مقالات

د.عبدالسلام محمد خير يكتب : وصايا الشيخ عطية.. (أخذ الناس بالحكمة)

وصايا الشيخ عطية.. (أخذ الناس بالحكمة)
من حارات القضارف إلى آفاق الكواكب والقمر وبيت بأطراف الخرطوم،فيض من روائع السير والأخبار ووصايا إتضح الآن أنها لمودع..لقد أدركت بعض فضله فاقتربت منه وحاورته..الحوار لم يكتمل بسبب إختياره الإنفراد بنفسه حتى لبى نداء ربه مع خاتمة شهر رمضان المبارك..إن القول الفصل فى مقامه الشامخ بين الناس أفاض فيه أهل العلم لدى تشييعه ضحى العيد،رحمه الله..علماء أجلاء عرفوه عن قرب أفاضوا إستلهاما لسيرته..أمة من البشر تنادوا والدنيا عيد لأقاصي الخرطوم مودعين من عرفوه داعية و(أخو إخوان)..مكانته تتمدد بسيرته..نسيجا وحده كان، مقترنا بالعلم والفقة وحسن التواصل والتراحم،فكل البلد هناك..فى كل المناسبات هو مع الناس، سيرا على الأقدام.
فى حوار مفعم بحميمية مألوفة فيه حاولت أن أعرفه أكثر..للأسف إنقطع الحوار..فى الأمر(مشيئة)خالجته إلهاماتها فأسرني بها..إتضح الآن إن ما قاله كان حديث مودع..الحوار جرى بين لحظات عجولة تصيدتها ليكتب تقديما لكتاب(خيرا يره)-سير وبشريات في تزكية الأنفس والثمرات،2013..وقد فعل بتوقيع(مزارع) مع طول باعه فى الدعوة وعمل الخير وعلم الفلك وحكاوي مشوقة..مضيت أعزي أهل القضارف فحدثني عنه بسخاء مولانا على منصور قمش،بارك الله فيه:(الناس فى قضارف الخير عاشوا على زراعة الأرض بمساحات حد الأفق،وآل عطية إنشغلوا بزراعة العلم والعقول)..الأسافير تكشف عن صلته بالفلك..موقع(الطابية)أورد أنه(إشتهر بإهتمامه بعلوم الفلك،وقدم العديد من المحاضرات داخل السودان وخارجه)..تذكرت محاضرة له حول آية فى القرآن الكريم(أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها)-الرعد..التحليل مدهش،الحضور متجردون والمكان (مني)..كان حيث صادفته يتحرى إلهامات الزمان والمكان والكون وتلاقي الناس على كلمة سواء.
قدم لكتابي ليختم كالتالي(وجب أن أشير إلى أن الدكتور عبدالسلام قد ذكرنا بأن الباب واسع ومفتوح للإنفاق فى شتى المجالات،المال،العلم،المروءة،الجود بالنفس أقصى غاية الجود،والكلمة الطيبة.نتمنى أن يحمى السباق فى هذا،جعلني الله وإياكم وعبدالسلام من هؤلاء الذين يعملون الصالحات ويتنافسون فى الخيرات)..اللهم آمين..سلمني ما كتب وأسرني أنه إختار أن يبقى بداره ليعد نفسه لزمن قادم كان فى باله وأصبح حقيقة الآن بعد عقد من الزمان قضاه يهيء نفسه لرحيل محتوم..ما إدخر إلهاما ليوصي نفسه وغيره به..بين طيات هذا الحوار معه وصايا مودع..ألمح لتغيير قادم،ولدور مرتقب للشيخ الجد،وأوصى(بكلمة سواء)،وأن نكون(موسوعيين)وأن نفهم آيات الله تعالى فى الكون.
من هو؟..شبكة(المشكاة)تحتفظ بسيرته الذاتية كاملة،النشأة،كفاح السنين،التعليم،الحياة العملية،الهجرة،رحلات علمية للخارج،الزوجات،الأبناء والأحفاد،ما شاء الله..علمت منه أنه لايميل للمناصب وقد سعت اليه،رئيسا وعضوا بمؤسسات الدعوة،يفضل الأعمال الحرة،مزارع،دارس لعلوم الفلك،يشغله التخصص..يقول موثقا لخلاصة تجربته:
– (الناس أصبحوا مخدوعين فى مسألة الشهادة، التخصص مهم بشرط ألا يصرف الإنسان عن الإلمام بما حوله،فحين يتخصص طالب العلم عليه أن يضع في إعتباره ما يحتاجه الناس غير تخصصه).التخصص يقود إلي الجودة،لكن لابد من فتح الباب للتعلم بلا حدود،التعلم الذى ينتج موسوعيين،يتخصصون لكنهم مثقفون أيضا،يلمون بكل أوجه الحياة،ينهلون من مناهلها،خاصة منهل ثقافتنا الإسلامية وقد كانت الداعمة للجودة بقيم الدين) .
– (علماء المسلمين كانوا هم السباقين لربط العلوم بقيم الدين وإعلاء ثقافة الإتقان،البخاري،إبن سيناء، الخوارزمي، وغيرهم من المشاهير عالميا حيث أخذ العالم منهم العلم وسبقوا الغرب في الإنحياز للعلم.ومن بلاد السودان البروفسور التجاني الماحي،وغيره، ضربوا المثل في أن يكونوا متخصصين وفي نفس الوقت موسوعيين) .
– (إني أبحث عن مفهوم جديد لتوحيد أهل القبلة..المتصوفة من أكثر الناس نقاء وتوافقا مع الحياة الإجتماعيه،وفقا للكتاب والسنة..وأجد إتفاقا وتجاوبا من شخصيات عديدة مثل الطيب الجد(خليفة ودبدر)وآخرين كثر دعاة لوحدة الكلمة..إني أدعو لأخذ الناس بالحكمة،نعم بالحكمة(why not?!)ولي رسائل بإتجاه(تعالوا إلى كلمة سواء)..الأولي التوحيد،عليكم بالقرآن الكريم،الثانيه نهج الرسول صلي الله عليه وسلم وصحبه والتابعين،الثالثة الإيمان بالحياه الأخري،أساس الإصلاح(مادام في حاجة تانية نعمل لها، وهي دار مقر).
– (يمكن أن نضرب الأمثال في ذلك مما فيه دليل علي تغير الزمان والمكان والإنتقال إلي الحياه الأخري، أنظر حولك فى عاصمة البلاد، أين كانت هذه الإمتدادات السكنيه قبل ثلاثين عاما فقط؟!..وأين كانت الخرطوم الكبرى هذه؟! وكيف أصبحت؟!..هنالك حياة تغيرت ومعالم تبدلت..هناك إنتقال من حال إلى حال، ومن دار فانية إلي دار خالدة..نعم العلم عند الله.. أهل العلم معنيون بالتدبر والتفكر فى خلق الله جل وعلا).
يختم الشيخ عطية رسائله هذه التى أصبحت الآن وصايا: إني أدعو إلي التفكر فى ملكوت السموات والأرض،وما خلق الله العليم القدير..أدعو إلى فقه جديد بالرجوع للقرآن الكريم، أدعو إلى فهم علمي لآيات الله فى الكون،ولدي مشروع لكتاب علمي عنوانه( القران كتاب علم وهداية(Is a book of science and gaudiness). ويضيف كمن يكشف سرا: إني في الحقيقه أعمل في الخفاء..لي عشر رسائل أقوم بإعدادها، منها دراسه علمية للجزء الثلاثين من القرآن الكريم(جزء عم) الذي يحفل بالكثير من الظواهر الطبيعية (أفلا ينظرون إلي الإبل كيف خلقت)..ثم إن جزء عم هو الذي إحتوي سورة (إقرأ) لنقرأ ونتعلم العلم..إنها دعوه للإهتمام بالجانب العلمي للقرآن الكريم-خاتم الرسالات السماوية..هكذا تحدث وهو يلزم داره،يخلو بنفسه للقادم..إنقطع التواصل،توقف الحوار(الوصية)لتدب فيه الحياة برحيله.
له تسجيلات جديدة سارع إليها فيما إدخره لخواتيم عمر باركه الله(1933 – 2022)..لقد بادرت أكاديمية السودان لعلوم الإتصال بتسجيل سلسلة حلقات معه فى الدعوة وقضايا المجتمع،متاحة الآن بين ما إدخر من جلائل الأعمال(علم ينتفع به)..عليه رحمة الله.
د.عبدالسلام محمد خير

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى