د.أيمن لطـيف يكتب : العبودية سلوك.. وليست لون
د.أيمن لطـيف يكتب : العبودية سلوك.. وليست لون
دائماً وأبداً لا أميل الى فكرة التعميم في إطلاق الأحكام على فئة أو مجموعة معينة، ولا أؤمن بالمبدأ الظالم (الشر يعُم)- لذا فإنني عندما أكتب سلباً عن فئة أو مجموعة أو مؤسسة (أو منسوبي فريق كرة قدم) أو إتحاد أو (دولة) أو أي جماعة تنضوي تحت مسمى معين- فإنني أميل للإشارة بعبارات التغليب وليس التعميم بالكلية- مثل (السواد الأعظم) وما شابه ذلك-حتى لا أظلم القِلَـة (المحترمة) التي يمكن أن تتواجد ضمن ذلك الكيان أو تلك المجموعة التي أكتب عنها،
واليوم وانا أكتب عن (الشعب المصري) – لن أتجاوز مبدأي في الحُكم ولن أنقاد لغضبي وحنقي مما حدث مؤخراً بإستاد القاهرة من مشجعي نادي الأهلي المصري تجاه نادي الهلال السوداني ومنسوبيه (لاعبين وجهازين فني وإداري بجانب الجمهور الذي حضر اللقاء من أبناء الجالية السودانية بمصر)- فعلى الرغم من أن ماحدث في تلك الليلة الحالكة السواد قد
تخطى حدود المستطيل الأخضر وتعدى كل الخطوط الحمراء ليبلغ درجة الإساءة المنظمة والممنهجة لكل الشعب السوداني بعبارات عنصرية وألفاظ “بذيئة” يعف اليراع عن تدوينها، على الرغم من كل ذلك- فإنني لن أجعل تلك الحادثة هي معياري الوحيد في إطلاق الحكم على (أُمَّة) بأكملها،
فاليوم أبني أحكامي على ماضٍ تليد عضَّده الحاضر الشاهد و”الشهيد”؛ وعلى مشاهدات عبر زيارتين سابقتين سجلتهما لجمهورية مصر في آخر خمس سنوات رأيت خلالهما مارأيت مما خوَّلني لتكوين فكرة “كاملة” و واضحة عن ماهية الشعب المصري،،
عليه.. سأمضي كاتباً عن الشعب المصري بالعموم (مع حفظ حقوق الأقلية المحترمة منه) .. فأقول “من الآخر” بأن السواد الأعظم من الشعب المصري يمكن أن نطلق عليه (عبدة الدرهم والدينار)- فالمواطن المصري يُمكن أن يُذِل نفسه ويبيع (كل شيء) مقابل (بقشيش)، ويمكنك بكل يُسر أن تصبح سيِّداً وآمراً (للمصري) في بلده و وسط أهله مادُمت تملك الدنانير والجنيهات- وهذا مايمكن أن أسوق عليه ألف دليل وأعتقد بأنه أضحى من الثوابت التي يعرفها الجميع،،
ومن عجائب الدنيا أنه وعلى الرغم من تلك (الدناءة) التي يمتاز بها السواد الأعظم من أحفاد (عزيز مصر) فإن نظرتهم للإنسان السوداني (عزيز النفس) يطغى عليها الكِبر والإزدراء والغرور،،
فـ(المصري) ينظر للزول السوداني (نظرة دونية)- وبصريح العبارة وكما هتف بها جمهور الأهلي على رؤوس الأشهاد فالسوداني عندهم ليس سوى (بواب و عبد)- لا أكثر من ذلك “وربما أقل”..
هذه هي النظرة العنصرية البغيضة لدى عامة الشعب المصري (المُغيَّب فكرياً) والذي تُسيطِر على عقله الأكذوبة التأريخية التي تقول بأن السودان كان (مستعمرة مصرية) وأنه تابع لمصر، ومن المعلوم بالضرورة لكل صاحب عقل راجح و فكر مستنير أن تلك الأكذوبة “المضحكة حد السخرية” ماهي الا صنيعة مشتركة مابين الطبقة السياسية الحاكمة في مصر على مر
العقود ، والآلة الإعلامية المصرية التي ثبتت تلك المعلومة ورسختها في عقول عامة الشعب المصري (عبر الدراما وبرامج التوك شو) التي يقودها تمويلاً و إعداداً وتقديماً وإخراجاً عدد ضخم من (الأراجوزات) و (المطبلاتية الأرزقية) الذين يمتازون بالجيوب والحلاقيم الممتلئة و الأدمغة (الخاوية على عروشها) ، وهؤلاء معروف عنهم أنهم لايرعون عهداً ولاذِمَّة وأن ولاءهم لمصالحهم الخاصة ومصلحة حكامهم وأولياء نعمتهم،،
هذه هي الحقيقة العارية لنظرة السواد الأعظم من الشعب المصري للسودان وأهله، وقد عايشت ذلك واقعاً عبر أكثر من زيارة لمصر وقد خُدِعت -كغيري- في باديء الأمر لما رأيته ووجدته من إحترام وتقدير من الشعب المصري (للزول السوداني) ولكن مع الأيام أدركت بأن المصري يحترم مصلحته -فقط- ويقدِّر من يعطيه و(يبوس) التراب اللي بيمشي عليه من يمنحه (ربع جنيه)، بينما ينقلب “في لحظة” على من يمنعه، أو يحرمه أو يقِل يده عن عطاءه، وقد أدركت يقيناً بأن الشعار والمبدأ الذي
يجمع عموم المصريين في معاملاتهم مع بعضهم البعض ومع الآخر هو: (إن كان لك مصلحة عند الكلب قولو ياسيدي) وأعتقد (مع عميق الأسف) أن المصري ينظر لكل الأفارقة و جُل العرب على أنهم أقرب لدرجة (الكلب) ، فلا أحترام ولاتقدير للإنسان الأسود أو حتى الأسمر (الا لو كان من وراه مصلحة) وينتهي الإحترام بإنتهاء المصلحة،،
وربما نحشد فيما بعد العديد من عبارات (المذلة والخنوع) التي يستخدمها المواطن المصري مما يدُل على أنه في الأصل صاحب اليد السُفلى وأن (عزة النفس) عند المصري أندر من لبن الطير، وأن كل مايقال بخلاف ذلك ليس سوى (شـو) وكذب بواح، و نسج درامي ينفخ به إعلام البروباجندا في الشخصية المصرية المشوَّهة نفسياً والمبنية على طراز فرعوني (أصم)
يدَّعي العلم والمعرفة والعلو والرفعة على الجميع فلايسمع الحق؛ ولايعرفه ، ولايريد من أحد أن يُعرِّفه إياه، كل ذلك لأن العقل الباطن (الجمعي) للشعب المصري يهتف في كل يوم: (أنا ربكم الأعلى)..
ولنا عودة…
Dr.Ayman.A.latif
9.4.2023