د.حسن التجاني يكتب: ..وهج الكلم..بعد تموت بتفوت …!!

د.حسن التجاني يكتب: ..وهج الكلم..بعد تموت بتفوت …!!
بارك الله لكم في اعماركم …وجعلها ايام خير وبركة عليكم جميعا…لم يعد الفراق بالموت كما كان علي ازمان مضت …كان الفراق حار
ومر وكان الموت حزن يعيشه كل من لك به علاقة من الجيران والأصدقاء ويتدرج في درجاته ليستقر حزنا دفينا في أقرب الناس إليك حتي يصل عائلتك المباشرة الام والاب ان كانا علي قيد الحياة بعد رحيلك هما اكثر الناس يعيشون حزن فراقك بصدق دفين
ثم الأبناء والزوجة….هؤلاء تمسخ عليهم الدنيا كلها ولا يتزوقون طعما للحياة زمنا ولكن حتي هم حتما يعودون الي طبيعتهم ويعيشون حياتهم …فقط تبقي ذكراك اذا كنت
قد زرعت طيبا فيهم فحين تأتي ذكراك يترحمون عليك وما اكثرنا حاجة لها حينها.
* اختلف الوضع الآن كثيرا فالموت لم يعد بذلك الحدث المؤلم كما كان في استمراريته اولا…فإذا مات الاب ولم يواري جثمانه الثري تعود الحياة سريعا للاستمرارية حتي احفادك الصغار يشاهدون التلفاز ويلعبون ويفرحون ويصولون ويتجولون في صيوان العزاء الذي يمتلي هو الاخر بالحضور من الأقرباء وغيرهم يناقشون أمور حياتهم الطبيعية تصل حتي مناقشة الرياضة وهزيمة
الهلال من الاهلي المصري ويشتد النقاش وتعلو الاصوات ولا احد يقاطع او يمنع فاهل الميت هم في النقاش ايضا….والعزاء لايستمر طويلا فمبجرد الدفن يتسارع الناس الي حيث أتوا وتدور صواني الطعام ويتبادل الناس انواع الطعام مطالبين بالزيادة
والفاتحة أشكال وألوان لا دعاء فيها ولا ترحم ولكن الكثير من المعزيين يكتفون برفع الأيدي وانزالها متي فعل اهل الميت ذلك واخرون يكتفون بالاتصال الهاتفي ولا يحضرون حتي من باب المجاملة.
* كثرة الموت ربما لها دورا كبيرا في تغيير مسار الحياة وكنا حين يتوفي لنا شخصا عزيزا لا نبلغ احد لأننا في وجعة لا تسمح لنا حتي بالإعلان بذلك والان بمجرد موت احد اقرب الناس ينشر اقرب الاقربين علي الاسافير موت والده بعبارات دائما نقرأها في نعي الوزارات والمرافق الحكومية ان توفي والدي بعبارات جافة ليست فيها علامات حزن ولا حتي فيها احساس بالفقد الجلل .
* كثرة الموت جعلت الأمر عاديا جدا …فالموت في زمن ما لم بهذه الكثرة لذا كانت الأحزان صادقة ودفينة.
* كثير من الأسر الان في الحرب اللعينة فقدت الكثير من افرادها ويصادف ان تذهب أسرة كاملة ضمن عداد الموتي ولم نحسن حتي دفنهم او نتباكي علي فراقهم المر….حتي لم يعد الآخرين يعلمون حتي اليوم بفراقهم هذا وحتي أين دفنوا وكيف …لا حول ولاقوة الا بالله
وظل الناس يعيشون (ثقافة موت الجماعة عرس)….فقلت ثقافة الأحزان والتاسي والبكاء المر .
* ولأن السودان لأول عهد هذه الاجيال يعيش حربا لعينة كهذه ما عاد الأمر بقوة أحزان السابق خاصة الذين خارج الحدود الذين يدركهم الموت هناك فيدفنون بلا نقاش كثير خارج أرضهم دون كبير حسرة… وفي السابق يأتي الناس بجثامين موتاهم الي بلدهم حتي يعيشون احساس قربهم هنا ويتمكنون من زيارة قبورهم للتراحم عليهم متي أرادوا كبعد نفسي دفين موجود في انسان السودان .
* الان بفعل ظروف الحرب وتدهور الحالة الاقتصادية لم تعقد هذه النقطة ذات اثر نفسي انها لعنة الحرب ان يدفن الإنسان في بلده ومدفنه الطبيعي المعروف بالمقابر بل كثيرون دفنوا في الطرقات وفي منازلهم وحدائق ومدارس الأحياء ولا احد من أهلهم يعرف أين مقبرتهم …ستظل مقابر بلا هوية وبلا احترام لادمية الإنسان بل بعد الجثث نهشتها الكلاب ومزقتها وبعضها قذفوا بها في المراحيض والابار لعنة الله علي الجنجويد وعلي كل من تسبب في هذه المأساة وهذه الأحزان.
* ستشهد الخرطوم والجزيرة ودارفور وسنار وكردفان وكل منطقة وطئتها ودنستها ارجل المرتزقة ستشهد صيوانات عزاء للمفقودين وشهداء الحرب عقب الحرب فحتي اليوم كثير من الأسر تعيش علي امل حضور من فقدوهم في الحرب وهم في عداد الموتي ولا يعرفون لهم مقبرة ولا جثمان …حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله.
سطر فوق العادة :
مأساة كبيرة وحزن كبير وتوهان متواصل سيحل بكثير من الأسر بعد الحرب لادراك مالذي جري لهم وماذا يفعلون ؟ حتي من قتل لن تطاله يد العدالة فكله سيسدد ضد مجهول انها لعنة الحرب …انا لله وانا اليه راجعون….وعند الله تجتمع الخصوم ….تقبل الله الشهداء والموتي وشفي المصابين وفك أسر المأسورين وأعاد المفقودين ولم شمل الأسر السودانية التي دفعت ثمنا غاليا لم تكن هي يوما طرفا فيه والحمد لله رب العالمين.
(ان قدر لنا نعود)
*