مقالات

د. مصطفى محمد محمد صالح بكتب:خطوات الشيطان

د. مصطفى محمد محمد صالح بكتب:خطوات الشيطان

الصراع بين الإنسان والشيطان صراع قديم ورهيب لن ينتهي إلى قيام الساعة، فما أسبابه و طبيعته ؟وما الأساليب التي يستخدمها الشيطان في هذا الصراع؟ وكيف يمكن للإنسان أن يتغلب علي هذه الأساليب الخبيثه؟ . يروي في الزمن الماضي البعيد ، ان رجلا عبادا، زاهدا من بني إسرائيل، يسمي برصيصا، عبد ربه لأكثر من سبعين عاما ولم يعصه قط، و كان مشهور في زمانه، بالذهد والورع وحاول الشيطان ،وجنوده اغواءه الأ أنهم لم يستطعوا، وان يفلحوا في ذلك، لأنه كان ثابتا راسخا في عبادته، وكان لا يخرج من صومعته ،إلا نادرا لقضاء بعض حاجته الخاصه ،وكان في البلد التي يعيش فيها هذا العابد ثلاثة أخوه ولديهم أخت مات والدهم وإرادوا الخروج للجهاد ، وكانت مشكلتهم الرئيسه أين تقيم أختهم أثناء غيابهم؟ وظلوا يفكرون، ويبحثون ، عن مكان آمن ومناسب، تقيم فيه أختهم ، حتي يعودوا من الجهاد، وبعد تفكير وبحث، وجدوا أن أفضل مكان هو أن يتركوها، لدي العابد برصيصا الرجل المشهود له بالورع ، والتقوى ،والأمانة فذهبوا إليه في صومعته وأخبروه برغبتهم في الخروج للجهاد، وترك أختهم لديه حفاظا عليها، لحين عودتهم، الأ أنه رفض طلبهم في بادئ الأمر، لكنهم أصروا عليه وأخبروه بأنهم لا يثقون في غيره، وسوف يبنون غرفه الأختهم بجوار صومعته، وماعليه إلا أن يقوم بتوفير طعامها وشرابها فقط ،وأن يضعهما خارج باب غرفتها، فتقوم هي بأخذها وبهذا الشكل يذهبون مطمئنين، بأن أختهم في رعيته، لحين عودتهم، وأخيرا أقتنع العابد الزاهد بفكرتهم، وقاموا الأخوه فعلا بتجهيز الغرفه وإحضار أختهم، وودعوها، وذهبوا. فكان العبد يحضر لها الطعام والشراب يوميا، ويضعهما بجوار باب غرفتها، ويذهب لصومعته دون أن يتحدث معها، وبعد فتره من الزمن ، جاءه الشيطان ووسوس له ،لماذا تقوم بوضع الطعام والشراب فقط؟ وتذهب ولا تحدثها وتطمئن عليه؟ وهي امانه لديك ،وليس لديها أحد غيرك ، فقد تكون محتاج لشيء ،وفعلا بدء العابد كالعاده يحضر لها الطعام والشراب ويجلس خارج غرفتها، ويسلام عليها ، ويتحدث معه، وبعد فتره من الزمن جاءه الشيطان الرجيم ووسوس له مره اخرى، لماذا تجلس خارج الغرفه؟ وقد يراك الناس فلماذا لا تجلس معها في داخل الغرفه؟ وتتحدث معه وانت رجل عابد قوي العباده ، وفعلا بدء يحضر لها الطعام والشراب ويجلس معها داخل الغرفه، ويتحدث معه لفترات طويلة جدا ، ويستمتع بهذه الجلسات، وأستمر الحال، إلا أن وقع المحظور، فقد ارتكب العابد الحرام- ووقع الفأس في الرأس كما يقولون – فعاد برصيصا الي صومعته يبكي ، وندم ندما شديدا علي مافعل، ومرت الأيام ثقيلة علي برصيصا،وفي يوم جاءته الفتاه وأخبرته بأنهاحامل، فزداد قلقه وتوتره،وبعد عده شهور جاءته الفتاه وأخبرته بأنها أنجبت ولدا فخاف الرجل العابد من الفضيحة الكبري ،خوفا شديدا،وأصبح لايدري مايصنع، وكيف يتصرف مع هذه المصيبة التي وقع فيها؟ وماذا سيقول لاخوه الفتاه عندما يعودوا؟ في خضم هذه الأمواج المتلاطمه من الانفعالات والخوف والقلق والتوتر جاءه الشيطان الرجيم مره اخرى وهو يحس بضعفه وارتباكه ،فوسوس له أنه لا حل لمشكلتة إلا أن يقتل هذا الطفل، حتي لا يكون هناك أي دليل عليه، ولا تستطيع الفتاة أثبت ذلك، وفعلا قام بأخذ الطفل الصغير من أمه، وذهب به إلى الصحراء بجوار صخرة كبيره، فقام بقتله ودفنه، ومرت الأيام وبرصيصا قلق مما حدث، جاءه الشيطان ووسوس له أن أم الطفل لن تسكت علي هذا الأمر، وهي تشكل مصدر خطر عليك ، فمن الأفضل لك قتلها أيضا، والتخلص منها حتي لا يكون هناك أي أثر أو دليل عليك ، فقام مره اخرى بقتل الفتاه ودفنها بجوار طفلها ،وبعد فتره من الزمن عادوا إخوة الفتاه، فسألوا عن أختهم : فأخبرهم: بأنها كانت مريضه، مرضا شديد وماتت بعده، فقمت بدفنها ، فحزن أخوه