مقالات

د.خالد أحمد الحاج يكتب : أزمة السودان.. والحلول الممكنة

تحبير
د.خالد أحمد الحاج

أزمة السودان.. والحلول الممكنة

ما من شك أن انسداد الأفق السياسي قد وضعنا جميعا أمام مشهد ضبابي تكاد تنعدم فيه الرؤية، إلا من بعض الضوء الذي يلوح في آخر النفق.

* التعامل ببطء مع الأزمة سيقود إلى تفاقمها، ما قد يقود إلى مزيد من التضييق على شعبنا الذي شكا لطوب الأرض من صعوبة الأوضاع الاقتصادية، مع تضاؤل فرص الكسب والعيش الكريم، ناهيك العديد من مظاهر الأزمة الأخرى، وما أكثرها.

* لماذا فشلت القوى السياسية في تبني مشروع دولة ديمقراطية قائم على التعددية، وفيه قدر كبير من الاستجابة لتطلعات الشعب على مستوى الجهاز التنفيذي الذي يدير الدولة، والجهاز التشريعي الرقابي على الأداء وتصريف الأعمال ؟ يظل هذا الاستفسار حاضرا ما دامت الأزمة (محلك سر).

* حسب الدراسات السياسية فإن مشروع الدولة الديمقراطية الحديثة كفكرة نابع من أوروبا مهد الديمقراطية، ولم يكن أمام الولايات المتحدة الأمريكية من بد سوى تبني المشروع بعد إجرائها العديد من التحسينات عليه، وقد وجد المشروع اهتماما

متعاظما، واستجابة كبيرة من قبل دول العالم النامي، التي وجدت فيه خلاصا لها من ترسبات الماضي، وقد وضحت الحاجة لهذا المشروع بعد انتهاء الحقبة الاستعمارية، إلا أن العديد من العقبات والصعوبات جعلت المشروع مهددا، نتيجة لبعض

الطموحات التي رأى أصحابها عدم تحققها، إن سارت الأمور كما وضع الغرب التصور لها باعتباره صاحب الفكرة، حيث توجد العديد من أوجه الاختلاف بين الغرب والدول النامية في العديد من القيم والمبادئ والتصورات الخاصة بإدارة الدولة.

* ربما يأخذنا الحديث إلى اتجاهات أكاديمية فكرية متجزرة تشكل على العديد من القراء، ولكن الذي نتفق عليه أنه لابد من مساهمة الأكاديميين في رسم خارطة طريق النظام الديمقراطي التأسيسي الذي يرسي مبادئ الحرية بصورة واضحة دون

لبس، بجانب دعمه لتوطيد أركان العدالة باعتماد مبادئ الشفافية والتجرد، على اعتبار أن الجهاز التنفيذي يطوع هذه الأفكار، ويقوم ببلورتها لتكون بمثابة موجه يهديه إلى الممارسة السياسية الرشيدة.

* مع كل يوم يمر يتأكد لنا تماماً حاجة بلادنا إلى مشروع سياسي مدني يكرس لوحدة التراب السوداني، وحاضرة فيه بملامحها الوسيمة مفاهيم المواطنة التي تعلي لدى الأفراد والجماعات مبدأ صون التراب السوداني، بما يدفع الجميع إلى العمل على بناء الدولة، والسعي لرفعتها بدافع وطني محض.

* مع نزيف البلاد من أطرافها ما بين دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وشرق السودان، ومع سقوط الشهداء واحدا تلو الآخر مع كل مليونية، علاوة على اتساع دائرة الأزمة الاقتصادية، لابد من التفكير بجدية في تبني مشروع قومي متكامل الأركان

يحمل بين طياته العديد من الإشراقات التي ينتظرها الشعب السوداني، ويمكن أن يتراضى عليها أهل السودان.
* من بين جميع المبادرات التي تبرع بها البعض، وهي بين أيدي ذوي الاختصاص، إما أن يتم اعتماد إحداها، أو أن تمزج كل

المبادرات في مبادرة واحدة، أو أن تبادر جهة مستقلة برسم ملامح المرحلة القادمة بحيث تجعل هذه المبادرة المسافات متقاربة بين القوى السياسية، مع ضرورة وضوح ملامح المشروع.

* للأزمة العديد من الأوجه المؤلمة، ومن ذلك ندرة بعض الأدوية، وارتفاع أسعارها إن وجدت، والتي لا غنى عنها لأصحاب الأمراض المزمنة بوجه خاص، ما قد يفتح الباب واسعا لأصحاب المصالح ليتبضعوا في المرضى كيف ما اتفق لهم، بجانب ضعف

القوة الشرائية وذلك دليل على أن السياسة الاقتصادية السائدة حاليا بحاجة إلى إعادة صياغة، من جهة أخرى فإن خطاب الكراهية المرتفع منذ فترة بحاجة إلى رؤية تصحيحية بمقدورها المساهمة في توحيد الوجدان السوداني في المقام الأول، ومن ثم تعمل على إزالة الغبن الذي نتج عنه هذا الخطاب.

* ارتفاع صوت القبيلة على صوت الدولة ككيان واحد موحد يحتاج إلى عمل جبار من كليات العلوم السياسية، والجهات المختصة، علاوة على الدور المهم للأحزاب باعتبارها واحدة من الحواضن والواجهات الاجتماعية التي يقع على عاتقها تبني مشروع إدارة الدولة إنابة عن الشعب.

* إصلاح الدولة مشروع تكاملي على الجميع العمل على وضع لبناته، الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد يتطلب توحد الشعب بمختلف توجهاته خلف مشروع وطني يصلح ما أفسده دهر الخلافات والأزمات المتجددة.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى