مقالات

دكتور عبدالكريم محي الدين يكتب : جسر المصالحة و التغيير الوطني

دكتور عبدالكريم محي الدين يكتب : جسر المصالحة و التغيير الوطني

وسط هذا الدمار المريع و الاقتتال الشديد ووسط هذا الخبث و العبث السياسي و رغم هذا الضعف الوطني و الهزال العام يمكن أن تكون الفرصة سانحة للتصالح أكثر من ذي قبل …

يمكن أن يولد الضمير السوداني و يتغير مفهوم السياسة و تتغير سياسات البناء على النحو الأسلم و الأوفق للمرحلة و للمتغيرات العالمية و المتطلبات الضرورية …

الحقيقة التي وصلت لها النخب السياسية الناضجة أن السودان وصل إلى ( ميس ) التغيير الحقيقي الذي تنتهي عنده جميع المراوغات السياسية و المصلحية و توضع عاليه منصات الوحدة الحق و العمل الجماعي و التفكير و التدبير المنطلق من الحكمة و الدراية و الخبرة …

انتهى تماما عهد الاقتيات من سنام الوطن و التطفل على السياسة و التجارة بالشعب و المجتمعات الأهلية و التنظيمية …

هذه الحرب يجب أن تكون محطةً للتغير العميق نحو البناء المجتمعي و التنمية الشاملة و الوحدة القائمة على ميزان العدالة و قوام الحق و قيم الأخلاق النبيلة …

و عليه أرى أن علينا اتباع الخطوات الآتية :-

أولا : الاعتراف العام بأننا جميعا دون أي استثناء قد ارتكبنا وعبر تاريخنا الوطني أخطاء جسيمة كانت نتائجها هذا الواقع الدموي و ضياع الدولة و تفكك شعبها .

ثانيا : يتوجب علينا الانخراط في عمل فكري ، يضع الدراسات اللازمة لكيفية الاستفادة من الأخطاء التاريخية للمارسة السياسية ، و للتفاعلات المجتمعية ، و الأنشطة الاقتصادية . و يتوجب علينا تكوين تيارات فكرية

متباينة ، لتصنع في نهاياتها التجانس و الوحدة ، و ذلك عبر منصات خاصة ، تنطلق في كل الجامعات السودانية و المعاهد العليا و المؤسسات الاستراتيجية و البحثية . لتصبح عصارة نتائجها برنامجا ملزما لهيئات التشريع ، و الحكومات ، و لمؤسسات الشعب .

رابعا : مع إيماننا التام بأهمية العمل الحزبي ، و لكن علينا و بكل شجاعة ان نقبر أحزابنا السياسية ، و ما ينضوي تحتها من واجهات سياسية و اجتماعية و من موسسات اقتصادية و مليشيات عسكرية . و أيلولة أصولها للدولة بكل شفافية و صدق . مع ضمان الحياة الكريمة لقادتها و عدم ملاحقتهم قضائيا أو مضايقتهم فيما يمتلكون .

رابعا : على زعماء الأحزاب السياسية و صفها الأول الانسحاب من العمل السياسي و الاجتماعي و ترك المجال لمرور التغيير الإيجابي . و تفتح الدولة سجلا للعظماء رواد العفو و التغيير ، و بناة السودان الحديث . يمجدهم الاعلام و تتناولهم المناهج الدراسية بالتبجيل .

خامسا : على رجالات الإدارات الأهلية و الطرق الصوفية الانصياع الكامل للقانون الذي يصنع التغيير العميق في الدولة و المجتمع .

سادسا : جسر المصالحة و التغيير ، هو عبارة عن هيئة عليا من أربعمائة عضو مدني . و تتكون من خبراء مستقلين و ممثلين للكتل السياسية ، و الاجتماعية ، و الإدارات الأهلية ، و الطرق الصوفية ، و الشخصيات الوطنية . و يقوم بتكوينها القائد العام للقوات المسلحة

على المستوى القومي برضا أعضائها و مباركة واسعة من مؤسسات الشعب السوداني . ينتهي دورها التاريخي بعد قيام الانتخابات . و لا يحق لأعضائها الترشح الانتخابي ، أو شغل المناصب الدستورية إلا بعد مضي عشر سنوات من انتهائها .

سابعا : تتولى الهيئة العليا لجسر المصالحة و التغيير وضع دستور الجسور الوطنية المؤقت .

ثامنا : يؤسس الدستور المؤقت البنيات الاساسية لدولة المؤسسات و القانون ، و لمجتمع الرضا و التسامح ، و يضع القاعدة الصلبة للأحزاب و الممارسة السياسية العادلة ، و يمكن الأجندة الوطنية ، و يحرم كافة الامتدادات الخارجية للسياسيين و الإعلاميين و الدستوريين .

تاسعا : يرجيء الدستور المؤقت كافة القضايا الكبرى ، و المشاريع الاستراتيجية للبرلمانات المنتخبة و الحكومات الديمقراطية .

عاشرا : بالإضافة لغايات المصالحة و الرضا تتولى الهيئة العليا لجسر المصالحة و التغيير ترشيح ( حكومة الجسر الوطني ) للسيد القائد العام للقوات المسلحة .

الحادي عشر : يستجيب القائد العام للقوات المسلحة لوضعه السياسي في الدستور المؤقت كيفما كان . على أن يظل في وضعه من قيادة الجيش إلى حين تكوين الحكومة المنتخبة .

و بهذا الجسر يكون العبور إلى محطة الاستقرار و التنمية ، و نكون قد تركنا مخلفات الايدلوجيات الحزبية و العصبيات الجهوية و المذهبية و القبلية خلف جسر العبور و الله ولي التوفيق .

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى