أفريقياالأخبار

جريمة الإسماعيلية واقعة هزت مصر.. فما الأسباب؟

جريمة الإسماعيلية واقعة هزت مصر.. فما الأسباب؟

القاهرة- بعد ساعات من جريمة قتل مروعة على قارعة الطريق في وضح النهار في مدينة الإسماعيلية بمصر، قام القاتل فيها بفصل رأس القتيل، وقعت جريمة أخرى لا تقل بشاعة في محافظة كفر الشيخ، شمال القاهرة، حيث أقدم طالب يبلغ من العمر 18 عاما على ذبح زميله.

وحسب ما نشرت صحيفة الأهرام الحكومية، فقد كشفت التحريات الأولية لمباحث قسم أول كفرالشيخ، في واقعة مقتل الطالب بالصف الثاني الثانوي، أن الضحية تشاجر مع 3 من زملائه بسبب خلافات بينهم أمام أحد مراكز الدروس الخصوصية، وقام أحدهم بكسر زجاجة واستخدمها لإصابته بجرح قطعي قاتل في رقبته ما أودى بحياته على الفور.

وجاءت الحادثة الثانية بعد فاصل زمني قصير من قيام أحد الأشخاص بقتل رجل وسط أحد الشوارع بمدينة الإسماعيلية، إحدى مدن قناة السويس (شرقي العاصمة القاهرة)، ثم قام بفصل رأسه عن جسده وسار به في مشهد غير مسبوق استغرق عدة دقائق وسط ذعر وهلع المارة الذين لم يتمكنوا من منع الجريمة واكتفوا بمشاهدتها على ما يبدو.

ولم تصل قوات الأمن إلى المكان إلا بعد أن أكمل القاتل جريمته، وسار لعدة دقائق برأس القتيل في الشارع العام، كما أصاب اثنين من المارة بساطور (سكين ضخم يشبه السيف) كان في يده وفق ما وثقته مقاطع مصورة ملأت مواقع التواصل، لكن الجزيرة نت لم تفضل عرضها على قرائها بسبب بشاعة الحادث.

وفي بيان مقتضب، أعلنت وزارة الداخلية عن “ضبط مهتز نفسيا بالإسماعيلية، سبق حجزه بإحدى المصحات للعلاج من الإدمان، بعد أن قام بالتعدي بساطور على عامل مما أدى إلى فصل رأسه وكان يهذي بكلمات غير مفهومة”.

وفي وقت لاحق، أمر النائب العام بسرعة إنهاء التحقيقات في واقعة مقتل المجني عليه وإصابة اثنين آخرين في الطريق العام بالإسماعيلية، وقد انتقل فريق من النيابة العامة لمسرح الحادث لمعاينته ومناظرة الجثمان، لإعلان نتائج التحقيقات في وقت لاحق.

جريمتان كاشفتان

هاتان الجريمتان سلّطتا الضوء ليس على زيادة معدلات الجرائم في البلاد فحسب، بل على اتخاذها هذا الشكل المروع، والذي أرجعه البعض إلى “تعظيم” حالة البلطجة في الدراما المصرية وانعكاسها على الشارع المصري.

كما فتحت الجرائم المتزايدة في المجتمع الباب أمام علاقتها بالأوضاع السياسية والأمنية والدينية والاقتصادية، حيث يبلغ معدل الفقر نحو 30% أي أكثر من 30 مليون نسمة، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء.

وارتفعت معدلات جريمة القتل في محافظات القاهرة الكبرى بنحو 10% في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، طبقا لما رصدته “بوابة الأهرام”، في تقرير لها يرصد أبرز جرائم القتل.

ووفقًا لإحصائية موقع صحيفة الأهرام الحكومية، فقد وقعت 34 جريمة قتل في محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة، والجيزة، والقليوبية)، ارتكبها 42 متهمًا، بينهم 11 سيدة وطفلا، فيما بلغ عدد الضحايا 34 قتيلًا بينهم 11 سيدة و5 أطفال.

وحسب تصنيف “نامبيو” (Numbeo) لقياس معدلات الجرائم بين الدول، احتلت مصر المركز الـ59 عالميا والمركز الـ18 أفريقيا لإحصائية منتصف هذا العام 2021.

وفي يناير/كانون الثاني 2019، كشف تقرير لقطاع الأمن العام بوزارة الداخلية عن ارتفاع معدلات الجريمة، حيث زاد مستوى الجرائم بنسبة 5% خلال عام 2015، وبنسبة 7% في عام 2016، و10% مطلع 2017، وفي عام 2018 زادت المعدلات بنسبة 5%.

