثمار هذه كلها وغيرها لا توجد في السودان فقط حتى تعتبر روسيا مصيرها متعلق بالتهافت على تكوين علاقات وثيقة معنا .. بل لديها علاقات استراتيجية واقتصادية واستثمارية مع غيرنا ..
الخامسة : روسيا دولة غنية جدا اقتصاديا ومن حيث الموارد بما يشبه قدرتها على الاعتماد في ذلك على نفسها والتصدير بكميات كبيرة خاصة الغاز الطبيعي والنفط والقمح والسماد ولديها الصناعات الحديد الصلب والالات
والمعدات الكهربائية ومواد البناء والاخشاب والورق وفي التعدين خام الحديد والمنجنيز والنيكل والفحم الحجري وفي المنتجات الزراعية البطاطس والشوفان وزهرة الشمس وبنجر السكر والشعير والفواكه والكتان والابقار
والاغنام والخنازير بجانب السياحة وغير ذلك .. ورغم حربها في أوكرانيا اقتصادها لم يتأثر ..
* السادسة : كانت فرص التفاهم مع موسكو قبل الحرب أوسع لكن اندلاع الحرب ودخول الإمارات ذات العلاقات
المتينة مع موسكو في الحرب ضيق الواسع .. تعد الإمارات الوجهة الأولى عربيا للاستثمارات الروسية وتستحوذ على ٩٠% من إجمالي هذه الاستثمارات حسب تقرير اقتصادي صدر يوم ١٧ / ٦ / ٢٠٢٣ .. وفي عام ٢٠٢٣
حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين كان بنسبة ١٠٨% ليصل إلى ٣٩.٦ مليار درهم ما يعادل ١٠.٧ مليار دولار حسب بيان صدر عن وزارة الاقتصاد الإماراتية مع العلم بأن الإمارات تسمح بالتملك الأجنبي للشركات بنسبة
١٠٠% وتتميز بالانفتاح والمرونة في سياسات الاستثمار الأجنبي والتجاري .. وتتمتع الإمارات باستقرار سياسي عشرات السنوات غير موجود في السودان .. وقبل شهور زار محمد بن زايد موسكو وقوبل مقابلة حميمة من بوتين
.. وكان مجلس السيادة السوداني يامل في ان يقابل مالك عقار بوتين لكن موسكو اكتفت بأن يحظى عقار بمقابلة لافروف وزير الخارجية فقط .. بينما التجارب اثبتت ان العيوب الكثيرة في الاستثمار داخل السودان كفيل بجعل المستثمر يهرب او لا يتورط من الأساس في بلادنا ..
* لذلك تواجه موسكو معضلة مزدوجة وهي ان تساعد السودان دون ان تغضب الإمارات ودي يحلها ( الحل بلة ) .. لو كان الداخل في الحرب دولة أخرى غير الإمارات لهان أمر المساعدات فورا وبالمكيال الكبير مما يمنع
سقوط المواقع الأخيرة التي سقطت ولعجل بتحرير مدني والتوجه إلى ولايات غرب السودان .. وبدلا من ذلك تستخدم موسكو الجهود الدبلوماسية كما تقول لراب الصدع السوداني والمتوقع الا تفلح في ذلك ونحن نحتاجها في السلاح اكثر من حاجتنا إليها في الكلام السياسي المباح ..
صلاح التوم من الله
٦ يوليو ٢٠٢٤