![](https://i0.wp.com/alahdonline.net/wp-content/uploads/2023/02/%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%87%D9%84-%D8%AA%D9%87%D9%8A%D9%8A%D9%94%D8%A9-%D8%A7%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%8A%D9%94%D9%87%D9%85-%D9%88%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%AA%D9%87%D9%85.jpg?fit=500%2C333&ssl=1)
متى وكيف يبدأ استعداد الأسرة عاطفيا لإرسال الأبناء إلى الجامعة؟
عمّان- قد يكون إرسال الأبناء إلى الجامعة أمرًا مؤلمًا لقلب الوالدين، يشابه اليوم الأول لالتحاقه بالمدرسة. آباء كُثُر يشعرون بالقلق والخوف عندما يصل أبناؤهم إلى عتبة المرحلة الأكاديمية، على الرغم من أنهم يُعدون “بالغين”، فهم لا يزالون في عيون آبائهم “صغارًا” غير مستعدين لخوض غمار الدراسة الجامعية.
يقول الاستشاري الأسري والتربوي الدكتور منير عقل إن على الأهل تهيئة أبنائهم وبناتهم للحياة الجامعية منذ بداية المرحلة الثانوية، وخير استهلال لهذا الموضوع هو بدء الحوار والنقاش معهم حول التخصص الجامعي الذي يرغبون في دراسته. ويفضل أن يُترك الخيار لهم في تحديد التخصص المناسب، والذي يتوافق مع ميولهم وإمكاناتهم.
“وهذا يكون مدخلاً مناسبًا للحديث معهم عن الحياة الجامعية المقبلة ومميزاتها وخصائصها ومحدداتها ومتطلباتها، والفرق بينها وبين الحياة المدرسية من حيث البيئة الجديدة وبناء علاقات مع زملاء جدد، وأسس بناء هذه العلاقات والهدف منها، والذي يجب أن يكون رافعًا ومساعدًا للتميز والتحصيل الأكاديمي، ومثمرًا في بناء الشخصية المسؤولة والجادة وصقلها”، وفق تعبير عقل.
حوارات متعاقبة وهادفة
يرى الدكتور عقل، في حديثه إلى “الجزيرة نت”، أن على الأهل استثمار هذه الحوارات المتعاقبة والمبرمجة والمدروسة والهادفة مع أبنائهم، لتوضيح ما يلي لهم:
- المسؤولية المختلفة: ففي الجامعة يُنظر إليك بأنك شخص بالغ ستكون محاسَبًا عن تصرفاتك وردود فعلك.
- التوقعات المختلفة: يُتوقع منك الكثير وليس الحد الأدنى من النجاح.
- الدراسة المختلفة: في الجامعة تختلف طريقة التدريس والتعلم من مادة إلى أخرى، ومن أستاذ إلى آخر.
- المنافسة المختلفة: إذ يختلف التقييم والتحصيل عنهما في المدرسة، وفي معظم الأحيان يكون تقدير الدرجة مقارنة بزملائك في الفصل. ففي الجامعة متفوقون آخرون من مدارس مختلفة، وبالتالي، فإن حصولك على الدرجات في المرحلة الجامعية يتطلب منك جهدًا أكثر.
الدكتور منير عقل: على الأهل استثمار الحوارات المتعاقبة والمبرمجة والمدروسة والهادفة مع أبنائهم في تحضيرهم للمرحلة الجامعية (الجزيرة)
التكيّف مع البيئة الجامعية
كما ينصح الدكتور عقل الأهل بضرورة تنبيه أبنائهم، من خلال الحوار الهادئ، بتجنب أسباب الإخفاق والفشل في الحياة الجامعية، والتي منها:
- عدم وضوح الهدف.
- اختيار التخصص غير الملائم للقدرات والرغبات الشخصية.
- عدم إعطاء الدراسة الجامعية حقها والانشغال عنها بأمور أخرى.
- التسويف في أداء المهمات.
- عدم الاهتمام بإدارة الوقت.
- عدم الاكتراث واللامبالاة بالأمور المهمة.
- التغيب عن المحاضرات بشكل لافت.
إلى ذلك، ثمة أسباب أخرى للفشل في المرحلة الجامعية مثل:
- ضعف القدرة على التفكير التحليلي والاستنباطي.
- الاستمرار في التفكير والتصرف كطالب في المرحلة الثانوية.
- الاستمرار في الاعتماد على الآخرين.
- الافتقار إلى المثابرة والعزيمة وضعف الرغبة في النجاح والتميز.
- عدم القدرة على الاندماج الاجتماعي وتكوين أصدقاء.
ويضيف الاستشاري الأسري والتربوي، “على الأهل توجيه الأبناء إلى الوسائل التي تساعدهم على التكيّف مع البيئة الجامعية، ومنها: الالتزام بالقيم والأخلاق الحميدة واحترام الآخر، ومعرفة الفروقات بين الجامعة وما قبلها، والبدء بصداقات ومعارف جديدة هادفة، والتفاعل وممارسة النشاطات المختلفة والمفيدة والتي تنمي الشخصية وتصقلها، والاعتدال في الرأي والتفكير ومعرفة التعليمات والأنظمة والإجراءات”.