وأرجع التقرير أسباب ارتفاع معدلات الجرائم إلى انتشار الأسلحة النارية، والإفراج عن عدد كبير من العناصر الإجرامية، وشيوع ظاهرة العنف الاجتماعي، والتأثيرات الناجمة عن الأعمال الفنية من الأفلام والمسلسلات.

وبحسب التقرير، شملت الأسباب تكوين تشكيلات عصابية جديدة من الشباب العاطلين، وما اختصرت وزارة الداخلية تسميته بـ”الظروف الاقتصادية”، وسهولة تنفيذ البعض لجرائم السرقات بسبب قصور المواطنين فى وسائل تأمين ممتلكاتهم، وغياب الوعي الاجتماعي والثقافي، فضلا عن استغلال البعض للحرب التي تخوضها الدولة على “الإرهاب”.

وكشفت دراسة صادرة عن جامعة عين شمس، نشرت عنها الجزيرة في موضوع سابق، أن جرائم القتل العائلي وحدها باتت تشكل نسبة الربع إلى الثلث من إجمالي جرائم القتل، وأن السياسات الاقتصادية الحديثة من بين أبرز أسباب تضاعف معدلات القتل العائلي، لما أحدثته هذه السياسات من مشكلات اجتماعية واقتصادية خطيرة.

فيما أكدت دراسة أخرى للمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن نسبة 92% من هذه الجرائم تُرتكب بدافع العرض والشرف، فضلا عن العوامل الاقتصادية التي أصبحت من بين أبرز أسباب تضاعف معدلات القتل العائلي.

ووفقا لما نشرته صحيفة الشروق المصرية، فقد أرجعت أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، سامية خضر، أسباب تزايد معدلات الجريمة إلى عدة أسباب من بينها الإدمان والبطالة والإعلام.

وقالت في تصريحات صحفية سابقة، إن المخدرات تعد أحد العناصر المسببة للعنف بأشكاله المختلفة في المجتمع، وأنها يمكن أن تصحبها البطالة، وبالتالي عدم وجود دخل ثابت لدى المدمن، في ظل وجود طموحات خاصة يقابلها فقر وعجز اقتصادي، تقوده غالبا لارتكاب الجرائم.

ينذر بالخطر

وحذر أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد كريمة، في لقاء متلفز على القناة الأولى المصرية، من أن نمط الجريمة وإزهاق الأرواح في الآونة الأخيرة أخذ منحى ينذر بالخطر، داعيا علماء الدين لممارسة دورهم التنويري.

على المستوى الاقتصادي، قال خبير الاقتصاد الدكتور علاء السيد إن تردي الأوضاع المعيشية لنحو 30 مليون مصري على الأقل، كارثة أخلاقية بكل المقاييس، وعامل مهم في وقوع الجريمة وانتشارها.

وأضاف في تصريحات للجزيرة نت، إلى جانب انتشار البطالة، وغلاء الأسعار، والجهل والتعصب وانتشار المخدرات بأنواعها، وعدم تكافؤ الفرص تصبح الجريمة هي مخرج وحيد لقطاع كبير من أفراد المجتمع.

الفن في قفص الاتهام

ولم يسلم الفن من توجيه الاتهامات إليه خاصة بعد أن لعبت الدراما المصرية، خلال السنوات القليلة الماضية، دورا سلبيا في إعلاء “البلطجة”، بحسب الفنان هشام عبد الله، الذي أكد أن مثل هذه الأعمال كانت مقصودة لذاتها، مضيفا للجزيرة نت، أن دراما البلطجة التي يقوم بها بعض الفنانين الشباب المشاهير من أمثال محمد رمضان تحرض على العنف، وهدم القيم المجتمعية، وتصوير المجتمع على أنه مسرح لأعمال العنف، إلى جانب غياب الوازع الديني والأخلاقي في الإعلام.

واتفق معه المخرج إسلام عاصي، مشيرا إلى أن الدراما تلعب دورا في خلق العنف لدى بعض الأشخاص بالمجتمع، وبعد تقمص كثير من الفنانين الشباب المشهورين دور البلطجي يسعى البعض إلى تقليد تلك النماذج على الأرض.

وفي حديثه للجزيرة نت، أعرب عاصي عن أسفه من تكرار هذه النوعية من الأعمال التي باتت محل اهتمام كبير من المنتجين المصريين والعرب، فتجد كثيرا من أفلام الرعب والعنف العربية في هذه الأيام وكأنها الموضة والنهج الجديد لصناعة السينما العربية.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى