إبراهيم شقلاوي يكتب: .. وجه الحقيقة..السودان : تحركات إقليمية ودولية وبداية حصاد النقاط
![](https://i0.wp.com/alahdonline.net/wp-content/uploads/2022/05/%D8%B4%D9%82%D9%84%D8%A7%D9%88%D9%8A.jpg?fit=350%2C233&ssl=1)
إبراهيم شقلاوي يكتب: .. وجه الحقيقة..السودان : تحركات إقليمية ودولية وبداية حصاد النقاط
ظل السودان خلال الحرب الحالية يتحرك في فضاء دبلوماسي وأمني مكثف على المستويين الإقليمي والدولي في مواجهة مليشيا الدعم السريع وداعميها داخليًا وخارجيًا . التحركات السودانية اعتمدت على استراتيجية دقيقة تهدف إلى استعادة الشرعية الدولية ،
وتعزيز صورة الدولة السودانية كمدافع عن سيادتها ضد أخطر مؤامرة شهدتها في تاريخها الحديث . الآن مع تطور الأحداث بدأ السودان يحصد ثمار هذه التحركات ، ليس فقط على مستوى تحسين العلاقات الخارجية ، بل أيضًا من خلال بناء مواقف داعمة إقليميًا ودوليًا . في هذا المقال نناقش هذه الافكار بالتركيز علي مؤتمر ميونخ للأمن وقمة الاتحاد الأفريقي .
كان من أبرز محطات السودان في هذا الإطار مشاركته الفعّالة في مؤتمر ميونخ للأمن ، وهو المنتدى الأمني الأهم عالميًا ، حيث مثّل السودان كل من وزير خارجيته د. علي يوسف ومدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل . هذه المشاركة أكدت على الأهمية الجيوسياسية للسودان ، وسلطت الضوء على نجاحات الجهاز الأمني والدبلوماسي في إحباط المؤامرات الخارجية ، وفضح دور مليشيا الدعم السريع أمام العالم .
التكامل بين التحركات العسكرية المتسارعة علي الأرض والأمنية والدبلوماسية ظهر بوضوح في اختراقات السودان على الساحة الأوروبية ، خاصة مع فرنسا وإيطاليا . زيارة المبعوث الفرنسي إلى السودان وتصريحاته الداعمة للحكومة السودانية ورفضه التعامل مع مليشيا الدعم السريع بحسب وكالات تمثل نجاحًا واضحًا للدبلوماسية الأمنية .
مؤتمر ميونخ الذي شهد على مر تاريخه تقريب وجهات النظر بين القوى الكبرى ، أتاح للسودان فرصة استثنائية لإجراء لقاءات ثنائية مع ممثلي الدول الفاعلة عالميًا مثل ألمانيا وقطر ومصر ، إلى جانب وفود الاتحاد الأوروبي . هذه اللقاءات ركزت على تقديم السودان كدولة مسؤولة تبحث عن الاستقرار الإقليمي ، وتعمل على حماية المدنيين ، رغم الظروف القاسية التي فرضتها عليه الحرب .
على الصعيد الأمني حقق جهاز المخابرات العامة السوداني اختراقات حاسمة في عزل مليشيا الدعم السريع عن داعميها الإقليميين والدوليين . النجاح في بناء علاقات جديدة مع أجهزة مخابرات دولية ، من بينها لقاءات الكواليس في ميونخ التي لم يفصح عن تفاصيلها لطبيعتها الأمنية ، مكّن السودان من عزل الموقف البريطاني وتجسير العلاقات مع فرنسا . هذه التحركات تعكس قدرة السودان على إدارة لعبة المصالح الكبرى بمهارة رغم التحديات .
في الإطار الإقليمي، ظهر دعم عدد من الدول الأفريقية مثل مصر والجزائر وجنوب أفريقيا وإثيوبيا للسودان في مواجهة مليشيا الدعم السريع . هذا الدعم تمثل في تبني مواقف واضحة في الاتحاد الأفريقي لإدانة التمرد ، مع دعم خريطة الطريق السودانية لتشكيل حكومة مدنية انتقالية .
يواصل السودان حصد النقاط السياسية والدبلوماسية والأمنية لتحقيق دعم إقليمي ودولي يسهم في تعزيز استقراره وتثبيت شرعيته . وفي هذا السياق أصدرت وزارة الخارجية السودانية بحسب “منصة أخبار السودان “بيانًا رحبت فيه بمقترح تقدمت به دول أعضاء في الاتحاد الإفريقي لإدانة تمرد مليشيا الدعم السريع ، مؤكدة وقوفها مع الشرعية السودانية ومؤازرة الحكومة الانتقالية وقوات الشعب المسلحة .
البيان السوداني أشار بوضوح إلى مواقف إيجابية لدول أفريقية بارزة منها مصر والجزائر وجنوب إفريقيا وإريتريا وتونس ومالي والصومال والسنغال وكوت وساحل العاج وبوروندي وموريتانيا وبوتسوانا والتي أكدت دعمها للشرعية السودانية وخارطة الطريق المقدمة من الحكومة الانتقالية لتشكيل حكومة مدنية . هذه المواقف الإقليمية تُبرز تضامن القارة مع السودان في ظل أزمته الحالية خاصة أن تلك الدول شددت على أهمية الحفاظ على مؤسسة الجيش باعتبارها قومية وضامنة لوحدة السودان واستقراره .
من جهته وفي تطور لافت أكد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في تغريدة له على منصة “إكس”، وقوف إثيوبيا بجانب الشعب السوداني في محنته. مشيرًا إلى الروابط العميقة والتاريخية بين البلدين ، حيث أعرب عن سعادته باستضافة المؤتمر الإنساني رفيع المستوى لدعم السودان . هذا التصريح يعكس التوجه الإقليمي نحو تكثيف الجهود الإنسانية والدبلوماسية لدعم الشعب السوداني خلال الأوقات العصيبة .
وفقًا لمصادر نقلتها “الجزيرة”، فإن مقترح إدانة تمرد قوات الدعم السريع كان مبادرة من الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي ، التي أكدت في الوقت ذاته على أهمية دعم خارطة الطريق السودانية ، مما يعكس إجماعًا إفريقيًا يعزز من موقف السودان في المحافل الدولية .
لكن الأزمة السودانية مؤكد تمثل تحديًا كبيرًا للقارة ، مع تعقيدات إنسانية هائلة وصراعات محتدمة. دعوات مجلس السلم والأمن الأفريقي لوقف إطلاق النار وإطلاق حوار شامل تعكس إدراكًا جماعيًا بخطورة الأزمة على السودان والمنطقة ككل . هذا الدعوة إن كانت جادة في دعم السودان بحسب مراقبين عليها أن تبدأ أولا بإعادة
تعريف الحرب بانها تمرد من قوات تم اسنادها بظهير اقليمي بذلك تكون البداية وقف هذا الإسناد والإمداد اللوجستي للمليشيا وتسمية الضالعين في إشعال الحرب وإدانتهم بصورة واضحة بالإضافة إلى دعم موقف السودان من خلال استعادة عضويته في الاتحاد الإفريقي .
في ظل التحديات الراهنة يعتمد السودان على تكامل أدوار مؤسساته الأمنية والدبلوماسية لتحقيق توازن بين الدفاع عن سيادته ، وإطلاق مبادرات سلام تضمن عودة الاستقرار . التنسيق بين التحركات العسكرية على الأرض ، والدبلوماسية المدعومة بقاعدة شعبية وسياسية قوية ، يتيح للسودان مساحة أكبر لإعادة بناء دولته ، وتعزيز موقعه في المحافل الدولية .
عليه وبحسب ما نراه من وجه الحقيقة فإن تحركات السودان الإقليمية والدولية خلال الأشهر الأخيرة تؤكد أن الدولة قادرة على مواجهة أصعب الأزمات ، من خلال العمل المنسق بين مؤسساتها المختلفة . نجاحاتها في مؤتمر ميونخ وفي إعادة بناء علاقاتها الإقليمية والدولية ، تضعها على أعتاب مرحلة جديدة من تعزيز الأمن والسلام ليس فقط داخل حدودها ، ولكن في محيطها الإقليمي أيضًا . لذلك بجب ان تستمر هذه التحركات الإيجابية لتعزيز موقف السودان في الانتقال السياسي والأمني عقب الحرب بما يضمن للسودانيين استدامة السلام .
دمتم بخير وعافية .
الأثنين 17 فبراير 2025 م Shglawi55@gmail.com