السعودية تطلق برنامجها لرواد الفضاء.. التفاصيل وموعد أولى الرحلات
السعودية تطلق برنامجها لرواد الفضاء.. التفاصيل وموعد أولى الرحلات
في إطار سعيها لاقتحام عالم الفضاء وعلومه وإعداد كوادر وطنية في هذا المجال، أعلنت السعودية عن برنامجها لرواد الفضاء من أجل تحقيق تطلعات المملكة في مجال الاستكشافات والإسهامات العلمية.
“برنامج المملكة لرواد الفضاء” الذي أطلقته الهيئة السعودية للفضاء، بالتزامن مع الاحتفال باليوم الوطني السعودي الـ92 لتأسيس المملكة، يهدف إلى تأهيل كوادر سعودية متمرسة لخوض رحلات فضائية طويلة المدى وقصيرة، والمشاركة في التجارب العلمية والأبحاث الدولية والمهام المستقبلية المتعلقة بالفضاء.
كما يهدف إلى الاستفادة من الفرص الواعدة التي يقدمها قطاع الفضاء وصناعاته عالميا، والإسهام في الأبحاث التي تصبّ في صالح خدمة البشرية في مجالات عديدة، مثل الصحة والاستدامة وتكنولوجيا الفضاء.
ومن المقرر أن يتم إطلاق أولى الرحلات عام 2023، وسيضم أول طاقم رائدة فضاء، لتصبح أول امرأة سعودية يتم إرسالها إلى الفضاء بمشاركة رائد من مواطنيها.
ويأتي إعلان السعودية عن هذا البرنامج في أعقاب تقارير صحفية ذكرت أن المملكة تعتزم إرسال رائدي فضاء إلى محطة الفضاء الدولية، على متن كبسولة من شركة “سبيس إكس” المملوكة لرجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك، لتصبح أحدث دولة خليجية تعزز العلاقات مع شركات الفضاء الأميركية الخاصة.
رأس المال البشري
وبموجب اتفاق مع الشركة، سينطلق رائدا الفضاء السعوديان على متن الكبسولة “كرو دراغون” من سبيس إكس في رحلة إلى محطة الفضاء الدولية لمدة أسبوع تقريبا في أوائل العام المقبل 2023، ليكونا بذلك أول سعوديين يذهبان إلى الفضاء على متن مركبة فضائية خاصة.
ومن المقرر أن ينضم رائدا الفضاء السعوديان إلى اثنين من الأميركيين أُعلن اسماهما سابقا، وهما رائدة الفضاء المتقاعدة من ناسا بيجي ويتسون، وقائد سيارات السباق المستثمر جون شوفنر، بحسب وكالة رويترز.
وتستعد المملكة لإطلاق الإستراتيجية الوطنية للفضاء خلال الأشهر القادمة، والتي ستقدم عرضا مفصلا لجميع برامج الفضاء السعودية وأهدافها التي تسهم في خدمة الإنسانية.
وبرنامج السعودية لرواد الفضاء يأتي كحزمة متكاملة ضمن رؤية 2030 الإستراتيجية لتنمية المملكة، وفي إطار خطتها الرامية إلى تنمية رأس المال البشري في علوم الفضاء وتطبيقاته، حيث تسعى الهيئة السعودية للفضاء لبناء رأس المال البشري حتى يكون رافدا أساسيا لصناعة الفضاء وتعزيز الميزة التنافسية للمملكة.
وفي محاولة لتحقيق هذه الأهداف، أطلقت الهيئة السعودية للفضاء في أغسطس/آب من العام الماضي المرحلة الأولى من برنامج “ابتعاث الفضاء” لنخبة من الطلاب في أفضل 30 جامعة عالمية، في تخصصات علوم وتقنيات الفضاء لمرحلتي البكالوريوس والماجستير، وتشمل هندسة الطيران والفضاء، وعلوم الفضاء، وسياسات الفضاء.
الاستثمار في أبحاث الفضاء
وتؤكد الهيئة أن الهدف من برنامج “ابتعاث الفضاء” هو تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، بتوفير معارف نوعية للمتميزين في المجالات ذات الأولوية مثل قطاع الفضاء، وتعزيز قدرات المملكة في مجالات البحث والتطوير والابتكار في قطاع الفضاء عبر ابتعاث الطلاب في الجامعات المتميزة، بالإضافة إلى تعزيز الشراكة والتبادل العلمي مع أعرق الجامعات ومراكز البحث والتطوير والمؤسسات البحثية العالمية المتخصصة في علوم الفضاء.
الجهود السعودية لم تتوقف عند برنامج ابتعاث الفضاء فحسب، فقد وقّعت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (كاكست)، وشركة “لوكهيد مارتن” الأميركية بواشنطن، في مايو/أيار الماضي، اتفاقية تعاون لتطوير تقنيات الفضاء والطيران والاستثمار في أبحاثها المتقدمة.
وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز وتنمية اقتصاد الفضاء والاقتصاد الرقمي والابتكار، وتطوير القدرات البشرية للمملكة، وتشمل مجالات التعاون المشروعات التي من شأنها تعزيز قدرات البحث والتطوير في قطاع الفضاء بالمملكة، وتحديد المشروعات المناسبة للتنفيذ المشترك.
كما خطت السعودية خطوة كبيرة نحو قطاع الفضاء، بعدما أعلنت في يوليو/تموز الماضي عن توقيع اتفاقية “أرتميس” مع وكالة الفضاء الأميركية “ناسا”، للانضمام للتحالف الدولي في مجال الاستكشاف المدني واستخدام القمر والمريخ والمذنبات والكويكبات للأغراض السلمية، التي تتضمن أيضا الانضمام إلى التحالف العالمي لعودة الإنسان مجددا إلى القمر.
حضور دولي
والهدف من الاتفاقية التي تتضمن 13 بندا، هو تعزيز الحضور السعودي دوليا والمساهمة الفاعلة في المشاريع الدولية المشتركة، فضلا عن ترسيخ مكانة المملكة في مجال “الفضاء الجديد” من خلال مساهمتها في أنشطة الفضاء الناشئة من خلال المهمات العلمية والاستكشافية وتعزيز اقتصاد الفضاء، وتطوير القدرات البحثية ورأس المال البشري.
وإلى جانب ذلك، يشكل انضمام السعودية إلى اتفاقية “أرتميس” تأكيدا لالتزامها بالاستكشاف والاستخدام السلمي والمسؤول المستدام للفضاء، في إطار خطتها للتنويع الاقتصادي التي تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير آلاف الوظائف للشباب السعودي.
ويتضمن تنفيذ اتفاقية “أرتميس” 3 مراحل، هي: إرسال مهمات فضائية غير مأهولة لإجراء الاختبارات والتجارب العلمية، تعقبها مرحلة إرسال مهمات فضائية مأهولة برواد فضاء وخبراء للاستكشاف والعودة دون النزول على سطح القمر، وصولا إلى المرحلة الثالثة التي يتم فيها النزول على سطح القمر واستكمال الأبحاث والاستكشاف، حيث تمهد المراحل الثلاث للبشرية لاستكشاف الفضاء والأجرام السماوية الأخرى.
علاقة السعودية واهتمامها بالفضاء ليست علاقة حديثة، بل تمتد عقودا، حيث إن الأمير السعودي سلطان بن سلمان بن عبد العزيز كان أول رائد فضاء عربي ومسلم يجوب الفضاء في رحلته عام 1985 مع المكوك الفضائي الأميركي “ديسكفري”.
وفي هذا الصدد، نفذت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية تجارب علمية في الفضاء بالتعاون مع وكالة الفضاء الأميركية “ناسا”، وجامعة ستانفورد على متن القمر “سعودي سات 4″، وشاركت في مهمة استكشاف القمر “تشانغ إي 4” بالتعاون مع وكالة الفضاء الصينية عام 2018، في مهمة نادرة لاستكشاف الجانب غير المرئي من القمر.
وبهدف الإسهام في إعداد جيل من المبتكرين، شاركت فرق سعودية تحت رعاية وإشراف الهيئة السعودية للفضاء، في تحدي “ناسا الدولي لتطبيقات الفضاء”، بتقديم حلول ابتكارية للتحديات التي تواجه الأرض والفضاء، والتي أُقيمت فعالياته في الثاني والثالث من أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي.
وتمكّنت المملكة من حصد عدة مراكز متقدمة، منها: الأولى عالميًا في قائمة أفضل المشروعات المرشحة على مستوى العالم، والأولى على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن قائمة الشرف لأفضل 20 مشروعًا مشاركًا في تحدي ناسا الدولي، والأعلى عالميا بنسبة المشاركة بـ16% من إجمالي المشاركات الدولية المرشحة.
ويؤكد الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للفضاء الدكتور محمد بن سعود التميمي، أن المملكة تولي اهتماما كبيرا لمجال الفضاء واقتصاده، امتدادًا لما بدأته بأول رحلة فضاء عام 1985، وصولاً إلى التطلع لتكون من الدول الرائدة في مجال الفضاء بحلول عام 2030، مشددا على أن استكشاف الفضاء ليس إنجازًا علميًا فحسب، بل هو أيضا مورد اقتصادي مهم، وعامل من عوامل ازدهار البشرية.