د. عبد العظيم حسن المحامي يكتب : حمدوك وأردول
دولة القانون
حمدوك وأردول
ليس بمستغرب ضجة وتفاعل منصات التواصل الاجتماعي لمطالبة مبارك أردول شركات التعدين دعم استقبال مني أركو أركاوي حاكماً لإقليم دارفور وما صاحب ذلك من تصحيح للخبر بأن الغرض من جمع الأموال مساهمة الشركات في المسؤولية المجتمعية. بغض النظر عن حقيقة الغرض وملابساته، فإن البينة المبدئية تستدعي تحريك الدعوى الجنائية لكون شيكات مليونية صدرت فعلاً وباسم شخص طبيعي وليس الشركة السودانية للموراد المعدنية. في ذات الوقت، حتى وإن صدرت الشيكات للشركة المذكورة فبأي سند من القانون كانت المطالبة.
طبقاً للقانون الجنائي وقانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وإزالة التمكين فإن الوقائع تقتضي تحريك بلاغ الرشوة والفساد المالي في مواجهة كل من ارتبط بها. المعلوم أن قواعد المسؤولية الجنائية تجعل من الشروع بحد ذاته جريمة كاملة حتى ولو لم تكتمل آثارها لأسباب خارجة عن إرادة المتهم أو المتهمين سواء أكانوا أصيلين في الفعل أو محرضين. الغريب، وبدلاً عن اتخاذ الإجراءات القانونية بواسطة نيابة الفساد وإزالة التمكين فإن معالى رئيس الورزاء د. عبد الله حمدوكـ، وحسبما أوردت وسائل الإعلام، اكتفى بالأمر برد المبالغ التي استلمها موظف الشركة.
مجموعة من المحامين قرروا أن ينبروا لهذه القضية ومتابعة التحقيق فيها ومعرفة أسباب عدم بدء الإجراءات القانونية حيالها وتقديمها للمحاكمة، وذلك لتأسيس ثلاثة مبادىء:المبدأ الأول: عدم استغلال موظفي الدولة، ومن في حكمهم، لمنصابهم ونفوذهم في فرض جبايات دون سند تشريعي.المبدأ الثاني: ضرورة صدور قانون ينظم إجراءات وقواعد المسؤولية المجتمعية وكيفية إدارة الأموال المحصلة وأوجه صرفها. يدخل في هذا الإطار الأموال الطائلة التي يتم تحصيلها من موظفي القطاعين العام والخاص بواسطة صندوقي المعاشات والتأمين الاجتماعي وطريقة استثمارها ومدى استفادة أصحاب المصلحة من تلك الاستثمارات.المبدأ الثالث: تنظيم قواعد وحقوق ومسؤوليات مساهمة الدولة في الشركات والشخصيات الاعتبارية الأخرى والتي يتم تأسيسها بموجب القانون. بالضرورة أسئلة كثيرة ستثور عن اهمية إقحام رئيس الوزراء ووزير المالية في ممارسة اي صلاحيات تجاه تلك المؤسسات طالما بالامكان فرض التدابير واللوائح القمينة بطريقة اختيار ومساءلة الموظفين العموميين الذين يمثلون الحكومة في مجالس الإدارة ونحوها عن حسن الأداء سواء في الوظائف التشريعية والتنفيذية وأن تكون المخصصات الناشئة عن الوظيفة مستحقة للدولة وليس الموظفين.
بنظري المتواضع القضية مناسبة لتحريك وزراة العدل لتستعجل إصدار التشريعات التي تنهي منظومة العهد البائد وتطور قواعد الحوكمة المطلوبة لرفع مستوى المؤسسية وتقصير الظل الإداري في الشركات والهيئات التي تؤسسها أو تساهم فيها الحكومة. تلك القواعد هي الضمانة الوحيدة لدولة القانون ودعم أجهزة الدولة لحماية موظفيها من أن يكونوا عرضة لإغراءات المال الذي تحت مسؤوليتهم أو الجنوح لاستغلال المناصب في سياق الاضطلاع بالواجبات الوظيفية.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
10 أغسطس 2021