الدكتور مصطفى محمد محمد صالح يكتب : مفهوم السعاد
خواطر فكريه(1)
بقلم الدكتور مصطفى محمد محمد صالح مفهوم السعادة
تشكل السعاده أحد المفاهيم الأساسية ، ومصدرا مهما لتوليد الطاقة الحيوية، والدافعه لحركة الحياه الانسانيه ، بل يمكن القول: بأنها جوهره ثمينة يبحث عنها، ويسعي اليها كل إنسان بجد واجتهاد للحصول عليها بأي ثمن ، مهما كانت الظروف والتحديات والصعوبات، لأن الحياه لاتستقيم بدونها ،أو مجرد وجود الأمل في الحصول عليها ،يساعد كثيرا علي توليد قوه الدفع في الاستمرار الإيجابي نحوها والسؤال المطروح للبحث والفكر والدراسة بسيط جدا هو: هل أنت سعيد؟ لكن الاجابه عليه ،قد تبدوا بسيطه جدا من أول وهلة، وحقيقتا، هي غير ذلك، حيث نجد اختلاف الناس حول طبيعتها ، ومفهومها اختلافا كبيرا ، ويعز ذلك لاختلاف تصوراتهم الذهنيه، فقد نجد أن البعض يقول لك: أنه غير سعيد ، والبعض الآخر يقول :انه في غايه السعادة وقمتها، في حين نجد أيضا أن البعض يقول: انه لايدري هل هو سعيد أو غير ذلك ؟ ويتسأل ماهي السعاده ومالونه وطعمها؟ يلاحظ التباين الكبير في الإجابات راجع إلى النظر لمفهوم السعاده من زوايا ومداخل مختلفه ، حيث يعتقد البعض بأن مفهوم السعاده: في إشباع الحاجات والغرائز والبعض الآخر :في زوجه جميله جدا، ومنزل فاخر ،وعربه فارهة، أرصدة ماليه كبيره في البنوك ، وحالة صحيه ممتازه، وأولاد ، العوده للوطن بعد فتره غياب . هل يعني ذلك أن السعاده لغز غامض المفهوم ؟ وأمر محير يصعب تحديده بدقه وتوصيفه ؟ ولكن فى رأي من خلال التدقيق والملاحظه لمفهوم واقع السعاده نجد أنه ليس كل ما ذكر صحيح ، لأن مفهوم السعاده يتحدد بناء على القاعده الفكريه التي نؤمن بها – أي علي أساس العقيده -و التي إنظر من خلالها إلى الكون والحياة والإنسان من خلال، زاويه خاصه إلا وهي: لا اله الا الله محمد رسول الله ، ونحن معشر المسلمون نمتلك أرقى أنواع الفكر لانه قائم على فكره كليه ثبت صحتها وصدقها . وبالتالي فإن المفهوم الصحيح للسعادة هي: أن ننال رضوان رب العالمين لذلك فإن الأصل في المسلم أن يتقيد في جميع أفعاله، وتصرفاته بأحكام الإسلام ، باعتبار ذلك من مقتضي العقيده الاسلاميه ، عليه فالطريقة الوحيدة لدرب السعاده ولا غيرها هي : التقيد بمنهج رب العالمين فكرا وسلوكا ولقد جاء في الأثر أن رجلا أتي لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه طالبا النصيحه فقال له :ياامير المؤمنين لدي الرغبه في العمل في السوق فسأله عمر: هل تفقهت في الدين، ولم يسأله عن أي شيء آخر عن خبرته في التجاره مثلا، أو راسماله كم؟بالرغم من اهميتها فأجاب الرجل :كلا ياامير المؤمنين، فقال له عمر: ويحك إذهب فتفقه في الدين ثم ادخل السوق أي عليك أن تدرك جمله الأحكام الشرعية التي تسير بها اعمالك في السوق وبالتالي فإن السعاده يمكن توصيفها :بأنها إحساس صادق داخلي وعميق يعبر عن صفاء القلوب ونقاءها وطهارتها وعلي الرضي والقبول بأمر رب العالمين -من الوقائع وألاحداث- وتفسيرها تفسيرا إيمانيا بالحمد في مقام النعم والصبر في مقام النقم و الابتلاءات، مما يجعل الإنسان يسير في معترك الحياه، بصوره متوازنة، تجعله يندفع في طريق النهضة والارتقاء ، بصوره إيجابية ، من أجل عماره الأرض وفق مجموعه من القيم والأخلاق الرفيعة وليست الغريزيه. سأل أحد الحكماء عن السعاده فقال: عافيه في الدنيا وعفو في الآخرة . أسأل الله الكريم رب العظيم لي ولكم العفو والعافية والسعادة في الدنيا والآخرة.