مقالات

د. محمد يوسف قباني يكتب:الحوكمة المؤسسية: التميز من خلال ضبط الفرضيات (3). Corporate Governance: Excellence through Controlling Assumptions (3). Dr. Mohamed Elgabbani

د. محمد يوسف قباني يكتب:الحوكمة المؤسسية: التميز من خلال ضبط الفرضيات (3).

Corporate Governance: Excellence through Controlling Assumptions (3).
Dr. Mohamed Elgabbani

 

في ظل التغيرات السريعة التي تشهدها بيئة الأعمال العالمية والتحديات المتزايدة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، أصبحت الحوكمة المؤسسية إحدى الركائز الأساسية لضمان نجاح واستدامة المؤسسات، سواء كانت حكومية أو خاصة. تنبع أهمية الحوكمة من قدرتها على

تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة وتعزيز الشفافية والمساءلة. تتطلب الحوكمة المؤسسية الفعالة رؤية شاملة تستند إلى فرضيات واضحة يتم ضبطها وتحليلها باستمرار لضمان اتخاذ قرارات استراتيجية مدروسة.

هذا المقال يسلط الضوء على مفهوم الحوكمة المؤسسية وكيفية تحقيق التميز المؤسسي من خلال ضبط الفرضيات التي تقوم عليها الحوكمة. كما يستعرض تجارب دولية وأبحاث علمية تعزز من فهمنا لكيفية تطبيق مبادئ الحوكمة بشكل فعّال في المؤسسات الحكومية والخاصة.

الحوكمة المؤسسية تعني النظام الذي تُدار به المؤسسات بما يحقق العدالة والشفافية والمسؤولية. يشمل ذلك مجموعة القواعد والعمليات التي تهدف إلى ضمان الاستخدام الأمثل للموارد وتحقيق الأهداف المؤسسية.
تعتمد الحوكمة على مبادئ أساسية تشمل:

1. المساءلة: تحديد أدوار واضحة لكل الأطراف المعنية.
2. الشفافية: توفير المعلومات بشكل صريح ودقيق.
3. المشاركة: تعزيز مساهمة جميع الأطراف ذات الصلة.
4. العدالة: ضمان معاملة عادلة لكل الفئات.
ضبط الفرضيات: أساس الحوكمة المؤسسية

لفرضيات الحوكمة المؤسسية دور محوري في نجاح المؤسسات. تشمل هذه الفرضيات توقعات حول أنظمة الوزارات، السوق، سلوك العملاء، المخاطر المحتملة، وأداء الموظفين. إذا لم يتم ضبط هذه الفرضيات بشكل دقيق، فقد يؤدي ذلك إلى قرارات خاطئة تؤثر سلبًا على أداء المؤسسة.

العلاقة بين ضبط الفرضيات والتميز المؤسسي
ضبط الفرضيات يساعد في اتخاذ قرارات مبنية على بيانات وتحليل دقيق.
يُقلل من المخاطر المتعلقة بعدم اليقين في البيئات المتغيرة.
يعزز من التنبؤ بالمستقبل ويضع استراتيجيات مرنة.
التجارب السابقة ودور العلماء في تطوير الحوكمة: تجارب دولية

1. التجربة الأمريكية:
تُعد تجربة الولايات المتحدة نموذجًا مميزًا في الحوكمة المؤسسية. وضعت الحكومة الأمريكية قوانين مثل “قانون ساربينز-أوكسلي” (2002) لتعزيز الشفافية ومنع التلاعب المالي بعد فضائح شركات لم تتبع منهجية الحوكمة”.

2. التجربة اليابانية:
طورت اليابان نظامًا فريدًا يعتمد على مشاركة العمال في اتخاذ القرارات. يعكس هذا النظام فكرة الحوكمة القائمة على الشراكة والمساءلة الجماعية.
3. التجربة الأوروبية:

في دول مثل السويد وألمانيا، يتم تطبيق مبدأ الحوكمة متعدد الأطراف، حيث تشارك النقابات العمالية وأصحاب العمل في مجالس الإدارة لتحقيق توازن بين المصالح.
دور بعض العلماء في الحوكمة:
آدم سميث: ركز على أهمية الأخلاقيات في الإدارة لتحقيق نجاح طويل الأمد.

أوليفر ويليامسون: الحائز على جائزة نوبل، الذي ركز على تحليل الهياكل المؤسسية من منظور اقتصادي.
مايكل بورتر: صاحب نظرية القوى التنافسية، الذي أشار إلى أن الحوكمة تُعزز من القدرة التنافسية للمؤسسات.
علاقة الحوكمة بالمؤسسات الحكومية:

تمثل المؤسسات الحكومية الركيزة الأساسية لتنمية المجتمعات. ومع ذلك، تواجه هذه المؤسسات تحديات تتعلق بالشفافية والفساد وضعف الكفاءة.
تطبيق الحوكمة المؤسسية في المؤسسات الحكومية يسهم في:

1. تعزيز الشفافية والمساءلة: من خلال رقابة الأداء وإتاحة المعلومات للمواطنين.
2. تحسين تقديم الخدمات: بفضل التنظيم وضبط الفرضيات المتعلقة باحتياجات المجتمع.
3. مكافحة الفساد: عبر وضع آليات رقابية فعالة.
أمثلة تطبيقية:

سنغافورة: تُعد نموذجًا للحكومة الفعالة. تعتمد سنغافورة على حوكمة صارمة تعتمد على معايير أداء عالية وضبط مستمر للفرضيات الاستراتيجية.
المملكة العربية السعودية: قامت بإنشاء مراكز تقييم الأداء الحكومي بهدف تعزيز الشفافية وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

ونقول هنا، وفي عصر يزداد فيه الاعتماد على البيانات والحوكمة الرشيدة، يبرز دور ضبط الفرضيات كعامل رئيسي في تحقيق التميز المؤسسي. لا يمكن للمؤسسات، سواء كانت حكومية أو خاصة، أن تحقق نجاحًا مستدامًا دون وجود نظام حوكمة واضح ومبني على أساسيات علمية ومنهجية.

إن الحوكمة المؤسسية ليست مجرد أداة تنظيمية، بل هي فلسفة إدارية تعزز من قدرة المؤسسات على مواجهة التحديات المستقبلية. ضبط الفرضيات ليس خيارًا بل ضرورة لتحقيق التميز المؤسسي. وبالنظر إلى التجارب السابقة، يمكننا أن نتعلم كيفية تجنب الأخطاء واستثمار الموارد بفعالية.

تبقى الحوكمة المؤسسية شرطًا أساسيًا لتحسين الأداء العام للمؤسسات، ويجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات التنمية الوطنية. في نهاية المطاف، فإن التزام الحكومات بتطبيق مبادئ الحوكمة المؤسسية يعكس قدرتها على تحقيق التنمية المستدامة وخدمة مواطنيها بفعالية وكفاءة وصدق وإخلاص.

In light of the rapid changes witnessed by the global business environment and the increasing challenges at the economic and social levels, corporate governance has become one of the main pillars for ensuring the success and sustainability of institutions, whether governmental or private. The importance of governance

stems from its ability to achieve a balance between the interests of different parties and enhance transparency and accountability. Effective corporate governance requires a comprehensive vision based on clear assumptions that are constantly adjusted and analyzed to ensure informed strategic decisions.

This article sheds light on the concept of corporate governance and how to achieve institutional excellence by controlling the assumptions on which governance is based. It also reviews international experiences and scientific research that enhance our understanding of how to apply governance principles effectively in

governmental and private institutions.
Corporate governance means the system by which institutions are managed in a way that achieves justice, transparency and responsibility. This includes a set of rules and processes that aim to ensure the optimal use of resources and achieve institutional goals.

Governance is based on basic principles that include:
1. Accountability: defining clear roles for all stakeholders.
2. Transparency: Providing information explicitly and accurately.
3. Participation: Enhancing the contribution of all stakeholders.

4. Justice: Ensuring fair treatment for all groups.
Assumption control: The basis of corporate governance
Corporate governance assumptions play a pivotal role in the success of institutions. These assumptions include expectations about the systems of ministries, the market, customer behavior, potential risks, and employee performance. If these

assumptions are not accurately controlled, this may lead to wrong decisions that negatively affect the performance of the institution.
The relationship between assumption control and institutional excellence
Assumption control helps in making decisions based on data and accurate analysis.

Reduces risks related to uncertainty in changing environments.
Enhances future prediction and develops flexible strategies.
Previous experiences and the role of scholars in developing governance: International experiences
1. The American experience:

The United States experience is a distinctive model in corporate governance. The US government has enacted laws such as the Sarbanes-Oxley Act (2002) to enhance transparency and prevent financial manipulation after scandals involving companies that did not follow the governance methodology.

2. The Japanese Experience:
Japan has developed a unique system based on worker participation in decision-making. This system reflects the idea of ​​governance based on partnership and collective accountability.
3. The European Experience:

In countries such as Sweden and Germany, the principle of multi-party governance is applied, where trade unions and employers participate in boards of directors to achieve a balance between interests.
The role of some scholars in governance:
Adam Smith: focused on the importance of ethics in management to achieve long-term success.

Oliver Williamson: Nobel Prize winner, who focused on analyzing institutional structures from an economic perspective.
Michael Porter: owner of the theory of competitive forces, who indicated that governance enhances the competitiveness of institutions.

The relationship between governance and government institutions:
Government institutions represent the main pillar of the development of societies. However, these institutions face challenges related to transparency, corruption and weak efficiency.

The application of corporate governance in government institutions contributes to:
1. Enhancing Transparency and accountability: through performance monitoring and making information available to citizens.

2. Improving service delivery: through regulation and adjusting assumptions related to community needs.
3. Combating corruption: through establishing effective oversight mechanisms.
Applied examples:

Singapore: is a model of effective government. Singapore relies on strict governance based on high performance standards and continuous adjustment of strategic assumptions.
Kingdom of Saudi Arabia: has established government performance evaluation centers with the aim of enhancing

transparency and improving the quality of services provided to citizens.
Here we say, in an era of increasing reliance on data and good governance, the role of adjusting assumptions emerges as a key factor in achieving institutional excellence. Institutions, whether governmental or

private, cannot achieve sustainable success without a clear governance system based on scientific and methodological foundations.
Corporate governance is not just a regulatory tool, but rather a management philosophy that enhances the ability of

institutions to face future challenges. Adjusting assumptions is not an option but a necessity to achieve institutional excellence. Looking at past experiences, we can learn how to avoid mistakes and invest resources effectively.

Corporate governance remains a prerequisite for improving the overall performance of institutions and should be an integral part of national development strategies. Ultimately, governments’ commitment to implementing corporate governance principles reflects their ability to achieve sustainable development and serve their citizens effectively, efficiently, honestly and faithfully.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى