![](https://i0.wp.com/alahdonline.net/wp-content/uploads/2021/07/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%87%D8%AF.jpg?fit=472%2C189&ssl=1)
دولة القانون
المؤجر والمستأجر
الخرطوم:العهد أونلاين
لأن العقار ظل المجال الأقدم والأكثر إتاحة للاستثمار بالسودان كانت النتيجة أن استحوذت نزاعات الحيازة وطلب استردادها، والإجارة وشروطها على ما لا يقل عن 80% من القضايا التي تنظرها المحاكم المدنية. ذات النسبة تنطبق على الخصومات المقامة بمحاكم الأحوال الشخصية من الزوجات على أزواجهن بسبب عدم الإنفاق. هذه الأرقام المخيفة تستدعي وزراة العدل عمق النظر في الإحصائيات وهي بصدد إصدار التشريعات التي تحكم تلك العلاقات.
خلال العشرة أيام الخالية تفاعلت وزارة العدل مع الوقفة الاحتجاجية لملاك العقارات المطالبين بإصدار قانون يحميهم من تآكل الأجرة التي تُدفع نظير الانتفاع بعقاراتهم. اللافت للانتباه أن اللجنة ضمت ملاك العقارات بينما خلت عضويتها من القضاة أصحاب التجربة العميقة بهذه النزاعات. كذا خلت اللجنة من الأكاديميين الذين يعملون بتدريس القوانين ذات الصلة بعلاقات الإيجارات ووسائل فض النزاعات.
استغلال وجشع ملاك العقارات وأرباب الأعمال هما الدافع الفلسفي لحماية المستأجرين والعمال بتشريعات توفر السوق الحر الذي يراعي قانون العرض والطلب مع وضع الضمانات التي تمنع انهيار سوقي العقار والعمل. بالسودان وكنتيجة طبيعية للتضخم واضمحلال العملة الوطنية لم يعد الاستثمار في الإيجارات مشجعاً إلا إذا كانت الأجرة تدفع بالعملات الحرة. الواقع دفع بأصحاب الأموال تفضيل بيع وشراء العقارات، سواء أكانت أراضي مشيدة أو خالية من المباني. المحصلة كانت أن انتهى الأمر بأن تكون اسعار العقار بالخرطوم أعلى من لندن، دبي أو حتى نيويورك.
لتلبية الطموحات يستحيل على اللجنة أن تقدم تصوّرها لمشروع قانون إيجارات المباني خلال شهرين. لأغراض الجودة لا يجوز أن تكون اللجنة التي ستضطلع بإصدار التشريع مجرد لجنة فنية تجيد صياغة التشريعات. فالمطلوب باللجنة تمثيلها أصحاب المصلحة ومن لهم تجربة عميقة بمجال الاستثمار المالي والعقاري بجانب مختصين في التخطيط العمراني ووسائل فض النزاعات. بالمرة تطوير العملية العدلية يستدعي رفع الضغط عن المحاكم بلا إضرار بالمالك أو المستأجر. بدولة القانون ليس مطلوباً مجرد حسم النزاعات وإنما منع أو تقليل وقوعها بقدر الإمكان. التشريعات الحديثة اتجهت لمنح اختصاص النزاعات الإيجارية للجان قضائية أو السماح للمحاكم الاستعانة بمقررات اللجان الفنية المخولة قانوناً بتحديد ليس فقط الأجرة وإنما حتى نفقات الزوجية وما في حكمها من مطالبات وتعويضات.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
25 أغسطس 2021