الأخبارالسودان

د.عبدالسلام محمد خير يكتب : شكوك البداية تربك الأداء العام والخاص

شكوك البداية تربك الأداء العام والخاص
الأحداث تتلاحق، من أين نبدأ؟!..هات من الآخر،ففى الأمر ضجة عالمية حول من أين يبدأ ملك جديد شهد الكون وداع خرافي لسلفه؟!..إنه شأن(ملوكي) يتعلق بالآخرين،ولكن أحدهم فاجأنا(كلنا ملك)!..قالها فى سياق سيرة(إنسان عادي) شغل الناس بتميزه ورحل..وزاد من قال إن موظفا يتقن عمله ويستر حاله بمرتبه هو ملك!..ومن يتحكم فى لسانه ملك!..المقارنة عفوية وليدة  التوقيت،لكنها توحي بأن هناك من يعتبرونك ملكا مادمت لك(مكانة)،تتقن عملك،تجبرالخاطر، وتترك فراغا إذا أعفيت من منصبك ليتذكر الناس مقولة(لقد أتعب من يأتي بعده)!..كأنما المقصود هو(من أين يبدأ) القادم على وظيفة تبدو كأنها فصلت لمن سبقه وبها إشتهر؟!..كيف يقنع الناس أنه البديل،فيساندونه بدلا من أن يكايدوه؟!.
للمكائد فى الخدمة المدنية سجل- لا أعادها الله!..إحترت تجاه شخص موعود بالمكائد،كونه حل بديلا فى ظروف صعبة..كيف أهنيه بالموقع الجديد والأمور عصية والخدمة المدنية أرهقتها الإقالات والتعيينات؟..فى غياب مسلمات من قبيل(وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب)تصبح المراهنة بفشل القادم(حالة)مهددة لإرث الخدمة المدنية من الكفاءة والإستحقاق والمهنية..وجدت نفسي وجها لوجه أمام من تحيطه أجواء من المراهنة بالفشل.. شغلني الأمر،هل أهنيه أم أوصيه أم أحزره مما وقع فيه غيره،أم لا داعي لملاقاته أصلا؟!..تذكرت تقاليد الخدمة المدنية..كان تقليدا محببا أن ينشر خبر الترقية فى(البورد)- لوحة الإعلانات،ويعقب ذلك سيل من التهاني والهدايا وليالي الفرح!..فى خضم هذه الذكريات أقدمت  .. صارحته ويدي ممتدة( قل لي أرجوك، بأي كلمات أهنيك)؟!..ما خيب ظني، سارع يجيب(قل لي شيل شيلتك)!.
بهرني بهذه الإجابة..قدرت أنها(ثقافة الإستنفار)فاستحسنت كونه(يتحزم ويتلزم)تجاه وظيفة عامة ينقصها هذا فعلا..كررتها وزدت متوسلا(وحقو يقولها كل من يكلف بوظيفة عامة فى  ظروف صعبة)!. إن التعيينات مستمرة،والجميع مطالبون بأن يكونوا فرسان حوبة(يشيلوا شيلتهم)لنجدة البلاد مما هي فيه،لتعود(هيبة الدولة)دليل الفاعلية فى الأداء العام،ومضرب المثل للقطاع الخاص للإقدام بثقة فى مبادرات وإستثمارات ومشروعات وأعمال خيرية..إن الشكوك فى كفاءة القادة تفضي لإرتباك الأداء العام فيتبعه(مناخ عام متردد)يربك الأداء بأكمله،فيحدث ما يعرف بإنهيار الدولة- لا قدر الله، فماذا تبقى؟!.
القضية محورها صون الوظيفة العامة من الشكوك لينطلق الأداء..أساس ذلك أن يكون شاغلها مؤهلا لها وإن تفاوتت الأيدلوجيات..الإدارة قوامها قيادة(كاريزما)فوق الشكوك، ملهمة، تحسن قياس الأمور وتقدير المواقف- لذلك(يترقبونها) حلا فاصلا!..إن(حسن الإدارة)غاية كونية، من أجلها حفيت أقدام علماء الإدارة منذ عصر فريدرك تايلور صاحب أول نظرية للإدارة فى العالم، وكان من رأيه إن العاملين محكومون باللوائح..تلاحقت نظريات تدعو لمراعاة إنسانية الإنسان،تكرمه بالثقة بالنفس والشعور بالإستحقاق والإستقرار ليعطي أفضل وأكثر..وفى دول تصون حقوق العاملين أصبح المعاش(غاية المنى)!.. السر كامن فى(البداية)- كيف تبدأ لتثبت من أول يوم وأول قرار إستحقاقك للموقع(كبديل) وللتكريم متى غادرت؟.
كونك بديل لغيرك مشكلة،لكنها طبيعة الحياة ومفترض أن ترنو لما هو أفضل..فكيف تبدأ لتتجاوز المقارنة والإنطباع الأول الذى تحفه الظنون؟..الأمر رهين عدة عوامل فضلا عن المؤهلات والخبرة، فهناك عنصر القبول والتوفيق والإلهام- كلها من عند الله تعالى..نيتك دليلك..ماذا تبتغي بقبولك لوظيفة عين الناس عليها؟..هل تركز على إرضاء العاملين والشركاء والمجتمع والدولة أم أنت مشغول بتحقيق مآرب أخرى ضيقة أضرارها معلومة،ليتنا تجنبناها ..النية المخلصة هى العنصر الحاسم..فلنتذكر إن إرضاء  الخالق من رضاء خلقه.. رضا الجمهور سبب(سمعة) المؤسسة،بها  تبقى وتتطور،مديرا بعد مدير،جيلا عن جيل.
النية،الرضا،تواصل الأجيال،مصفوفة إدارية مجربة.. فضلا عن المؤهلات والخبرات،هناك خاصية الإلهام فيما يرضي الله ويسعد البشر..روح جديدة يمكن أن تسود الأداء العام من مداخل(الإنصاف)- واجبات تقابها الحقوق..كلمة السر فى الإدارة هي تحريك القيم الإنسانية فى دواخل العاملين ليعطوا أقصى ما عندهم بلا رقيب سوى ضميرهم..بتحكيم الضمير يسيطر(اليقين) بجزاء الخالق لمن أحسن عمله،فإن من يتم الإستغناء عنه بإنتظاره منظومة معاملات إنسانية تراعي ما قدم هو وأسرته،حمدا لله- تقول الدراسات.
هذه(الروح)تلوح فى أفق المؤسسات الناجحة،وربما إحتاجت للترويج ليعم فضلها.. يستوقف الداخل للمؤسسة شعار(الجودة) يترسمه العاملون،أو ميثاق شرف مهني غايته كفاءة الأداء،أو لافتة تقول(الدنيا ساعة فأجعلها طاعة)..فليتها تكون(نية) لعمل مخلص وعلى خير وجه، يرتضيه كل من خرج من بيته متوكلا على الله فى رزقه..إن طاعة الخالق تتمثل فى خدمة خلقه..المؤسسة العامة معنية بذلك..هناك مشكلة إمكانات وتقاعس وتراجع فى الأداء العام، ولكن ينبغي أن لا ندع هواجس البداية فى ظروف معقدة تشل تفكير بلاد أزماتها متلاحقة..أعان الله من يتحملون مسؤولية العمل العام،فالمناصب خطيرة والمؤسسات عليها الأنظار،والتجارب متاحة،إبدأ(صاح)،أعقد(النية)على الإخلاص،إعمل بمهنية،(أجعلها طاعة)..وتوكل.
د.عبدالسلام محمد خير

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى