خارج النص .. يوسف عبد المنان يكتب : إعادة ضبط

خارج النص .. يوسف عبد المنان يكتب : إعادة ضبط
اي كانت النتيجة النهائية التي تنتهي إليها الحرب الحالية التي تشير كل التوقعات أن هدنة ما في طريقها للساحة بإرادة أطراف الحرب أو بغيرارادتهم بانتصار دولة الإمارات التي تمثل طرفا اول في
الحرب أو انتصار حكومة السودان التي تمثل الطرف الثاني المعتدي عليه ولكل طرف قوة مساندة له وداعمة ولو معنويا مسخرها لتحقيق أهدافه فالامارات العربية مستأجرة بندقية الدعم السريع
لتقاتل من أجلها ومشروعها وتحشد جوقة من السياسيين استمالتهم بالمال والأغراء ليتظاهرون كقوي سياسية داعمة لمشروع تغير دمغرافي واجتماعي متفقا عليه مع الدول الغربية وإسرائيل التي تمثل لاعبا اول في المنطقة ومقابل ذلك حكومة
الامر الواقع التي يقودها العسكر وحظيت من غير أن تسعى لذلك أو تريد بدعم القوى الوطنيه الاسلاميه التي ظنت في قيادة القوات المسلحة ظنا حسنا بأنها على الأقل سوف تحافظ على بيضة الدين واستقلال
القرار ومعها تماهت أيضا قوي اجتماعية أخرى مثل حركات المقاومة الجهوية قدرت بأن مشروع الإمارات الذي تمثله بندقية الدعم السريع يسلبها أغلى ماتملك اي أرضها ويهبها المنافسين من القوى الاجتماعية التي تشكل سندا لتلك الحركات ولكن مخاض
الاتصالات التي جرت ولقاءات البرهان مع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر وربما تركياالان ماهي إلا مقدمات للتسوية التي يقودها البرهان بنفسه مثلما قاد الحرب في السنوات الأخيرة في ظروف بالغة الدقة ومن غير حليف
خارجي يمدده بما يحتاج وبعيدا عن قراءة مآلات التسوية وهل ستجد القبول من الشعب وهل التسوية ثنائية بين البرهان كقائد للجيش ومحمد حمدان دقلو كقائد للدعم السريع ام هي تسوية ثلاثية يضاف إل
ى الطرفين حاملي السلاح حملة المباخر للجنجويد كصمود التي يقودها حمدوك ورابعتهم تحالف الحل الجزري وإقصاء كل التيارات الإسلامية ازعانا لرغبات الخارج ظنا أن ذلك هو طريق استقامة البلاد على جادة طريق الاستقرار بعيدا عن كل ذلك فإن إيقاف الحرب مهما كان الثمن غاليا والتهديد ماثلا
والمستقبل مظلما والسلام بعيدا فإنه يمنح الشعب على الأقل سنوات لإعادة تموضعه اما داخل بلاده أو إلى ملاجئ بعيدة اتقاء الحرب التي تئن من وطئتها الحرائر في ليل السودان الطويل
وبعيدا عن ضجيج السلاح ومالات التسوية القادمة فإن المهدية كتجربك انسانيه ومع قلة ايجابياتها وكثرت سلبياتها انها أعادت هندسة المجتمع السوداني
في ذلك الحين حيث تلاقحت الاثنيات في ام درمان وكردفان والجزيرة وشهدت البلاد هجرات من الغرب للشرق والشمال ومن الجنوب للوسط وقد أعادت الآن الحرب هندسة المجتمعات قسرا وقهرا وفرضت النزوح واللجوء الإجباري لبعض السكان من خارج
حواضن آلة الحرب وكردفان مثلا هناك مجموعات سكانيه تعرضت التطهير العرقي والإفناء من الوجود فهاجرت إلى يوغندا كلاجئين ومجموعات لاذت بمصر التي احتضنت الملايين من المشردين المطرودين من مدنهم وقراهم ومدن شمال السودان الآن تحتضن
الآلاف من القبائل الزنجيه الأفريقية وأصبحت ديار الفور خالية من سكانها وتم تهجير الزغاوة لخارج الحدود وافناء شعب المساليت والان تكاد تخلوا جبال النوبه من سكانها الأصليين ليقيم عليها عربان الشتات وأبناء النوبة في الحركة الشعبية ينظرون وينتظرون
أن يسقط لهم الجنجويد كادقلي الدلنج ليسيطرون على أرض بلا شعب ومثلما عدد الإمام ابن سينا فوائد الحرب ومن بينها الهجرة في أرض الله الواسعة وهلاك الاشرار واصطفاء الأخيار شهداء فإن الاقليم الشرقي الذي احتضن الفارين من وسط وغرب البلاد اكتظ مدنه بعدد كبير من السكان لن يعود نصفهم إلى
المناطق التي هاجروا منها وتبعا لهذه الهجرات فإن البلاد ستشهد في ذات الوقت تغيرات سياسية تفقد فيها بعض الأحزاب قواعدها التقليدية وتصعد أخرى كل ذلك بسبب الحرب التي تطاولت والان بلغت محطة الرجعة إلى بداية التكوين




