د.أيمن لطــيـف يكتب : السودان.. (نصفُ قرنٍ من العُزلة) 1956 عام الإستقلال أم “الإستغلال”!!

د.أيمن لطــيـف يكتب : السودان.. (نصفُ قرنٍ من العُزلة) 1956 عام الإستقلال أم “الإستغلال”!!
داحس الجنوب وغبراء الغرب..
وبسوس الشرق.. و(صحراء الشمال)
أطول حروب القارة.. ولازال الموت “حي”
والمواطن في عداد الأموات..
ساسـةٌ و عسكــر..
(إتَّفَقوا على الا يتَّفِقُوا)..
»» ونحن نقف على أعتاب عامنا السابع والستون منذ إعلان السودان دولة مستقلة “ذات سيادة” لم أجد أفضل من تلك المقولة التي إستشهد بها عبر التأريخ كثير من الزعماء والرؤساء والقادة العرب من أشهرهم إبن خلدون وجمال عبدالناصر والملك فيصل بن عبدالعزيز ومعمر القذافي… وغيرهم-
وحتى الآن لا نعلم من هو مصدرها الحقيقي، ولربما يكون المصدر هو جمال الدين الأفغاني حين قال:
“شرُّ أدواءُ العرب داءُ انقسام أهله، يتَّحِدُون على الإختلاف، ويختلفون على الإتحاد، فقد إتَّفقوا على ألا يتفقوا”،..
▪️وجدت هذه الكلمات وانا أبحث عن مصدر تلك المقولة التي عنونت بها المقال والتي لم أجد “أصوب منها” لأسقطه على حالنا في السودان منذ العام 1956م وهو العام الذي رُفعت فيه راية “إستقلال” الوطن عن مستعمريه و “أستغلاله” عبر أبناءه ومواطنيه- و الى جانب تلك الراية رُفعت رايةٌ أخرى مكتوبٌ عليها -بدماء سودانية خالصة- : (إتفقنا على الا نتفق)..
▪️نعم لقد كان ولازال- وربما سيظل- القرار الأوحد والرأي الوحيد الذي يجتمع عليه أهل الحل والربط في السودان- والراية الخفاقة التي يستظل بها “المدنيون والعسكر” هي راية (الإختلاف)،
نصفُ قرنٍ من الزمان- و زِد عليه سبعة عشر عام- لم يستطع خلالها أهل السودان الإتفاق على “كيف يُحكمون” فكيف سيتَّفِقون على “من يحكمهم”!!
▪️سبعةٌ وستون عاماً خلت ولازلنا بلادستور “متفقٌ عليه” ليحكمنا ونتحاكم إليه،،
سبعةٌ وستون عام- وكل عام يشهد تراجعاً أكثر من الذي سبقه،
نصفُ قرنٍ من الزمان ونيف-
ونحن نرعى بوادٍ غير ذي زرع، و كل يوم يشهد “تخلُّفاً” عن سابقه – في كل مضامير الحياة… ولازلنا نعيشُ في عزلتنا منغلقين على دنيا “غير الدنيا”؛؛
▪️نصفُ قرنٍ من الزمان “وزيادة” ولانملك سوى الوقوف على أطلال “بالية” نتغنى فيها على أمجادٍ خلت وعلى ماضٍ “كذوب” كل مافيه لم يكن سوى لـبِنة لوطن يمكن أن يكون- غير أننا لم نتقدم قيد أُنمُلة- وليتنا حافظنا على ماكان….
•نصفُ قرنٍ و سبعة عشر عقداً من الزمان – ونحن نتواثق يومياً ونجتمع لنتفق على الا نتفق..
~نصفُ قرن شهدت أطول حرب في تأريخ القارة السمراء– وربما “العالم” – لنصطف الى جانب حروب الجاهلية الأولى داحس والغبراء والبسوس- لنُضيع أكثر من أربعة عقود من عمر الوطن المكلوم في الصراع والإقتتال الأعمى ثم ننتهي الى “إنفصال” و “مفاصلة”؛ ثم نعود لنبكي على أطلال الجنوب؛
وهاهو الغرب يتبعه الشرق وكل منهما يسير على هُدى الجنوب ومن سار على الدرب “إنفصل”؛
▪️نصفُ قرنٍ ونيف من الزمان، ونحن نغني للسلام وندق طبول الحرب، ننادي بالخير والنماء ونغرق في بحيرات الدماء ،،
▪️نصفُ قرنٍ من الزمان و أكثر وسلة غذاء العالم يجوع أهلُها وينتظرون القمح من “أوكرانيا” و يتسوَّلون الإطعام من “روسيا” وينتظرون الكسوة من “أرض الحجاز” !!!!
~نصفُ قرنٍ من الزمان ومن يسوسنا هم (أراذلُ الناسِ فكراً وأسوأهم سيرةً وأسودهم سريرة)- الا من رحم ربي-
~نصفُ قرنٍ من الزمان- وزيادة-
والمواطن السوداني يدفع ثمن حُكم طغمة من نافخي الكِير الذين إما أن تجد منهم ريحاً “منتنة” أو تحترق بمايفعلون؛ خمسون عاماً عجاف وسبعة عشر عقداً “حسوما” ونحن نرهن حياتنا لـ “مجموعات فاشلة” من خفيفي الدماغ ثقيلي الفِكر ، عديمي الضمير والأخلاق -كانوا ولازالوا- يجتمعون في أبراجهم العالية ليتفقوا على الا يتفقوا-
▪️لافرق عندي بين عسكر وحرامية- فمن قال فيهم العباسي قبل عقود:
إن التحزُّب سـمٌّ فأجعلوا أبداً
ياقوم منكم لهذا السُمِّ ترياقا
هم .. هم أنفسهم من يصعدون على رؤوس “البوريه” ويلعقُون البوت ويرفعون التمام للكاكي ويعظِّمون السلام للعسكر حين “تتفق مصالحهم”،
ثم هم ذاتهم من يعودون القهقري ليلعنوا سلسفيل العسكر حين تتعارض المصالح وتسقط الأقنعة،،
〰️الجميع عندي سواء لأن من يكن ولاءه لحزب لايختلف عمن يرهن إرادته لجماعة أو مليشيا أو “حركة”
ولايهمني أهل اليمين أو الشمال فجميعهم كأسنان المشط -يستوون- ويلهثون حين يتعلق الأمر بتوزيع “الكراسي” و “القناطير المقنطرة” من الثروة “المهدرة”؛
▪️سبعةٌ وستون عام ولازالت أرضنا البكر “بكراً”- لم تطأها أقدام الإصلاح ولم تلامسها أيدي “الإنتاج” ولم “تُقذف” في رحمها بذور الخير لتُنتج خيراً جنيا، فنحنُ لمَّا نزل نغفوا على خلاف ونصحوا على أختلاف، ولازالت الدماءُ مهدرة والأنفُس “مسترخصة” والأرواحُ مستباحة ، ومافتيء وطننا يتلوَّى في أتون العنصرية ويتهاوى في غياهب القبلية ويتلظَّىٰ بنار الجهوية ويركع أهله لـ “كهنوت الطائفية”،
وما أنفك يبكي على “حائط الأمل” وينتظر صحوة من أتفقوا على الا يتفقوا-
لعل المعجزة تحضر قبل زوال وطن إسمه (السودان)#
ولعلنا حينها -فقط- يمكن أن نقول:
كل عام ونحن بخير..
د.أيمن لطيف
ديسمبر 2022