الفتاه حزنا شديد ،علي ما أصابه أختهم، وصدقوا برصيصا فيما قال، لأمانته ولم يشك أحدا فيه ،وشكروه علي ماقام به من خدمه لاختهم أثناء غيابهم ،وذهبوا إلى حال سبيلهم وفي الليل جاء الشيطان للأخوه في منامهم، وأخبرهم بحمل أختهم سفاجا من برصيصا وقتلها ،وطفلها ودفنهما، بجوار صخرة في الصحراء ،خوفا من الفضيحة، في الصبح عندما أجتمع الأخوه بدأ كل منهم يروي ما رأي في المنام، فتعجبوا من ذلك وإرادوا التأكد مما حدث، فذهبوا إلي الصحراء، فوجدوا أختهم وطفلها مقتولان فعلا ، فذهبوا إلي العابد فضربوه، وانزلوه من صومعته ،وأخبروا الناس بما فعل فقاموا بصلبه استعدادا لقتله، فجاءه الشيطان وقال له: إن موقفك صعب جدا ولا مخرج لك إلا عندي، فقال برصيصا: أخرجني من هذا الموقف، وأنا علي أستعداد أن أفعل لك أي شيء، فقال له الشيطان: لدي طلب بسيط جدا ،هو أن تسجد لي ،فإنزعج برصيصا من هذا الطلب ،وقال له: وهو منفعل هذا لا يمكن، فقال له الشيطان: إذن سوف أتركك لمصيرك ،وفي هذا اللحظه صاح الناس مطالبين بالعدالة، وبقتله وفجأة صاح برصيصا للشيطان، كيف اسجد لك؟ وان مصلوب قال له الشيطان الرجيم: اسجد لي بقلبك، فقام برصيصا بالسجود ، وفي نفس اللحظه قام الناس بقتله ، فمات مع الأسف الشديد، علي سوء الخاتمه. من هذه القصة يمكن ان نستنتج أهم الدلالات والمعاني الفكريه لطبيعة الصراع بين الإنسان والشيطان ولعل من أهم الاضاءات الفكريه لهذه القصه و التي يمكن الاستفاده منها في معترك الحياه هي : 1 / أن اللمحة النفسيه والتحليل النفسي لشخصية الشيطان نجده انه يكن الحقد والحسد والكراهية وحب الإنتقام للإنسان وهو لا يكل ولا يمل ولا يغفل عن هدف هو : اغواء الإنسان ومحاولة إفساد فطرته السليمه . قال تعالى في محكم التنزيل ” أن الشيطان كان لكم عدو فاتخذوه عدوا” صدق الله العظيم. 2 / مفهوم خطوات الشيطان: هي ألاساليب الخبيثه والماكره، التي يستخدمها الشيطان معتمدا علي أسلوب الخطوه خطوه والنفس الطويل ليخترق جدار إيمان الإنسان ويصل لهدفه الأساسي بإيقاعه في المعاصي حتي يكون من أصحاب السعير . 3/ عدم الاستهانة والاستخفاف بالمعصية لأنها الخطوه الأولي للشيطان حتي يتمكن من استدراج الانسان للوقوع فيما هو أكبر من معاصي. 4 / لا يغتر الإنسان بكثرة عبادته وطاعاته الآن العبرة دائما بالخواتيم . 5 / قلب الانسان يتميز بالتقلب ،والتغيير بين لحظه ،وأخرى وماسميه القلب قلبا، إلا لكثرة تقلبه والقلوب بين يدي الرحمن يقبلها، كيفما شاء لذلك يفضل الدعاء المأثور ” يامقلب القلوب والأبصر ثبت قلوبنا علي دينك ” . 6/ نظر مبدأ الإسلام العظيم للمرأه نظره خاصه باعتبارها أم، وزوجه، وعرض يجب ان يصان وحدد علاقتها بالرجل تحديدا دقيقا ومفصلا وفق نظام خاص ومتميزا بهدف الحفاظ علي شرفها ،وكرامتها، ولعل من أبرز علاقه الرجل بالمرأة : عدم الاختلاط حيث ما أجتمع رجل بالمراه إلا كان الشيطان ثالثهما، ولذلك لطبيعة الفطرية للرجل والمرأة. 7 / بين لنا الله سبحانه وتعالى من مشاهدو صوره يوم القيامه ماسيقول له الشيطان ، حيث جاء في سوره إبراهيم الايه (21)”وقال الشيطان لما قضي الأمر أن الله وعدكم وعد الحق وعدتكم فاخلفتكم وماكان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وماانتم بمصرخي إني كفرت بما اشركتموني من قبل أن الظالمين لهم عذاب أليم ” صدق الله العظيم. 8 / أن الكيفية العملية لمواجهةتحديات واغواء الشيطان تكون: (ا) بالعلم والمعرفة بأحكام رب العالمين. (ب) العمل بمقتضى تلك الأحكام الشرعية. (ج) الإخلاص عند القيام بالعمل . (د) أن تكون الغاية من الأعمال تقصد رضي رب العالمين. نسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يعز الإسلام والمسلمين ويرفع راية الدين ويرحم علماء المسلمين ويحفظنا جميعا من الشيطان الرجيم.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى