ما الفصام؟ وما الفرق بينه وبين الانفصام وانفصام الشخصية والشيزوفرينيا؟ وما أعراض مرض الفصام؟ وما الأصوات التي يسمعها المريض به؟

الفصام.. ما هو؟

الفصام (schizophrenia) -ويعرف أيضا بانفصام الشخصية- هو اضطراب نفسي يتميز بفقدان الاتصال بالواقع (الذهان psychosis)، والهلوسة (سماع أصوات غير حقيقية)، والإيمان بمعتقدات زائفة (أوهام)، والتفكير والسلوك غير الطبيعيين، وقلة التعبير عن المشاعر، وضعف الهمة والدافع، وتدني الوظائف الذهنية (الإدراك)، ومشاكل في الأداء اليومي؛ في العمل، والعلاقات الاجتماعية، والعناية الشخصية بالنفس، وفقا للموقع الإلكتروني لدليل “إم إس دي” (MSD) الإرشادي.

الفرق بين الفصام والانفصام وانفصام الشخصية والشيزوفرينيا؟

الأسماء كلها صحيحة، وتستخدم لتسمية الحالة نفسها، والصفحة التعريفية بالمرض في موقع منظمة الصحة العالمية تصفه بانفصام الشخصية والفصام، والكلية الملكية للأطباء النفسيين في بريطانيا تستخدم وصف الفصام والشيزوفرينيا، ومؤسسة مايوكلينك تستخدم تسمية انفصام في الشخصية.

أسباب انفصام الشخصية

لم تقف البحوث على سبب وحيد للإصابة بانفصام الشخصية، ويعتقد أن الاضطراب ناجم عن تفاعل بين الجينات وطائفة من العوامل البيئية التي قد تسبب انفصام الشخصية، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

وتضيف المنظمة أن العوامل النفسية والاجتماعية قد تؤثر أيضا على بداية ظهور الاضطراب والمسار الذي يتخذه، كما يرتبط الإفراط في تعاطي القنب بزيادة خطورة الإصابة بهذا الاضطراب.

ما أعراض مرض الفصام؟

تقسم أعراض مرض الفصام إلى مجموعتين: أعراض إيجابية وأعراض سلبية.

أعراض مرض الفصام الإيجابية

الأعراض الإيجابية هي الأكثر شيوعا في الفصام، ومنها

الهلوسات

الهلوسات (Hallucinations) تحدث عندما يتوهم الإنسان أنه يسمع أو يرى أو يشم أو يشعر بشيء هو في الحقيقة غير موجود، وفي حالة الفصام أكثر أنواع الهلوسة شيوعا سماع الأصوات.

ومن أنواع الهلوسة أن يشم المصاب رائحة معينة، أو الشعور بطعم معين أو الإحساس بأن شيئا ما يلمسه، لكن هذه أقل شيوعا.

الأوهام

الأوهام (Delusions) معتقدات خاطئة تنطوي عادة على تفسير خاطئ للمفاهيم أو التجارب، يميل المريض إلى تعزيز هذه المعتقدات على الرغم من الأدلة الواضحة على بطلانها، وفقا للموقع الإلكتروني لدليل “إم إس دي” (MSD) الإرشادي.

هناك أشكال عديدة محتملة من الأوهام، فعلى سبيل المثال قد تكون لدى مريض الفصام أوهام اضطهاد، فيعتقد أنه يتعرض للتعذيب، أو الملاحقة، أو الخداع، أو التجسس.

ويمكن أن يتوهم المريض أن الحكومة تتجسس عليه، أو يعتقد أن الجيران يستخدمون مؤثرات خاصة أو تكنولوجيا للتأثير عليه.

اضطراب التفكير

في اضطراب التفكير (Thought disorder) يجد الشخص صعوبة في التركيز، فربما لا يستطيع قراءة مقالة في صحيفة أو مشاهدة برنامج تلفزيوني إلى نهايته.

الشعور بسيطرة الجن أو التلبس

قد يشعر المريض بأن أفكاره ليست له، وأن شخصا آخر قد وضعها في عقله.. أو أن جسمه مسيطر عليه، مثل الرجل الآلي.

الناس تفسر هذه التجارب بطرق مختلفة، فبعضهم لديه تفسيرات تكنولوجيه، مثل أشعة الليزر، أو الاعتقاد بأن هناك جهازا مزروعا في جسده، وأشخاص آخرون يفسرونها بالسحر، والأرواح، أو الشيطان.

أعراض مرض الفصام السلبية

• عدم الاكتراث بالحياة.
• صعوبة تحمس الشخص لنشاط، وانزواؤه في المنزل.
• عدم قدرة الشخص على الاعتناء بنفسه أو غرفته وأغراضه.
• الشعور بعدم الارتياح مع الناس.
• الاكتئاب، إذ يعاني منه تقريبا واحد من كل 7 أشخاص مصابين بالفصام.

الفصام والجن والشياطين

يقول الدكتور محمد علي صديق -استشاري أول في الطب النفسي والمدير الطبي لخدمات الطب النفسي المجتمعي في مؤسسة حمد الطبية في قطر- في تصريحات سابقة لعيادة الجزيرة إن طبيعة أعراض الفصام قد تجعل الشخص أو أسرته يظنون أنه “ملبوس بالجن”، مثل سماع الشخص لأصوات غير حقيقية أو رؤية أشياء غير موجودة، وهذا ظن خاطئ تماما.

وأضاف أن هذا الظن الخاطئ بأن المريض مصاب بجن يدفع الأهل إلى عرضه على مشعوذين أو غيرهم، مما يؤدي إلى تأخير العلاج الطبي ومفاقمة الحالة.

وقال أيضا إن اضطراب المريض في التفكير يؤدي إلى الاضطراب في الكلام، والتحدث بطريقة غير مفهومة، وعندئذ يظن الشخص ومن حوله أن من يتكلم كائن تلبّس المريض، ولكن هذا خطأ أيضا.

أما عن قول البعض إن المريض يمتلك قوة عضلية كبيرة تجعل عدة أشخاص لا يتمكنون من السيطرة عليه، فقال الدكتور صديق إن إيمان المريض بالاضطهاد، وبأن هناك من يستهدفه يجعله يتصرف بعنف شديد مع من حوله (ليحمي نفسه من المؤامرة التي تحاك ضده).

وأكد أنه إذا كان هناك صديق أو قريب يظن أنه متلبس بالجن أو الشياطين، فيجب عرضه على الطبيب والحصول على استشارته.

بم يفكر مريض الفصام وماذا يسمع؟

وفقا لجامعة “جونز هوبكينز”، الفصام هو اضطراب دماغي معقد، ناتج عن اختلال التوازن الكيميائي وتغيرات أخرى في الدماغ، وهذا يؤدي إلى تغييرات في التفكير، وتخيل معتقدات خاطئة لا تستند إلى الواقع.

وتبدو الأصوات التي يسمعها مريض الفصام حقيقية تماما، كأنها قادمة من محيطه الخارجي، يسمعها في أماكن مختلفة وتكون صادرة من أشياء معينة، مثل التلفزيون.

هذه الأصوات قد يشعر الشخص أنها تتحدث إليه مباشرة، أو تتحدث عنه إلى بعضها، ويشعر أحيانا كأنه يستمع إلى محادثة.

أحيانا سماع هذه الأصوات يكون شيئا مسلّيا، لكنها في أغلب الأوقات تكون مزعجة جدا، وذلك وفقا للكلية الملكية للأطباء النفسيين في بريطانيا.

ما ردة فعل مريض الفصام عندما يسمع الأصوات؟

أحيانا يشعر مريض الفصام بأن عليه تنفيذ ما تقوله الأصوات التي يسمعها، حتى لو كان فيها أمر بإيذاء نفسه أو بفعل شيء يعلم بأنه خطأ. معظم الوقت يمكن أن يتجاهلها ولكنها أحيانا تجعله يشعر بالكآبة.

من أين تأتي الأصوات التي يسمعها مريض الفصام؟

الأصوات ليست وهمية، بل يوجدها العقل، وقد أظهرت الفحوص أن جزءا من الدماغ الذي ينشط عندما يسمع الشخص الأصوات هو الجزء الذي ينشط عندما يتكلم أو تتشكل الكلمات في ذهنه، فكأن الدماغ يفسر أفكارك على أنها أصوات حقيقية من الواقع المحيط.

ماذا يتخيل مريض الفصام؟

كثيرا ما تحدث الهلوسة البصرية مع الفصام، على الرغم من أنها أقل شيوعا من الهلوسة السمعية، وفقا لموقع “هيلث لاين”.

تشير بعض الأبحاث التي أجريت عام 2010 إلى أن العديد من الأشخاص يرون أشياء غريبة مثل أشخاص مشوهين أو أجزاء جسم أو أشياء غريبة وغير عادية لا يمكنهم التعرف عليها، مثل وحوش أو شياطين أو جن أو كائنات فضائية.

هل يعني الفصام أن الإنسان له شخصيتان؟

قال الدكتور سانديب روت إن ‫الفصام اضطراب نفسي يتمثل في إدراك أشياء غير موجودة ‫في الحقيقة، فهو انفصال بين الحقيقة وما يعايشه المرء، وليس انفصاما ‫في الشخصية كما يعتقد كثيرون.

وأوضح المتخصص بالطب النفسي في مستشفى “فيفانتس نويكولن” ‫بالعاصمة الألمانية برلين أن أعراض الفصام تتمثل في الوهم ‫والهلوسات السمعية واضطرابات إدراك الأنا والاضطرابات الفكرية، أي ‫الأفكار التي لا تتطابق مع الواقع.

‫وأضاف روت أن تشخيص الشيزوفرينيا يعدّ أمرا صعبا؛ فغالبا ما يأتي ‫تشخيصه بعد مرور 5 سنوات من حدوث الإصابة.

‫وترجع سبب صعوبة التشخيص إلى أن الأعراض في المراحل الأولية تكون غير ‫مميزة، مثل القلق والتوتر واضطرابات النوم والحزن غير المبرر وتراجع ‫القدرة على بذل المجهود، بالإضافة إلى شعور المريض بأنه منبوذ ومحل ‫سخرية من الآخرين وأنه دائما ما يُساء فهمه.

أنواع الفصام

هناك أنواع من الفصام، تشمل:

الفصام الارتيابي

الفصام الارتيابي (Paranoid schizophrenia) هو النوع الأكثر شيوعا من مرض انفصام الشخصية، وقد يتطور في وقت لاحق من الحياة أكثر من الأشكال الأخرى. تشمل الأعراض الهلوسة و/أو الأوهام، لكن قد لا يتأثر كلام الشخص وعواطفه، وفقا لموقع “مينتال هيلث يو كيه”.

الفصام الهبفيريني

الفصام الهبفيريني (Hebephrenic schizophrenia) يعرف أيضا باسم “الفصام غير المنظم”، ويحدث هذا النوع من الفصام عادة عندما يكون عمر المصاب بين 15 و25 عاما. تشمل الأعراض تصرفات وأفكارا غير منظمة، إلى جانب الأوهام والهلوسة القصيرة الأمد. قد يتحدث المصاب به بشكل غير منظم ويجد الآخرون صعوبة في فهمه.

غالبا ما يظهر الأشخاص المصابون بالفصام غير المنظم عواطف قليلة أو معدومة في تعابير وجههم أو نبرة صوتهم أو سلوكهم.

الفصام القطني

الفصام القطني (Catatonic schizophrenia) هو أندر تشخيص لمرض انفصام الشخصية، ويتميز بحركات غير عادية ومحدودة ومفاجئة. قد لا يتحدث المصاب به كثيرا، وقد يحاكي كلام الآخرين وحركاتهم.

الفصام غير المتمايز

قد يبيّن التشخيص بعض علامات الفصام المصحوب بجنون العظمة أو الفصام الكبدي أو القطني، ولكن من الواضح أنه لا يتناسب مع أحد هذه الأنواع بمفرده.

الفصام المتبقي

قد يتم تشخيص الشخص بمرض الفصام المتبقي (Residual schizophrenia) إذا كان لديه تاريخ من الذهان، ولكنه فقط يعاني من الأعراض السلبية (مثل الحركة البطيئة وضعف الذاكرة وقلة التركيز وسوء النظافة).

الفصام البسيط

في هذا النوع من المرض تظهر الأعراض السلبية (مثل الحركة البطيئة وضعف الذاكرة وقلة التركيز وسوء النظافة) بشكل واضح مبكرا وتزداد سوءا، بينما نادرا ما تظهر الأعراض الإيجابية (مثل الهلوسة والأوهام والتفكير غير المنظم).

الفصام السينستوباثيك

يعاني الأشخاص المصابون بالفصام الخبيث أو الفصام السينستوباثيك (Cenesthopathic schizophrenia) من أحاسيس جسدية غير عادية.

الفصام غير المحدد

تستوفي الأعراض الشروط العامة للتشخيص ولكنها لا تتناسب مع أي من الفئات المذكورة سابقا.

علاج الفصام

إذا بدأت أعراض الفصام لأول مرة، فلا بد أن يبادر المصاب بتناول الأدوية في أسرع وقت ممكن.

تساعد الأدوية على التحكم بأعراض المرض المزعجة، وهي جزء من العلاج الذي يشمل أيضا الحصول على  دعم الأهل والأصدقاء.

ماذا تفعل أدوية الفصام؟

أدوية الفصام تساعد على:

• إضعاف وتخفيف الأوهام والهلوسه بالتدريج
• التفكير بشكل أكثر وضوحا
• زيادة نشاط الشخص وقدرته على الاعتناء بنفسه

الفصام عالميا

انفصام الشخصية اضطراب نفسي شديد يؤثر على 24 مليون شخص تقريبا أو على شخص واحد من كل 300 شخص في جميع أنحاء العالم، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

يسبّب انفصام الشخصية الذهان ويعدّ معيقا إلى حد كبير وقد يؤثر على جميع مجالات الحياة، كالأداء الوظيفي الشخصي والأسري والاجتماعي والتعليمي والمهني.

وتقول المنظمة إن أكثر من شخصين من كل 3 أشخاص مصابين بالذهان في العالم لا يحصلون على الرعاية المتخصصة في مجال الصحة النفسية.