حروب وانتخابات.. حصاد أبرز أحداث عام 2024
مع دخول العام الجديد 2025، يكون العالم قد ودع عاما صعبا على البشرية، شهد استمرار نزاعات وتصاعد في وتيرتها في عدة مناطق، ما زاد من عدد الضحايا بشكل غير مسبوق، وعمق حدة الأزمات الإنسانية المنتشرة في ساحات الحروب المختلفة.
ومن جهة أخرى، عرفت أيام عام 2024 الأخيرة بعض الانفراج، على غرار اتفاق وقف الحرب في لبنان، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وما حمله لسكان العالم من أمل بأن يكون العام القادم أقل وطأة وأكثر سلاما، وتاليا أبرز الأحداث التي شهدها العام المنصرم في مناطق مختلفة من العالم.
الإبادة مستمرة في غزة
حين بدأ عام 2024، كانت حرب الإبادة في قطاع غزة قد بلغت يومها 87، وقد خلفت نحو 21 ألفا و978 شهيدا، بينما بلغ عدد القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي 507 قتلى.
وعلى امتداد السنة، واصلت إسرائيل جرائمها في القطاع ساعية إلى تحويل جزء هام منه إلى مناطق غير صالحة للعيش، وقد تسبب عدوانها في ارتفاع حصيلة الضحايا إلى نحو 50 ألف شهيد، جلهم من النساء والأطفال بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
وفي الجانب الإسرائيلي مثل عام 2024 سنة كارثية بحساب الأرواح والخسائر الاقتصادية والسياسية.
من جهة أخرى شهدت عدة مناطق حول العالم عشية رأس السنة الماضية احتجاجات ومظاهرات داعمة للقضية الفلسطينية ومنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة.
وإلى جانب مسيرات الفلسطينيين في رام الله، شارك آلاف الأردنيين في وقفة احتجاجية أمام السفارة الأميركية، بينما نزل مئات المحتجين إلى الشوارع في العاصمة اللبنانية بيروت دعما لغزة، وتظاهر تونسيون أمام مقر السفارة الأميركية في تونس العاصمة، مطالبين بوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وفي نفس السياق عرفت مدن تركية وأميركية وكندية مظاهرات واسعة، رفعت شعارات تضامن مع الفلسطينيين ونددت بجرائم الاحتلال الإسرائيلي
الصراع الروسي الأوكراني
استمرت الحرب في أوكرانيا مع تصاعد وتيرة الصراع بين القوات الروسية والأوكرانية، وقد شهد النصف الثاني من العام تحولا في التكتيكات العسكرية، حيث توغلت القوات الأوكرانية خلال أغسطس/آب في مناطق روسية، بعد أن عبر نحو ألف جندي من قواتها إلى مقاطعة كورسك الروسية القريبة من بلدة سودجا.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني استخدمت القوات الأوكرانية لأول مرة صواريخ كروز طويلة المدى من طراز “ستورم شادو” بريطانية – فرنسية الصنع، وصواريخ “أتاكمز” الأميركية لضرب العمق الروسي، بعد حصولها على ضوء أخضر من الرئيس الأميركي جو بايدن.
وردا على الصواريخ المطلقة من كييف، أعلنت روسيا تعديل عقيدتها النووية وهددت بتوسّيع نطاق حالات استخدام السلاح النووي، ليكون من ضمنها تعرض الأراضي الروسية لقصف بصواريخ تقليدية من قبل دولة مدعومة بتحالف مع قوة نووية، بما يعني أن الصواريخ الباليستية الأميركية القادمة من أوكرانيا سيتم تفسيرها بأنها هجوم مشترك بين أوكرانيا والولايات المتحدة، وهذا قد يبرّر اللجوء لخيار الرد النووي.
الأزمة الإنسانية السودانية
أقرت تقارير إعلامية وأممية بأن السودان يعيش أسوأ كارثة جوع وأكبر أزمة نزوح في العالم، حيث استمرت الأزمة الإنسانية فيه على امتداد العام.
وعلى المستوى العسكري توالت الأخبار بخصوص تقدم الجيش السوداني على حساب قوات الدعم السريع في عدة مناطق، رافقها انشقاقات متتابعة في صفوف الأخيرة، في حين تعددت التقارير الحقوقية بشأن ارتكاب الدعم السريع سلسلة من الفظائع، بما في ذلك مجازر بحق المدنيين، واغتصاب جماعي للنساء وعنف جنسي على نطاق واسع.
وبلغ عدد ضحايا المواجهة المتواصلة منذ أبريل/نيسان عام 2023 حوالي 20 ألفا من المدنيين، بحسب إحصاءات حكومية رسمية وأممية ودولية.
الإسناد اليمني
لم توقف الأزمات الداخلية في اليمن موقفه من إسناد غزة، حيث أعلنت جماعة أنصار الله الحوثيين أنها استهدفت على امتداد العام الماضي أكثر من 200 سفينة مرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، كما قصفت مواقع إسرائيلية بعدد كبير من الطائرات المسيرة والصواريخ.
في مقابل ذلك، تعرضت مدن يمنية لغارات إسرائيلية وأميركية في أكثر من مناسبة، ما خلف أضرارا مادية وبشرية زادت من حدة الأزمات التي تعيش البلاد على وقعها منذ سنوات.
وقد واجهت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا أزمة مالية خانقة غير مسبوقة، في حين أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية باليمن أن 9.8 ملايين طفل يمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
اغتيال العاروري
في الثاني من يناير/كانون الثاني عام 2024، كانت بداية تنفيذ سياسة الاحتلال الإسرائيلي باغتيال قادة المقاومة الفلسطينية، والتي كانت بدايتها من بيروت، حينما استهدفت مسيرة إسرائيلية نائب رئيس حركة حماس وقائدها في الضفة الغربية صالح العاروري.
بدورها نعت الحركة كلا من العاروري والقائدين القساميين سمير فندي وعزام الأقرع، و4 آخرين من كوادر الحركة استشهدوا في عملية الاغتيال، وقالت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية إن الهجوم نفذ بطائرة مسيرة وإن “الغارة المعادية استهدفت مكتب حماس حيث كان يعقد اجتماعا للفصائل الفلسطينية”.
إسرائيل في المحكمة
رفعت دولة جنوب أفريقيا نهاية عام 2023 دعوى قضائية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي، اتهمتها فيها بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وفي 11 يناير/كانون الثاني 2024 بدأت المحكمة جلساتها الأولى بشأن الدعوى المرفوعة أمامها.
وفي الدعوى المؤلفة من 84 صفحة، أشارت جنوب أفريقيا إلى أن إسرائيل فشلت في تقديم الأغذية الأساسية والمياه والأدوية والوقود وتوفير الملاجئ والمساعدات الإنسانية الأخرى لسكان القطاع خلال عدوانها عليهم.
وفي 16 من الشهر ذاته، أصدرت المحكمة حكما أوليا أمرت فيه إسرائيل باتخاذ جميع التدابير في حدود سلطتها لمنع الأعمال التي يمكن أن تندرج تحت اتفاقية الإبادة الجماعية.
رئاسية بوتين الخامسة
تزامنا مع الحرب الدائرة في أوكرانيا، أجرت جمهورية روسيا الاتحادية في 17 مارس/آذار 2024 انتخابات رئاسية، جاءت نتيجتها التي أعلنتها لجنة الانتخابات المركزية بموسكو بفوز فلاديمير بوتين (71 عاما) بنحو 88% من أصوات الناخبين، وهو ما يضمن له فترة رئاسية خامسة لمدة 6 سنوات حتى عام 2030.
وتعد النسبة التي فاز بها الرئيس الروسي الأعلى في تاريخ روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، وبذلك يكون الزعيم الأطول بقاء في الحكم بالبلاد خلال 200 عام.
الانتخابات السنغالية
عرفت السنغال في 25 مارس/آذار 2024 انتخابات رئاسية، تنافس فيها الرئيس المنتهية ولايته ماكي سالي ومرشح حزب “باستيف” المحظور باسيرو ديوماي فاي، وأظهرت النتائج فوز الأخير من الجولة الأولى، ليسجل كأصغر رئيس في تاريخ بلاده.
ولا يتجاوز عمر فاي 44 سنة، منها واحدة قضاها وراء القضبان في سجن “كاب مانوال” بالعاصمة داكار، قبل أن يخرج بعد مضي 6 أيام من الحملة الانتخابية، إثر عفو عام أصدره الرئيس ماكي في سياق محاولته تهدئة المشهد السياسي بالتزامن مع انتهاء ولايته.
خسارة “العدالة والتنمية”
لأول مرة منذ 20 عاما، خسر حزب العدالة والتنمية الانتخابات البلدية التي أجريت في 31 مارس/آذار 2024، وفاز بها حزب الشعب الجمهوري بالمرتبة الأولى بنسبة 37.6%، في حين حل “العدالة والتنمية” في المرتبة الثانية بنسبة 35.5%.
وأقر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخسارة حزبه قائلا إن نتائج الانتخابات شكلت “منعطفا” بالنسبة لحزبه الحاكم منذ عقدين.
إسرائيل تحت القصف
شهد 13 أبريل/نيسان 2024 انطلاق مسيرات وصواريخ من الأراضي الإيرانية نحو مواقع إسرائيلية، ليكون بذلك أول استهداف للجانب الإسرائيلي من قِبل إيران على امتداد سنوات الصراع بين الطرفين، وكانت مصادر أميركية وإسرائيلية قد قدرت الهجوم الإيراني بما بين 400 و500 طائرة مسيرة وصاروخ.
وجاء الهجوم الإيراني بعد نحو أسبوعين من القصف الإسرائيلي لمقر قنصلية طهران في دمشق، والذي أسفر عن مقتل 16 شخصا، من بينهم القائد في فيلق القدس محمد رضا زاهدي، و7 ضباط آخرين من الحرس الثوري.
وبعد نحو أسبوع من الرد الإيراني قالت إيران إن انفجارات وقعت في سماء مدينة أصفهان، وتم تفعيل المضادات الدفاعية في أجواء البلاد، بينما تحدثت تقارير إسرائيلية وأميركية عن توجيه إسرائيل ضربة داخل إيران.
تحطم طائرة رئيسي
الأحد 19 مايو/أيار 2024 أقلعت مروحية من محافظة أذربيجان الشرقية شمال إيران، كانت تقل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان ومسؤولين آخرين، وذلك أثناء عودتهم من تدشين سد مشترك على نهر آراس الحدودي بين إيران وأذربيجان.
وبعد نصف ساعة من إقلاع المروحية، فقد الاتصال بها، ثم أعلنت إيران في اليوم التالي تحطمها بسبب الظروف الجوية الصعبة، مؤكدة وفاة رئيسي ومرافقيه
مجازر بحق النازحين
استيقظ العالم في 26 مايو/أيار الماضي على جريمة بشعة تمثلت في حرق عدد من الفلسطينيين النازحين وهم نيام، في منطقة تل السلطان غربي مدينة رفح، رغم أن المخيم لا يقع ضمن المنطقة التي طالب الجيش الإسرائيلي بإخلائها، وذكرت مصادر إعلامية وحكومية فلسطينية أن أكثر من 35 شخصا استشهدوا جراء القصف الإسرائيلي للمخيم.
وإلى جانب مجزرة الخيام، ارتكبت إسرائيل مجازر عديدة خلال العام المنقضي بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، كان من بينها مجزرة النصيرات التي ارتكبتها قوات الاحتلال أثناء عملية تحرير 4 محتجزين إسرائيليين في الثامن من يونيو/حزيران، والتي راح ضحيتها نحو 210 شهداء و400 مصاب.
وفي العاشر من أغسطس/آب من نفس السنة، استشهد أكثر من 100 فلسطيني أثناء تأديتهم صلاة الفجر في مدرسة التابعين، بعد قصفهم بـ3 صواريخ يزن كل واحد منها ألفي رطل من المتفجرات.
مودي مرة ثالثة
بعد فوز حزبه “بهاراتيا جاناتا” بأغلبية ساحقة في انتخابات 2014 و2019 بالهند، وانتخابه لفترتين سابقتين بأريحية رئيسا للوزراء، تمكن ناريندرا مودي في السابع من يونيو/حزيران من الحصول على ولاية ثالثة بصعوبة، بعد أن خسر حزبه الأغلبية الانتخابية، إذ لم يحصل إلا على 240 مقعدا في البرلمان، وهو أقل بكثير من عدد المقاعد اللازمة لتشكيل الحكومة بمفرده.
اليمين المتطرف في أوروبا
عاشت أوروبا في التاسع من يونيو/حزيران المنقضي على وقع انتخابات البرلمان الأوروبي، والتي حققت فيها الأحزاب المنتمية لليمين المتطرف مكاسب كبيرة، وحصدت المراتب الأولى في كل من فرنسا وإيطاليا والنمسا، بينما حلت ثانية في ألمانيا وهولندا.
وشكل صعود الأحزاب القومية المتطرفة تهديدا حقيقيا لمستقبل الاتحاد الأوروبي، حيث تعارض أغلبها فكرة التكامل الأوروبي وترغب بالانسحاب من الاتحاد أو تقليص صلاحياته.
ومن جهة أخرى، مثّل صعود اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان تهديدا للمهاجرين، وخاصة العرب والمسلمين منهم، الذين تستهدفهم رموز اليمين المتطرف وسياساتهم بخطابات التمييز والعنصرية.
إنجاز تاريخي للعمال
شهد اليوم الرابع من يوليو/تموز 2024 نهاية لحكم حزب المحافظين البريطاني المتواصل منذ 14 سنة، مقابل فوز تاريخي لحزب العمال بأغلبية لم يحصل عليها منذ 190 عاما، ليصبح بذلك زعيمه كير ستارمر رئيس وزراء بريطانيا الجديد.
وقد حصل حزب العمال على 410 من أصل 650 مقعدا في مجلس العموم، متقدما بفارق شاسع على المحافظين الذين انحصرت حصتهم بـ131 مقعدا، في أسوأ نتيجة انتخابية لهم منذ مطلع القرن الـ20.
فوز الإصلاحيين الإيرانيين
أعلنت الجمهورية الإيرانية إثر وفاة رئيسها إبراهيم رئيسي فتح باب الترشح لانتخابات رئاسية مبكرة، وتنافس في الدور الأول كل من الإصلاحي مسعود بزشكيان، والمحافظين محمد باقر قاليباف، وسعيد جليلي، ومصطفى بورمحمدي، ووصل إلى الدور الثاني الدبلوماسي المحافظ سعيد جليلي والطبيب الإصلاحي مسعود بزشكيان.
وقد أسفرت النتائج التي أعلنت في السادس من يوليو/تموز عن فوز بزشكيان بنحو 55% من أصوات الناخبين، في حين بلغت نسبة المشاركة في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الإيرانية 49.8%.
تحالف اليسار الفرنسي
دخلت فرنسا في السابع من يوليو/تموز الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية، والتي أخفق فيها تحالف أقصى اليمين بالحصول على الأغلبية، حسبما كانت تتوقع بعض استطلاعات الرأي، في حين تصدر تحالف “الجبهة الشعبية الجديدة” اليساري بمجموع 182 مقعدا، متبوعا بتحالف الرئيس إيمانويل ماكرون الذي حصل على 168 مقعدا، في حين حل اليمين المتطرف ثالثا بـ143 مقعدا.
وجاءت الانتخابات التشريعية إثر قرار من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحل الجمعية الوطنية، بسبب هزيمة قوائمه في انتخابات البرلمان الأوروبي، مقابل المكاسب الكبيرة التي حققها حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في الانتخابات ذاتها.
وكان من المتوقع أن يكلف الرئيس الفرنسي مرشح الجبهة الشعبية الجديدة اليساري، إلا أنه رفض ذلك مبررا أن من شأنه أن يؤدي إلى عدم الاستقرار.
وفي الخامس من سبتمبر/أيلول 2024 تم تعيين ميشال بارنييه رئيسا للحكومة، لكن حكومته واجهت احتجاجات منذ اليوم الأول لتشكيلها قبل أن يتم حجب الثقة عنها، وإسقاطها في الرابع من ديسمبر/كانون الأول الماضي، ليتم تعيين فرانسوا بايرو رئيسا جديدا للوزراء.