(الفترة الانتقالية) .. المجلس الأعلى للدولة بديلاً للسيادي
الخرطوم: سنهوري عيسى
تشهد الساحة السياسية السودانية جدلا كثيفا حول إدارة الفترة الانتقالية ومهامها وفرص تجاوز الأزمة السودانية الراهنة في ظل حالة الاستقطاب السياسي والتدخلي الخارجي في شؤون البلاد الداخلية، بينما طرح الخبير الاستراتيجي والامني دكتور محمد خوجلي الأمين المدير العام والمؤسس لأكاديمية الدراسات الاستراتيجية والأمنية الأسبق، رؤية للحل تشمل هيكلة مؤسسات الدولة العليا التى تمثل فيها كل السلطات بهدف معالجة أوجه القصور والعقبات والإشكالات التى تلازم الفترة
الانتقالية ، بجانب استكمال متطلبات الهيكلة علي نحو منهجي، خاصة وأن الفترات قبل الانتقالية تتسم عادة بكثير من الجدل السياسي الذي يتميز بالتهريج وغياب الفكر قبل الإتفاق على تشكيل مؤسسات إدارة الدولة العليا السيادة والتنفيذية والتشريعية التى تشكل على عجل دون تحديد واضح للمسؤوليات، سيما علي المستوي الاستراتيجي مثل المرتكزات والمرجعيات القيمية في ظل عدم وجود دستور دائم يحوي المبادئ التى تحدد معالم الهيكلة ومتطلباتها.
المرجعية الفكرية والمرتكزات
وأوضح دكتور محمد خوجلي الأمين المدير العام ومؤسس أكاديمية الدراسات الاستراتيجية والأمنية الأسبق، أن المرجعية الفكرية والمرتكزات لهيكلة مؤسسات الدولة العليا تشمل القيم والمبادئ الأساسية الدافعة للارادة الوطنية التي يجب أن تستوفي شروطها المطلوبة والمتمثلة في تحقيق السلم كغاية عظمي يسعي لتحقيقها كل العالم ، وأن تصلح لتكون مرتكزا لنظم وأعمال الإدارة العليا للدولة لا تتعارض مع مناهج التفكير الاستراتيجي
متطلبات الإنتقال
وأكد دكتور محمد خوجلي في ورشة (الاعلام واستراتيجية الأمن القومي) التى نظمها مركز تدريب القيادات بأكاديمية الدراسات الإستراتيجية والأمنية بالتعاون مع المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية، أن متطلبات الانتقال تشمل المشاركة الواسعة لمعظم (إن لم يكن كل) عناصر المشهد خاصة الفاعلين، والتعامل الحكيم وعدم استعداء أي جهة أو طرف من مكونات المشهد، وحفظ القانون والنظام والتعامل المناسب مع عناصر ورموز النظام السابق، وتلبية المطالب الشعبية الملحة مثل استرداد المال العام ورد المظالم والاستفادة من قانون الطوارئ والحالة الثورية في إجراءات التغيير الضرورية، وإعادة الاتزان للخطاب الإعلامي، وتحديد شعارات المرحلة التى توحد الإرادة الوطنية، وحفظ أمن المواطنين خاصة العناصر الفاعلة في المشهد السياسي.
أهم قضايا الإنتقال
وأوضح دكتور محمد خوجلي، أن أهم قضايا الإنتقال تكمن في الاتفاق على المبادئ والقيم والمرجعية الفكرية، ووضع برنامج الحكومة الإصلاحي التمهيدي للتغيير ، واصلاح أجهزة ومؤسسات الدولة، وتفكيك مؤسسات النظام السابق، والإصلاح الإداري ، واسترداد المال العام، ومكافحة الفساد، وتنظيم العمل الحزبي ، والإعداد للانتخابات، والإعداد وللدستور الدائم للبلاد، ومتابعة تحسين الخدمات المعيشية وارساء القيم والمبادئ الأساسية لدفع الإرادة الوطنية ، وهيكلة وتنظيم مؤسسات التخطيط وتفعيلها وتنقيح ومراجعة الخطط الاستراتيجية.
هيكلة وتنظيم السلطة السيادية
ودعا دكتور محمد خوجلي الي هيكلة وتشكيل مؤسسات العليا بالدولة خلال الفترة الانتقالية وتنظيم السلطة السيادية، بمنهجية وموضوعية لتصبح رئاسة جمهورية السودان (المجلس الأعلى للدولة) والذي تكمن واجباته في ممارسة المهام السيادية ورعاية قيم الاستراتيجية الكبري والتى غايتها السلام، بينما يتكون المجلس الأعلى للدولة من رئيس المجلس الأعلى للدولة وهو (رئيس المجلس العسكري،
ونائب رئيس المجلس الأعلى للدولة وهو ( نائب رئيس المجلس العسكري) ، وعضو المجلس (رئيس القضاء والذي يرشحه القضاة، وعضو المجلس (رئيس المجلس التشريعي)، وعضو المجلس (رئيس هيئة كبار العلماء مرشح من كبار العلماء) وعضو المجلس (مرشح من كبار العلماء المفتين).
المجلس الأعلى للسلام والأمن
واقترح دكتور محمد خوجلي تشكيل المجلس الأعلى للسلام والأمن والذي يعتبر (هيئة استشارية للمجلس الأعلى للدولة) من بقية أعضاء المجلس العسكري الانتقالي ووزير الدفاع ووزير الداخلية ومدير الأمن والمخابرات ورئيس هيئة الأركان المشتركة.
مجلس الوزراء الاتحادي
واقترح دكتور محمد خوجلي تشكيل مجلس الوزراء الاتحادي من رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الشؤون السياسية ووزير الشؤون الاقتصادية ووزير الشؤون الاجتماعية ووزير العلاقات الدولية ووزير العلوم والتقانة ووزير الإعلام والاتصالات.
واضاف: يكون رئيس الوزراء الاتحادي مسؤولا عن الاستراتيجية الوطنية والتى غايتها الأمن الوطني الشامل، وترتكز علي العلم والمعرفة والمؤسسية والقانون والإعداد الجيد والإحسان، بينما تكمن واجبات السلطة التنفيذية العليا في رعاية قيم الاستراتيجية الوطنية الشاملة، حيث يكون رئيس الوزراء الاتحادي مسؤولا عن تنفيذ الاستراتيجية الوطنية وقيمها وغايتها المتمثلة في تحقيق الأمن الوطني الشامل.
وأوضح دكتور محمد خوجلي، مهام وزير الشؤون السياسية والمتمثلة في تنفيذ الاستراتيجية السياسية للدولة والتى غايتها الإصلاح وترتكز علي الحرية والرأي المرجعي (الشوري + الأغلبية) ، بينما يقوم وزير الشؤون الاقتصادية بتنفيذ الاستراتيجية الاقتصادية والتى غايتها التنمية والإعمار وترتكز علي العمل والإنتاج، فيما يقوم وزير الشؤون الاجتماعية بتنفيذ الاستراتيجية الاجتماعية التي غايتها العيش الكريم والتماسك والاعتصام بالقيم الفاضلة ومرتكزاتها (فرد مكرم متعلم مزكي ، صحيح معافي قوي) في أسرة راعية.
ومضى إلى القول: وزير الشؤون الخارجية يقوم بتنفيذ استراتيجية العلاقات الدولية والتى غايتها التعارف والتنافع ومرتكزاتها التعاون علي الخير وما ينفع الناس، وحفظ البيئة وعدم الفساد ، بينما يقوم وزير شؤون الدفاع والأمن بتنفيذ استراتيجية الدفاع والأمن والتى غايتها الدفاع والأمن وحفظ الأرض والشعب والمقدرات ، فيما يقوم وزير العلوم التقانة بتنفيذ الاستراتيجية
المعرفية التي غايتها الإنتاج الفكري والتقدم العلمي والتقني ومرتكزاتها الاستفادة من إشراقات الماضي ومعايشة التقدم الحاضر والاستنباط، أما وزير الإعلام والاتصالات يقوم بتنفيذ استراتيجية الاعلام و الاتصالات والتى غايتها دفع الإرادة الوطنية بالداخل وتحسين الصورة الذهنية بالخارج ، ومرتكزاتها التصدي للاستهداف الإعلامي المعادي والتوعية والتثقيف.
ونوه دكتور محمد خوجلي، الي ضرورة تنظيم كل الوزارات والمؤسسات والهيئات والوحدات في مستوى الإدارة التنفيذية الإتحادية داخل هذه الوزارات السبعة وعلى رأسها إما وزير دولة أو مدير عام أو رئيس هيئة.
