د. محمد خير حسن محمد خير يكتب: تستهدفون ( نقطة) في ( بحر) السوق الموازي
*رهاب………. رهاب*
*بقلم / د. محمد خير حسن محمد خير*
*تستهدفون ( نقطة) في ( بحر) السوق الموازي*
افلحت سياسات بنك السودان التي قام البنك المركزي عبرها بتعويم قيمة الجنيه السوداني ومن ثم عقد عدد من مزادات النقد الأجنبي ببنك السودان لتمويل بعض الواردات وفق الأولويات المحددة بسياسات البنك المركزي، وقد نجحت هذه الحزمة من السياسات في تحقيق استقرار واضح لقيمة العملة الوطنية لفترة قاربت العام بل وافلحت في المقاربة بين سعر الصرف التأشيري وسعر الصرف في السوق الموازي والذي ترك أثرا” واضحا” في استقرار التجارة الداخلية وعلى معدل ا التضخم الذي تناقص من نحو 445 إلى نحو 373 حسب إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء ومن ثم انخفاض أسعار بعض السلع الاستهلاكية… ولعله نتاج هذا الاستقرار النسبي ونتاج الركود التضخمي Stagflation الذي عانت منه البلاد امدا” طويلا حدث انخفاض مقدر في أسعار العقارات والسيارات على نحو كاد يوقف نشاطات هذين القطاعين… بيد أنه قد بدأت الأسعار في هذين القطاعين توالي الارتفاع بعد الانفلات الذي حدث في سعر الصرف والتدني الكبير الذي حدث في الأيام الأخيرة لقيمة العملة الوطنية بل واتسعت الفجوة بصورة مزعجة بين سعر الصرف التأشيري لبنك السودان والذي تم تحديده لفترة نحو 445 جنيه للدولار على المتوسط وسعر الدولار في السوق الموازي والذي وصل اليوم نحو 580 جنيه على المتوسط … ولعلمكم ووفق تجاربنا السابقة لا ينفلت شعر صرف الجنيه على هذا النحو المزعج الا اذا تدخلت الحكومة نفسها أو (جهة ما ) ( ذات ثقل ) إلى السوق الموازي لتوفير عملة حرة لاستيراد بعض السلع الأساسية .. وهذا ما رشح في وسائط التواصل الاجتماعي .. ونذكر حادثة مماثلة عندما قامت الحكومة الانتقالية في عهد الدكتور عبد الله حمدوك بدخول السوق الموازي لتوفير 335 مليون دولار لتعويضات الضحايا الأمريكان حتى ترفع العقوبات الأمريكية أحادية الجانب عن البلاد.. أدى ذلك الدخول إلى مثل هذا الانفلات في سعر الصرف في السوق الموازي ولم نخرج من تلك الآثار والفجوة الضخمة بين السعرين الا بعد إنفاذ سياسات تعويم الجنيه السوداني رغم اقتناعي أن اشتراطات إنفاذ سياسة تعويم الجنيه لم تكن متوفرة ( حينها) ولم تكن الظروف الاقتصادية ملائمة ومواتية لمثل هذه السياسات ولكنها و( من عجب) افلحت في تحقيق استقرار قيمة العملة الوطنية لفترة مقدرة نسبيا” …
نتاج هذه الانفلاتة في سعر الصرف وتدهور قيمة العملة الوطنية والتزايد المتوقع في أسعار السلع المستوردة ومن ثم زيادة معدل التضخم المتوقع وحدوث مزيد من التدهور في معاش الناس أطلت ( برأسها ) مرة أخرى *لجنة الطوارئ الاقتصادية* برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس السيادة ( والذي اعتذر عنها من قبل) وانبري بالتبشير عن قراراتها دكتور جراهام عبد القادر وزير الثقافة والإعلام المكلف وقد جاءت اتجاهات عمل اللجنة المعلنة ذات طابع بوليسي وامنى والتي دعمت بتشكيل محكمة خاصة لمحاكمة المخربين …. واقول في هذا المقام أن الإجراءات البوليسية والامنية عمرها لم تكن الحل لمشكلة تذبذب سعر صرف العملة الوطنية وقد انفذت هذه الحملات مرارا وتكرارا ولم تجدي فتيلا …. فالأمر يا سادتي لا يرتبط بمن يعرضون العملات السودانية في دهاليز السوق الافرنجي أو العربي فهؤلاء (نقطة) في ( بحر) السوق الموازي… فلوردات السوق الموازي في حصونهم والحكومة (تعلمهم) بل وتسعى إليهم عند حدوث فجوات المحروقات أو القمح واللتان تولدان عدم الاستقرار السياسي … فكيف تقبض عليهم تارة” وتستعين بهم تارات أخرى… لن تجدي الإجراءات الأمنية ولا المحاكم الخاصة فتيلا… يجدي فقط كفاية عرض العملات الحرة في سوق النقد الأجنبي الرسمي وبناء الاحتياطات لدى البنك المركزي… وفروا عرض كافي من النقد الأجنبي ووفروا جهودكم الأمنية والعدلية ودعوا السوق يفعل فعله في إطار تحريركم لسعر الصرف… اما محاربة التهريب فيتم كذلك بإجراءات اقتصادية وليست أمنية.. يكفي انشاء بورصة الذهب وتحرير سعر الجرام فيها وتقليل تكلفة التصفية وتيسير عمليات التعامل في حصائل الصادر فإن حدث ذلك فستصبح عمليات التهريب غير مبررة وذات مخاطرة عالية وجدوي أقل ما دام ذات الدخول أو نحوها ستتحقق لهم من خلال البورصة … فإن اتخذت هذه الإجراءات الاقتصادية فلا بأس من بعدها ببعض الإجراءات الرقابية ومن ثم المحاكمات الرادعة لا أن تكون هي الخيار المرجح كحل للمشكلات الاقتصادية…