د.خالد أحمد الحاج يكتب :ما لزم ذكره
تحبير
د.خالد أحمد الحاج يكتب :ما لزم ذكره
بإعلان مجلس السيادة الانتقالي اليوم السبت ١١ فبراير ٢٠٢٣م عن قرب التوصل لصيغة نهائيلإعلان سياسي يمهد لحل الأزمة السياسية الراهنة، ويساعد في تشكيل حكومة متراضى عليها، مع الإشارة للتقارب المتوقع بين قوى إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي والكتلة الديمقراطية يتضح أن كل المحاولات التي تمت منذ التوقيع على الاتفاق الإطاري في
الخامس من ديسمبر ٢٠٢٢م بغرض لم الشمل، والسعي الحثيث لكل من جوبا والقاهرة لوضع حد لأسباب بين الفرقاء السودانيين، ومحاصرة الأزمة يتضح أن الهوة بين الطرفين ما تزال متسعة. ويتطلب الأمر الحكمة في حلها، مع الإشارة إلى أن ذاكرة التاريخ تختزن في باطنها كل شيء، لذا لابد أن ينصب تفكير كافة القوى السياسية والحادبين على مصلحة البلاد على
دعم أي خطوة تقود للاستقرار، بالنظر إلى الحاضر بكل ما يحمل من نذر شتات وفرقة وبؤس، والحذر مما يترتب على التباين والإنشقاقات بين الكتل والكيانات السياسية مستقبلا نتيجة لما أفرزته هذه المرحلة من ممارسة بعضها غير مقبول من الكثيرين إن كان على مستوى تداول السلطة أو على مستوى النظام السياسي الذي يمكن أن يقود لما فيه خير البلاد والعباد.
من باب المسؤولية الوطنية، والحكمة التي تقتضي ألا تكون النظرةح قاصرة على هذه المرحلة فحسب، مع الوضع في الاعتبار لعمر هذه الفترة وإن طال فهي لا محالة إلى نهاية.
ما يقودنا لطرح عدة أسئلة ثم ماذا بعد الفترة الانتقالية ؟ وبأي كيفية مهدت القوى الحزبية لاستحقاق الانتخابات ؟ لست ممن يقودون عقول القراء للقول بأن الحلول قد استنفدت، لأن سؤالا كهذا قد يقود إلى ما لا تحمد عواقبه، ومن باب أن الكلمة أمانة، لذا لابد أن يكون التناول في مثل هذه المواضيع دقيقا، وألا توحي العبارات بما يمكن يفهم بنحو غير سليم، ويجر إلى ما لا
يخدم السلمية في الممارسة وفي ردود الأفعال. كل الذي نرتجيه أن يحمل هذا الإعلان بشرى خير لشعب السودان الصابر على المحنة، والمتمسك بيقينه على البلوى، وباعتقادي أن الثغرات التي بانت على الاتفاق الإطاري، والنقاط المختلفة حولها بورشة القاهرة الأخيرة إن نظر إليها بعين التقدير والقفز منها إلى ما يقرب الشقة فوقتها نستطيع القول بأن هناك ضوء بآخر النفق. العقل السوداني المتقد بأفكار نيرة قادر على وضع النقاط على الحروف، وإن صعب على الحصان أن يكون بمقدمة
العربة، فإن الخير على قدوم الواردين. تاريخ السودان الحديث حافل بالأحداث والمواقف العسيرة، وبمقدور هذه الذاكرة الحية أن تجعل من (فسيخ) الماضي شرباتا للحاضر، و(حلو مر) للمستقبل، وهنا تظهر حكمة القادة، من بين بيدهم الحل والعقد. إنها لفرصة ثمينة للقوى السياسية المدنية لتؤكد لكل من ينظر إليها شذرا، بأن الثقة الموضوعة فيها مستحقة، وبمقدورها إزاحة الكابوس على مخيلة من اختلطت عليهم الأمور.
باعتقادي أن تحين أي فرصة مواتية دليل على المسؤولية والالتزام بالمبادئ الوطنية التي قلد بها جيدنا الأجداد، لا أتفق مع الرأي القائل بأن كل ما يطرحه الأصدقاء من رؤى لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء تنطوي عليه نوايا مستبطن فيها ما لا يخدم مصالحنا، ولكن دعونا ننظر للأمر من زاوية مختلفة.
رجوعا إلى أحداث الربيع العربي التي وقعت في ٢٠١١م، والتي ما تزال تلقي بظلال سالبة على المنطقتين العربية والأفريقية حتى اللحظة، من واقع أن هذه هي حدود هذا المد. والسودان بحكم موقعه الوسط، وتواصله مع هذين المحيطين، فإن ما
يتأثر به إن كان بالإيجاب أو السلب ستتحمل بعضه المنطقة، لذا من الطبيعي أن تتحرك الدول من حولنا، وتتبرع بأي شكل من أشكال الدعم والمساندة لنا في هذه المححنة، ولكن ليس معنى ذلك أن تكون بلادنا مطية لأطماع الطامعين وأصحاب الأجندات، مع ضرورة التوازن في العلاقات الخارجية بما يخدم المصالح العليا للبلاد، وما يبعد عن بلادنا شبح التدخلات الأجنبية.
لابد أن ندرك أن السيادة الوطنية تعني أن تصدر عنا القرارات المصيرية، لا أن يتبرع لنا بها الآخرون، مهما كان قربهم منا، عملا بأحكام الأمم المتحدة ومواثيقها الواضحة بهذا الخصوص.