هيكلة السلطة التنفيذية الولائية
ودعا دكتور محمد خوجلي ، إلي هيكلة وتنظيم السلطة التنفيذية الولائية، بحيث تتكون من مجلس الوزراء الولائي والذي يقوم بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية بالولايات، ورعاية قيم الاستراتيجية الوطنية الشاملة، بينما يتكون مجلس الوزراء الولائي من (الوالي) وهو رئيس الحكومة الولائية ويقوم بتنفيذ استراتيجية الدولة في الولاية بواسطة الوزراء الولائيين، ويباشر الاشراف
على تنفيذ استراتيجية الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية والإعلام والاتصالات، بينما يتكوين مجلس الوزراء الولائي من والي الولاية الي جانب وزير الشؤون السياسية ووزير الشؤون الاقتصادية ووزير الشؤون الاجتماعية.
واضاف: يقوم الوزير الولائي للشؤون السياسية بتنفيذ الاستراتيجية السياسية في الولاية، ويقوم الوزير الولائي للشؤون الاقتصادية بتنفيذ الاستراتيجية الاقتصادية بالولاية، ويقوم الوزير الولائي للشؤون الاجتماعية بتنفيذ الاستراتيجية الاجتماعية في الولاية وكذلك الاستراتيجية المعرفية.
هيكلية الهيئة التشريعية
واقترح دكتور محمد خوجلي، هيكلة وتنظيم الهيئة التشريعية والرقابية لتصبح (7) لجان كل لجنة في مقابل واحدة من الاستراتيجيات الفرعية السبع بالإضافة إلى لجنة كبري لمتابعة الاستراتيجية الوطنية ، ولجنة لمتابعة الدستور الدائم والإستراتيجية الكبرى .
واضاف: لابد من السعي الجاد لجمع الأحزاب والحركات وممثلي الشعب في تيارات أو كتل برلمانية اثنتين أو ثلاثة علي الأكثر لتسهيل وتوفير الفرص الكافية للمناقشات والتداول والعمل التشريعي والرقابي ، الي جانب إعادة تشكيل وتحديد صلاحيات
المجالس الاستراتيجية التى تعين السلطات المختلفة علي التخطيط واتخاذ القرار والمتمثلة في المجلس الأعلى للاستراتيجية ومجلس الاستراتيجية الوطنية الشاملة، والمجلس الوطني للاستراتيجية السياسية، والمجلس الوطني للاستراتيجية الاقتصادية، والمجلس الوطني للاستراتيجية الاجتماعية، والمجلس الوطني لاستراتيجية العلاقات الدولية، والمجلس الوطني لاستراتيجية الأمن والدفاع، والمجلس الوطني لاستراتيجية التقدم العلمي والتقني، والمجلس الوطني لاستراتيجية الاعلام والاتصالات.
الهدف الوطن لا المحاصصات
ونوه دكتور محمد خوجلي، الي ضرورة أن يكون الهدف الأول الذي يجب أن يوضع نصب الأعين عند هيكلة وتشكيل مؤسسات الادارة العليا للدولة يجب أن يكون (الوطن) وليست المحاصاصات أو الاسترضاءات لأنه من هذه النقطة يتحدد المستقبل للدولة ، إما ( دولة قوية أو ضعيفة أو فاشلة أو زائلة) .
وأعرب دكتور محمد خوجلي، عن أمله في أن تكون الورشة قد القت الضوء علي مشكلات الاعلام والأمن الوطني بصورة منهجية تبين المسار الاستراتيجي السليم الذي يؤدي إلى النهضة والتقدم والتحول من الواقع المازوم إلي المستقبل المشرق المحتوم ، ومن رؤية الي نور وبصيرة، ومن احباط إلي ثقة، ومن قعود الي نهوض، ومن ضعف إلي قوة، ومن فشل إلي نصر.
الإجماع علي فكرة وطنية جامعة
ودعا دكتور محمد خوجلي، الي جمع فئات الشعب السوداني علي فكرة وطنية جامعة تبني عليها هيكلة مؤسسات الإدارة العليا للدولة ، واهمها العقل الاستراتيجي للدولة الذي يضم مركز التنسيق الإعلامي الذي تنطلق منه أولي خطوات حل المشكلات بين الأمن والإعلام.