مقالات

د. عبد العظيم حسن المحامي يكتب :نقابة المحامين (3)

دولة القانون
نقابة المحامين (3)
المفهوم البسيط للنقابة أنها كيان يسعى لتطوير وتأهيل العضوية وحماية مصالحهم أمام المخدم أو صاحب العمل. المحامون، وإن اصطلح لكيانهم اسم نقابة إلا أنهم بالأصل مستقلون لا يخضعون في أداء مهنتهم إلا لصوت العدل. نقابة المحامين تتميز عن بقية النقابات ليس حصراً بحماية عضويتها وإنما كافة المواطنين. لأغراض حماية المحامين يُفضل أن يكون بنيانهم النقابي بصلب قانون المحاماة بلا حظر عليهم في التنسيق مع النقابات الأخرى سواء بقمة الهرم النقابي بالدولة أو على الصعيدين الإقليمي والدولي للتشكيلات الحقوقية.
حتى بالدول التي ترسخت فيها سيادة حكم القانون ما زال انتزاع الحقوق يتطلب المواجهة السلمية سواء بالمفاوضات الجماعية، الوقفات الاحتجاجية، الاعتصامات والإضرابات. مع بدايات نشأة العمل النقابي كانت قياداتها تؤدي دورها تطوعاً. أهمية الدور التنموي للنقابة تطلب إلزام العضوية بتوفير مقابل عادل للقيادات ليخضعوا للمحاسبة وعدم تعرضهم للإغراء من أي سلطة. في ظل الظروف الاقتصادية المعلومة تصبح المناداة بأداء الواجبات النقابية تطوعاً ضرباً من الخيال وإفساد قسري للنقابيين. بالأنظمة الشمولية والديمقراطية، كشفت التجربة أن السلطة العامة لا تغري نقيب المحامين ومجلسه مباشرة وإنما بدعوتهم للقيام بعمل طوعي أو وطني، ومن خلاله تُفتح لهم الأبواب والفرص للحصول على أعمال مدفوعة الأجر. على سبيل المثال، وبدلاً عن الإغراء المباشر تحرّض الحكومة البيوتات والشركات والقيادات السياسية لتتخذ من نقيب المحامين وأعضاء مجلس النقابة محامين لشؤونهم الخاصة أو مستشارين قانونيين للأوقاف العامة والمؤسسات المالية الحكومية. بمجرد خضوع القيادات النقابية للتدجين يظهر تعارض المصالح فتزدهر المكاتب المغمورة وتلمع أسماء كانت غير معروفة. لهوان سلطة المحاماة تفسد السلطة العامة وتزيد القبضة الدكتاتورية على حساب الحريات فضلاً عن تسخير مقدرات وأجهزة الدولة لأغراض شخصية. انهزام ترسانة المحامين ينعكس مباشرة على المهنة والمواطن معاً. بانكسار نقابة المحامين تتضاعف فرص ضياع الحقوق بتشتيت تكتلات المحامين، ويزدري ويخوّن بعضهم بعضاً، فيصيبهم الوهن أمام الأجهزة العدلية والقوات النظامية. كالعادة يستمرىء الأوضاع ضعاف النفوس من المحامين ويواجه التضييق لبناء دولة القانون شرفاء المهنة.
لا يجوز اختزال المحاماة في امتياز الحصانة من القبض والاعتقال إلا بإذن النقابة. المحاماة ليست فهلوة وإنما مهنة ترسّخت عبر الأخذ بالحجة ونواصي المنطق بعيداً عن صخب الأصوات وإبراز العضلات. نقابة المحامين الحرة تظل الجهة الوحيدة التي تزرع بعضويتها واجب مواجهتها بالمقام الأول قبل تمليكهم وسائل التصدي عبر قانون يجعل من مجرد المضايقة أو المساس بالقضاء الجالس أو الواقف جريمة يعاقب عليها القانون وذلك بغض النظر عن مصدر الاعتداء على المنظومة العدلية التي تكمل بعضها.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
21 يوليو 2021

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى