د. عبد العظيم حسن يكتب :نقابة المحامين (4)
دولة القانون
نقابة المحامين (4)
شعار الحرية يعني حظر التجسس، التوقيف، القبض والاعتقال لأي شخص ما لم يكن مشتبهاً فيه، لأسباب معقولة، لأتيانه فعل أو امتناع يشكّل جرماً معاقباً عليه. مفهوم حرية المواطنين لا ينحصر في براءتهم بذواتهم وإنما مشروعية تصرفاتهم وتعبيرهم بكافة الوسائل مع حق تنقلهم متى وكيف أرادوا. بكل الشرائع يحظر وضع القيود على الأشخاص والممتلكات، فلا يجوز الحجز أو منع التصرف أو المصادرة إلا لمصلحة عامة ونظير مقابل عادل.
حال توقيف الشرطي لأي مواطن ينبغي تدريب رجال الأمن بأن للمواطن أن يستفسر من مسألتين مع استجابة الشرطي بكل ذوق. المسألة الأولى: إبراز الشرطي لهويته للتأكد من صفته الرسمية، أما الثانية، فوجود أسباب معقولة استدعت توقيف المواطن أو حتى سؤاله. سواء أكان النظام العدلي بهذا الرقي أو لم يكن، تظل نقابة المحامين خط دفاع المجتمعات الأول وعلى كاهلها واجب توعية المواطنين وتبصيرهم بحقوقهم حتى لا تتجرأ أي جهة للاعتداء على حرياتهم.
إبان العهد البائد لم تمارس أجهزة الأمن الاعتقال والتعذيب والقتل وحجز أموال المواطنين العاديين وإنما طال بطشها المحامين، فمنعوا من أداء مهنتهم تحت سمع وبصر، وأحياناً، تحريض نقابتهم. خلال تلك الفترة، بلغ اختراق المنظومة العدلية من الجسامة مرحلة جعلت المحامين الشرفاء يُضربوا ويُعتقلوا أمام القضاة، وكلاء النيابة، المستشارين وحتى زملائهم المحامين الذين قبلوا الجمع بين الوظيفة العدلية والأمنية تحت ذريعة المشروع الحضاري خط أحمر.
نقابة المحامين لا تنساق وراء هتاف العامة وإنما ترفع وعي الشارع من أي ادعاء بعصمة الأشخاص تحاشياً لصناعة دكتاتورية الأفراد والمؤسسات. عند المحامين لا حصانة أو خطوط حمراء أو قدسية لأي جهة. وثيقة الحقوق هي الخط الأحمر الوحيد الذي يلتزمه المحامون. الأخيرون لا يقبلون التزحزح عن مبادىء فصل السلطات، استقلال القضاء وسيادة حكم القانون. قبول المحامين باستمتاع الأشخاص بحصانات مطلقة أو الترويج لتلك المفاهيم يكشف عن مصالح شخصية تدق أول مسمار بنعش الحقوق والحريات الأساسية التي لا تقبل المساومة حتى في الظروف الاستثنائية.
لحين قيام انتخابات المحامين الحرة والنزيهة، لا يجوز خضوعهم حتى للجهة التي اختارت نقابتهم المؤقتة أو العمل بأوامرها أو القول بتمتعها بقدسية سيما وأن تلك الجهة يحب أن تقتصر العلاقة معها بحدود تسمية عضوية لجنة التسيير. بكل الأوقات، وبالذات في الظروف الاستثنائية، تظل نقابة المحامين الرقيب على السلطات التشريعية، التنفيذية والقضائية. يزداد العبء على المحامين عند غياب أجهزة الرقابة الرسمية كالمجلس التشريعي والمحكمة الدستورية. مماهاة نقابة المحامين لأي سلطة يًفقدها شرعيتها أمام قواعدها وكافة جماهير الشعب.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
22 يوليو 2021