![ماذا لو حاول ابنك المراهق التلاعب بعقلك؟](https://i0.wp.com/www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2022/12/shutterstock_2138280853.jpg?w=708&ssl=1)
ذكريات اليوم الأول
من جانبه، يقول المتخصص في علم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع إن مرحلة التحاق الابن بالجامعة تشبه مرحلة التحاقه برياض الأطفال والمدرسة، وعادة تكون لدى الآباء ذكريات مختلفة عن تفاصيل اليوم الأول للابن، فهناك فرحة وفي الوقت ذاته قلق وخوف كبيران.
ويشرح جريبيع في حديثه إلى “الجزيرة نت”، قائلاً “المرحلتان مختلفتان؛ ففي الأولى يتجه الطفل إلى المدرسة ولا يمتلك خبرة ولا معرفة. أما عندما يلتحق بالجامعة، فيكون قد تلقى خبرات وتجارب في المراحل المدرسية”.
ويردف: “في السابق، كانت المرحلة الجامعية تبدو صعبة في نظر الأبناء، نتيجة عدم معرفتهم شيئًا عنها. أما في الوقت الحاضر، فالطلبة يذهبون لزيارة الجامعات عن طريق المدارس أو برفقة أقربائهم. لكن تبقى مرحلة الجامعة مختلفة عن مرحلة المدرسة، ففي المرحلة الأكاديمية اعتماد على الذات بشكل أكبر. وهنا يأتي دور الأهل في كيفية تهيئة أبنائهم قبل الالتحاق بالجامعة وتحمل مسؤولية المرحلة”.
![](https://i0.wp.com/www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2022/03/2-41.jpg?w=708&ssl=1)
صورة كاملة للمرحلة الجامعية
يقول الدكتور جريبيع “يشعر كثير من الآباء والأمهات بالقلق في اليوم الأول، أو الأسبوع الأول لالتحاق الابن بالجامعة، ما يدفع بعض الأهل إلى مرافقته”.
ويلفت إلى أن دور الأهل دائمًا مهم في تأهيل أبنائهم وتهيئتهم في كل مرحلة جديدة من مراحل الحياة، ولكل مرحلة دور مختلف، لأن خبرات الأبناء تختلف بتطور المراحل. “هنا، يسعى آباء إلى نقل تجاربهم وخبراتهم الجامعية إلى أبنائهم حتى يتمكّنوا من رسم صورة عن هذه المرحلة، فهي مرحلة مهمة تحدد مستقبلهم، سواء بنوعية الدراسة أو بالمعلومات والمهارات التي سيكتسبونها”.
على كل حال، فإن كل مرحلة يرافقها نوع من القلق على الأبناء. وعلى الآباء ألا يُظهروا هذا القلق أمام الأبناء، حتى يتمكنوا من خوض المرحلة بيسر ونجاح.
إعداد الآباء عاطفيا
نشر موقع “بارينتس” (Parents) تقريرًا حول طرق إعداد الآباء عاطفيا قبل إرسال أبنائهم إلى الجامعة، ومنها:
- تولّي دور جديد: يقول الخبراء إن المفتاح يبدأ لدى الآباء من المرحلة الثانوية، استعدادًا للانتقال من دورٍ “رعائي” إلى دور “توجيهي”. ويمكن لأولياء أمور الطلاب الجامعيين أن يشعروا بالطمأنينة عندما يدركون أنهم لا يزالون مهمين في حياة أبنائهم -الذين كبروا- على الرغم من اختلاف أدوارهم بشكل كبير.
- حاجة الطالب لإرشاد والديه: تقول فيكي نيلسون، التي أسست “سنترال كوليغ بيرنتس” (Central College Parent) عام 2009 لتقديم النصائح لأولياء أمور طلاب الجامعات: “يحتاج الطلاب إلى والديهم لإرشادهم والاستماع إليهم وتفهّم هواجسهم”.
- تخفيف القلق بالتخطيط: يلعب نقص التحضير دورًا مضاعفًا في تصعيد مخاوف الوالدين وقلقهم، إذ غالبًا ما يكون الآباء والطلاب منغمسين في خطوات طلبات الجامعة والمنح الدراسية والمساعدات المالية، لدرجة أنهم لا يُولون اهتمامًا بالتغيّرات التي ستطرأ على نمط الحياة (الجامعية) المقبلة لأبنائهم، وكيفية الاستعداد لها.
- ضع جدولاً للبقاء على اتصال: يوصي الخبراء الآباء والطلاب بأن يقرّروا مقدمًا معًا عدد مرات الاتصال (اليومي) وأوقاته وطرقه.
- ابحث عن الدعم الخارجي: يمكن لأولياء أمور الطلاب الجامعيين الجدد الاستفادة بشكل كبير من البحث عن أساليب لتخفيف مخاوفهم العقلية والعاطفية. وعليه، فإن التواصل مع الآباء الآخرين في المرحلة ذاتها مفيد لتبادل الآراء والخبرات.