مقالات

الصادق يسين يكتب : يا اهل الخير ..مرضي القلب اولي بالسؤال ..!

علي خطي الاصلاح
الصادق يسين
alsadigyasin2020y@gmail.com

يا اهل الخير ..مرضي القلب اولي بالسؤال ..!

فان كنت الطبيب فما علاج ..
لذنب فوق راسي كالجبال
نسأل ما الدواء اذا مرضنا ..
وداء القلب اولي بالسؤال .
منذ فترة ليست بالقصيرة قادتني الظروف للدخول لمستشفي الشعب التعليمي مرافقا لاخي المريض والذي مكث علي سرير العناية المركزة بها لاكثر من اسبوعين ومن بعدها غادر هذه الفانية الي رحاب الله وسعة رحمته .. تلك الفترة التي مكثتها بالقرب منه وفي ذلك المشفي العريق جعلتني اكثر الماما بنوعية الامراض التي يؤتي ميمما بها نحو هذا المشفي وبطبيعة كوادره ومواصفات العاملين فيه من اطباء وممرضين وفنيين وعمال وكم اختزنت في ذاكرتي حينها كثيرا من تلك المشاهد التي تدمي القلوب وكثير من الصور التي قررت ان اكتب عنها حينها ولم اكن اتمكن من ذلك دون اسباب تذكر ولكن قطعا لم يكن النسيان او عدم الاهتمام سببا من بين تلك الاسباب الي ان ادخلتي الاقدار الي ذات المشفي قسرا مرة اخري وكنت حينها مرافقا لزوجتي وزميلتي (بثينة ابو القاسم) وكانني كنت اقف هذه المرة امام مجلد او كتاب سبق ان اطلعت علي جزء من اوراقة وحان الوقت الذي يجب ان استكمل مطالعة ماتبقي منه .. إجترت خواطري شريط من زكريات الامس المؤلمة وكانها تزكرني بعهدي الذي قطعته بيني وبين نفسي في ان اكتب عنها وبين الفينة والاخري كانت تتكرر تلك السيناريوهات القاسية والمؤلمة والتي كانت كلها تدعو وتؤكد ان الانسان مهما اتاه الله من قوة ومنعة وصحة (وسلاطة لسان).. يمكن في ثواني ان يكون اوهن من (بيت العنكبوت) واضعف من (نملة سليمان).. التي كانت تحزر بنات جنسها من مايمكن ان يصيبهم من دمار وتحطيم نتاجا لمرور جنوده في ذلك الوادي .. كان المشفي هادئيا إلا من آهات وأنات المرضي الذين يتنادون طلبا للعلاج او لاخذ جرعة هواء من اكسجين الحياة بعد ان ضعفت قلوبهم وتمردت شرائن الدم في اجسادهم .. فخارت تلك الاجساد من بعد قوة ومنعة وارتمت تطلب الرحمة بالعلاج في لحظات يمكن ان يكون الفاصل في مابينها وبين الموت (مكينة) تتمدد انابيبها واسلاكها كالاخطبوط الذي يحيط بفريسته فتطلق صافرتها بين الفينة والاخري صوتا تخاف ان ينقطع فتنقطع صلة انسان بالاحبة والاعزاء من الابناء اوالبنات وعندها تعلو الصيحات والصريخ والعويل .. وبعد ان كنت تري جهاد ملائكة الرحمة من الاطباء والممرضين والفنيين ومكابدة المريض تعلم انك لم تكن تري ان الله يجسد اياته للناس تبيانا للحق ومصداقا لقوله تعالي ( ولو لا اذا بلقت الحلقوم وانتم حين اذن تنظرون ونحن اقرب اليه منكم ولكن لاتبصرون )..كل هذا وكثر يحدث في مشفي المرضي فيه يحتاجون للبيئة التي تعين علي الهدوء وتقوي الروح ولكن تقف الامكانيات عاجزة ..كل هذا يحدث في مشفي العامل فيه كالملاك خلقا واخلاقا وتجرد وايمان وهو يفتقد حتي لبعض دراهم الشائ الذي يهدي الاعصاب .. كل هذا يحدث في مشفي يدخله في اليوم اكثر من ثلاثون مريض ومابين كل مريض ومصيبة الموت ماكينة هي نفسها تإن وتحتاج للانعاش ..كل هذا يحدث في مشفي لم اجد مسمي يليق ان اصف به كوادره واطباءه ولكن حتما هم اناس قد خلقوا من طينة الملائكة او الانبياء او الرسل نعم هم بشر تتالم ارواحهم وتتكدر نفوسهم وتتعب اجسادهم وتنهمر في لحظات حرجات دموعهم وهم يصارعون مع مريض ليعيدوا البسمة علي شفاه ( اسر واطفال بذي مرخ.. زقب الحواصل لا ماء ولاشجر ).. ربها بين ايديهم.. وامره بين رحمة من كان امره بين الكاف والنون ..
كل هذا يحدث في وقت لاتمتلك الدولة ماتستطيع ان تدفع به عن (جمعهم ) الامراض ولكن .. تستطيع ان تدفع عن ( بعضهم بعناء ) .. فاين دور اهل الخير والمعروف واين الذين اختصهم الله بقضاء حوائج الناس..؟ حتما هم موجودون وها نحن ننير لهم شمعة في طريق اظلمته اقدار الحياة امام المساكين، فمن يستطع ان يمد (يده بيضاء من غير سوء ) فليتفقد المشافي .. فهناك من يفارق الحياة لانه لايستطيع توفير ثمن الحقنه .. وهناك اطباء يدفعون من راتب لايكفي حتي حق المواصلات لمريض بينه وبين الموت فقط (عجز القادرين علي التمام) .. وصدق الشاعر حين قال
ولم اري في عيوب الناس عيبا
كنقص القادرين علي التمام
اخيرا شكرا دكتورة سهي ..شكرا د احمد صديق شكرا كل اطباء بلادي في كل تخصص ومرفق فانتم نجوما في سمؤات تتلبد بالقيوم .

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى